31/10/2010 - 11:02

اسرائل" تستحضر "حقل الاشواك" لغزة../ نواف الزرو

اسرائل
يبدو ان الاستعدادات الحربية العدوانية الاسرائيلية تبلغ في هذه الايام ذروة جديدة لها غير مسبوقة، وذلك على مستوى الجبهتين الفلسطينية واللبنانية. ففي الوقت الذي تتوج فيه دولة الاحتلال استعداداتها الحربية على الجبهة الشمالية بإقدامها على اغتيال عماد مغنية التي سيكون لها تداعيات تصعيدية حربية بالتاكيد، فانها تهيئ كل الأجواء والمناخات الحربية اسرائيليا واقليميا ودوليا لشن حرب اوسع على قطاع غزة.

فحينما يكشف الكاتب الصحفي الإسرائيلي إيلام شراغا" النقاب عن " أن ما يجري في قطاع غزة حاليا ليس سوى مقدمة الجزء الأخير من خطة حربية إسرائيلية تدعى "حقل الأشواك" التي تهدف إلى التخلص نهائيا من غزة كجزء من المناطق الفلسطينية، وإجبار أكبر عدد ممكن من سكانها على الرحيل باتجاه مصر/ الجزيرة- الخميس 1/31/2008"، فذلك انما يأتي في سياق مخطط مبيت كشف نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي حاييم رامون في جلسة حكومية قائلا" إن الهدف الاستراتيجي لإسرائيل هو إسقاط سلطة حماس في قطاع غزة/ عــ48ـرب /24/12/2007 "، وعززه وزير الدفاع إيهود باراك برأي مماثل بالقول: "اذا كنا نريد التأكد من استمرار العملية التي بدأت في انابوليس لفتح افق سياسي علينا الانتهاء من حماس وليس انقاذها"، ولحقت بهما وزيرة الخارجية ليفني في كلمةٍ ألقتها أمام طلاب الأكاديمية الدبلوماسية الروسية بموسكو قائلة "أن إسرائيل ستكافح "الإرهاب" بلا هوادة" مشددة على :" إن الوضع في قطاع غزة يجب أن يتغير/ "...!

فالهدف الاستراتيجي الاسرائيلي اذن يغدو واضحا تماما، ولذلك تضخ وسائل اعلام دولة الاحتلال على مدار الساعة التقارير التحذيرية والتصريحات والتهديدات المختلفة التي تؤكد في اجماعها على ان هذه الحرب المفتوحة على غزة لن تتوقف أبدا، وأن المجزرة المفتوحة على اهل القطاع لن تتوقف أيضا...!

وفي سياق تسويق حربها وتبريرها حولت دولة الاحتلال القطاع الى "مصنع للإرهاب والإرهابيين " والى "كيان خطر" كما أعلن عاموس جلعاد مسؤول الدائرة الأمنية في وزارة الحرب الإسرائيلية، حيث قال:"
"إن قطاع غزة تحّول إلى كيانٍ يشكل خطراً على المنطقة بأسرها" مشدداً على "ضرورة أن يقوم الجيش بعملية عسكرية ضده"، الامر الذي كان جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" قد اعلنه ايضا حيث حذر من "ان قطاع غزة تحول في السنوات الماضية الي قاعدة عسكرية مركزية في بناء البنى التحتية للنشاطات "الارهابيه"، ووصف تقرير "الشاباك " القطاع "بأنه مصنع للإرهاب بكل المعايير".

