31/10/2010 - 11:02

إرحمونا من هذا الهراء/أحمد أبو حسين

إرحمونا من هذا الهراء/أحمد أبو حسين
من السهل أن نبحث عن نقاط خلاف مع أي مبدع، سواء كان شاعرا أو أديبا أو مفكرا أو حتى قائداً سياسياً متميزاً. ومن الأسهل أيضا أن نفتعل خلافا يخلّف بعض الغبار الإعلامي مع أي إنسان كان، وذلك بهدف الشهرة والتسلق ولو على حساب "النجوم"، بالضبط مثلما يشتكي أحيانا "الكومبارس" في السينما والمسرح لصفحات الفن أن "النجم" الفلاني قام بالإعتداء عليه أمام الملأ، وغالبا ما يتعاطف الناس مع هؤلاء الفقراء العاطلين عن العمل الذين يبحثون عن قوتهم اليومي يوما بيوم، دون أن يعرفوا أن غايتهم من وراء افتعال الشكوى تكمن في "فقر ثقافة الفقراء" ألا وهي "الشهرة السريعة " لأنه اشترك بالفيلم الفلاني بدور كومبارس أطلق عليه الرصاص بالخطأ ووقع ميتا من الطابق العلوي!

والإنتهازية لا تقتصر فقط على الأغنياء ولا على الطبقة الوسطى، وهي معششة أيضا في أوساط الفقراء، هكذا الأمر بالنسبة للسقوط الأخلاقي، وهناك من يعتقد أن الانتهازية وسيلة "للإرتقاء بالطبقة" كما يقولون، أو انتقاما من "البرجوازية ورأس المال واستعادة الأملاك المسروقة من قوى الشعب".

عذرا أيها القارئ لا نبغي هنا أن نوّجه لكم خطابا راديكاليا عن الفقراء ولا حتى عن "حثالة البروليتريا" أو "البروليتريا الرثة"، (ملاحظة: لا أستوعب حتى كتابة هذه السطور لماذا اختيرت هذه التسمية المجازية).

نحن نريد بهذا الكلام "المجازي" أن نوّجه رسالة سريعة إلى "فقراء الأكاديميا" وإلى "فقراء الثقافة السياسية " الذين لم ينتظموا يوما في العمل الوطني والسياسي المنظم ويحاولون التمسح بأذيال الحراك السياسي من الغرف المغلقة، ويلعبون دور "المحللين السياسيين" دون أي إلتزام لتيار وطني.

إن الحركة الوطنية قادرة على الرد على ترهات وانتهازيات مفضوحة إلى حد العراء، وتعرية دورهم الحقيقي، فالكتابة عن العمالقة لا تعملق.. وكتابة مقالة في السياسة لا تصنع قائدا سياسيا ولا تجعل شعبا ينادي كاتبه لقيادته. ( وما رأيكم من باب التجربة والخطأ أن ننادي أحدهم لأنه يحب أن نناديه ليقود هذا الشعب ويعلمنا درسا في الأخلاق والسياسة ربما نتخلص من الشوائب وعوائق النهضة العربية!!!).


ها هي إسرائيل "الثانية" تجتهد وتستل من جارورها الأمني أوامر قانون الطوارئ البغيض و"تتشاطر" على صديقنا الكاتب والصحافي البارز أنطوان شلحت وتمنعه من السفر إلى خارج البلد، بحجة المس بأمن الدولة "العلية" .. وتخيّب بذلك آمال المتذرعين بالقانون الأساس - كرامة الإنسان وحريته -، الذي يرسب في امتحان القانون الإسرائيلي أمام هذه الأوامر الإنتدابية الإستبدادية.

ولا أبالغ القول أن ثمة نذالة في منع أنطوان من السفر لغاية أواخر هذا العام الذي سينتهي الليلة، خاصة وأننا نملك معلومات أنه لا ينوي السفر إلى أي مكان، الأمر الذي يشير إلى نوع من الصرع والهبل المخابراتي الإسرائيلي من المواطنين العرب ويفضح سلوك إسرائيل علنا حتى أمام رأيها العام.

لا نعرف إذا كان شارون بوصفه رئيسا للحكومة الإسرائيلية ووزيرا للداخلية سيوّقع تجديدا للأمر لمدة عام، كما وعد في ملاحظته التي ذيّلها في أمر منع السفر بأنه في هذه الفترة سيجري فحص إمكانية التجديد، لكننا واثقون أن السياسة المخابراتية الإسرائيلية ستكرر فعلتها ومحاصرتها وملاحقاتها كلما اشتد عود الحركة الوطنية وكلما التف المثقفون حولها ..

وما هذه الرسالة التي وصلت أنطوان شلحت عبر البريد المسجّل سوى رسالة إلى المثقفين والصحفيين والإعلاميين العرب في هذا البلد لتخويفهم من " نار الموقدة"، وترهيبهم من هذا الطريق .. طريق الإلتزام بالهوية والكرامة القومية.

لا يملك أنطوان شلحت حزاما ناسفا!!.. ولا يملك سوى قلما يكتب تحليلاته عن"المشهد الإسرائيلي" بعيدا عن المزايدات والمهاترات، وسيواصل الكتابة والكلمة الحرة عن الثقافة العربية، وسيواصل أيضا "التواصل" الذي تخشاه المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة مع الإعلاميين والمثقفين العرب مهما تمادى الظالمون.

التعليقات