31/10/2010 - 11:02

"الإحتلال" السوري للبنان.../ هاشم حمدان

-

في ظل التحولات العالمية الجارفة والمتغيرات السريعة في العلاقات الدولية والتطورات التي لا تمهل المتلقي "السلبي" لحظة كي يلتقط أنفاسه ويستوعب ما يجري لكي يتمكن على الأقل من التفاعل وأن يتاح لسريرته أن تبدأ بتشكيل خامات أولية لبراعم ردود فعل، وفي ظل إزدحام المشاريع والمخططات والبرامج، في جميع المجالات وعلى كافة المستويات، قريبة المدى والاستيراتيجية وبضمنها تلك التي تنم عن "فائض قلق" بذرائع "أمن قومي"، والتي تجاوزت الآني إلى المستقبلي وبدأت تأخذ أشكالاً عنيفة بمسميات شتى أبرزها الضربات الإستباقية. في هذه الأجواء التي تنقلب فيها المفاهيم فتصبح المقاومة إرهاباً، ويصبح مجرمو الحرب أبطال سلام. وتصبح "الفذلكات" الكلامية من شاكلة "صراع البقاء" و"بقاء الصراع" أو "قضية البقاء" و"بقاء القضية" .. وغيرها، تصبح، ذات معان أكثر وضوحاً وأشد حضوراً..

تعالوا نوافق للحظة، من باب "يتوقف هطول درجات الحرارة وترتفع الأمطار"، على التسمية الأمريكية – الإسرائيلية للوجود السوري في لبنان بأنه إحتلال (الوجود العسكري الأمريكي في العراق لا يعتبر في هذه الحالة إحتلالاً وإنما إحلالاً للديمقراطية!..) والإصرار العجيب على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، في هذا السياق القرار 1559. ورغم أنه بالإمكان تفهم، وبكثير من الجهد، مطالبة أي دولة في جميع أصقاع الأرض بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، إلا أن المطالبة الإسرائيلية تبقى عصية على الفهم، إذ لا يمكن فهم التشدق الإسرائيلي، تحديداً، بضرورة تنفيذ تلك القرارات!!

فما الذي سنراه؟ لقد تعودنا من قراءة التاريخ وتجارب الشعوب أن الإحتلال يطرد طرداً، ولم نسمع عن محتل يراقب التطورات في الدولة الواقعة تحت الإحتلال بل ويساهم فيها ومن ثم يقرر إنهاء الإحتلال عن طيب خاطر، ولم نسمع من قبل عن خروج المظاهرات الحاشدة في الدولة الواقعة تحت الإحتلال تطالب بالتريث في إنسحاب جيش الإحتلال!


وكفلسطيني مرت عقود من الإحتلال على شعبه لا يملك إلا أن يحسد الشعب اللبناني على "إحتلاله"، وربما قد نتمنى إحتلالاً مشابها!! وفي الوقت نفسه نرثي لحال الشعب العراقي الذي ينوء تحت وطأة "الديمقراطية"!

وما دمنا قد وافقنا أمريكا وإسرائيل على تسمية الوجود السوري في لبنان إحتلالاً، فإن ذلك يجعل من العسير رسم أو تخيل صورة، بشرية على الأقل، لشارون وبوش، في ظل "إرتفاع الأمطار" كما أسلفنا ووافقنا!!

من حقنا أن نتساءل ماذا دهى الدنيا، هل جن جنونها ولم تعد تأبه بالمنطق وترفض أن تستجيب للقوانين وتسخر من الأسباب والمسببات فتعبث بالنتائج؟ أم أن قوانين الفيزياء، مثلاً، تتوقف عن العمل تحت فضائنا؟



ملاحظة: ربما يجدر بنا، بدافع الرأفة، أن نتمنى "إحتلالاً" سورياً للسودان والصومال ... وقرية المغار!!
 

التعليقات