ناهيك عن أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تزعم "إن حركة حماس تجاوزت "الخطوط الحمر" في تطوير صواريخ القسام/الصحف العبرية"، و"أن حماس ضللت أجهزة الأمن الإسرائيلية وطورت صواريخ مداها 25كم ونصف من "كريات جات" حتى "اسدود" وان نحو مليون اسرائيلي باتوا في مرمى تلك الصواريخ"،
بينما قدر محللون عسكريون اسرائيليون "ان سبب تأجيل اسرائيل المتواصل لاجتياح قطاع غزة بوجود معلومات استخبارية خطيرة وصلت مؤخرا لأجهزة الامن الإسرائيلية"، وكشف المحلل العسكري للقناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي روني دانييل النقاب عن وجود معلومات لدى المخابرات الاسرائيلية تفيد "بوجود صواريخ فلسطينية قادرة على ضرب عسقلان بقوة في حال تقدم الجيش الاسرائيلي لاجتياح القطاع".

ولذلك وفي ضوء كل هذه المزاعم وغيرها الكثير لم يكن مفاجئا ان تعهد أولمرت بـ "حرب مفتوحة" على غزة، حيث قال في كلمة ألقاها في تل ابيب امام جمعية الصناعيين الاسرائيليين"تدور حرب في الجنوب..كل يوم وكل ليلة"، مضيفا بعد دقائق من غارة جوية جديدة "ان هذه الحرب لن تتوقف" حتى يتوقف سقوط صواريخ على إسرائيل".

وذهب المحللون العسكريون الاسرائيليون ابعد من ذلك حين اعترفوا مبكرا بـ: "أن خيارات إسرائيل لوقف صواريخ القسام تدنت من السيئ إلى الأسوأ"، وبالتالي فان "الحل الوحيد-من وجهة نظرهم- هو احتلال القطاع الى الابد -اسوشييتدبرس"، و "لنردع غزة وكفانا حديثا "كما طالب موشيه آرنس / وزير الحرب سابقا/ هآرتس "، فيما اعتبروزير الامن الداخلي آفي ديختر "أن شن حملة على غزة أمر حتمي"، أما الجنرال موشيه كابلنسكي فكشف من جهته عن" ان الدخول الى غزة واحتلال مناطق فيها لفترات يجب ان يتزامن مع تصفية قيادة حماس السياسية والعسكرية وتحريض الفلسطينين ضدها".

أما المحلل العسكري في يديعوت اليكس فيشمان فيذهب ابعد من ذلك مثيرا تساؤلات ما بعد الاحتلال اذ يقول: "عندما سنعود إلى غزة – أين سننشئ المعتقل؟، في داخل القطاع أم خارجه؟، وماذا عن وحدات الحكم العسكري – هل سنعود الى وضع 1967 وندخلها الى المنطقة؟، وماذا عن فتح المدارس في اشهر الاحتلال؟ ومن الذي سيشغل المستشفيات ويراقب تراخيص المرور؟/عن يديعوت".

هذه الأسئلة لا تقذف في الهواء عبثا، هي وسلسلة طويلة اخرى من القضايا تبحث اليوم في الغرف المغلقة التابعة لجهاز الامن، الصورة تتضح رويدا رويدا، من الواضح للجميع أن حربا واحدة محيرة من دون تمحيص وتدقيق واهداف واضحة واسئلة بلا اجابات كانت كافية لنا، ولا يرغب أي أحد في الظهور بمظهر المتفاجيء – الجميع يريدون ان يكونوا مستعدين للحرب القادمة: حرب غزة.

وهكذا كما نتابع في الادبيات السياسية والحربية الاسرائيلية كما هي على لسان نخبتهم من السياسيين والعسكريين والمحللين فان شبه الاجماع لديهم هو على الاجتياح واسقاط سلطة حماس، غير أن حسابات الحقل لديهم لا تتماشى مع حسابات البيدر، فهم مترددون ومتخوفون من النتائج التي قد تاتي على غير ما يبيتون ويخططون ويريدون، بل وقد تكون النتائج قاسية جدا ميدانيا في ضوء احتمالات ان تتحول غزة فعلا الى حقول الغام متراصفة تحت اقدامهم، وان تكون عملية اجتياحهم لغزة صعبة قد تعتبر "معركة جنين بمثابة نزهة صيفية معها" كما يتخوفون.

التعليقات