31/10/2010 - 11:02

الدليل الاحترازي للعربي الانتهازي وشذرات أخرى/ جوان ريناوي

-

الدليل الاحترازي للعربي الانتهازي وشذرات أخرى/ جوان ريناوي
...وأما الغضب إذا لم يحمل وجهة سياسية، فانه قد يذهب أدراج الريح.. ولا معنى لرفض العدوان إن لم نرفض أهدافه أولا!!! وأهداف العدوان هي ذاتها أهداف الحصار! وهي النقيض لما كان يدعيه البعض حتى الأمس القريب.. وهي أيضا تلك الطموحات بتغيير الخارطة السياسية الفلسطينية قسرا.. وتجاوز الإرادة الوطنية و"قصم ظهرها" و"كسر رأسها" بمعنى تأديبها... وبقية المعاني، كانت هذه غاية الحصار ثم المجزرة الأخيرة وليس غايات بديلة وآراء بهلوانية اقترحها البعض حرجا من مواقفه التي اتخذها وغطاءا لها وتبريرا للاعوجاج.... وعلى كل هذا الذي سلف يبنى صاحب البوصلة الوطنية، موقفه، وهنا الامتحان.

وفي هذه الأثناء يعمل "أبو مازن" (أو يصرح "أبو مازن" والأمر سيان، ربما) على إنجاز اتفاق جديد للتهدئة "يبطل المبررات الإسرائيلية"... أو يحقق أهدافها بكلمات أخرى، وربما أهدافه هو!

(كتبت هذه السطور في الساعات الأولى من العام الجديد 2009)
ومنذ مطلع الشهر وحتى ساعتنا دارت الدوائر واستجدت "المستجدات"، أو سمعنا وقرأنا وشاهدنا (في حال قبلنا بالتحول إلى مستهلكين للمشاهد والى مجرد مشاهدين!).. وراقبنا البعض يضيف على ما كان قد بناه من مجد تليد!! واستمعتم إلى فخامة رئيس السلطة الفلسطينية يوزع المسؤوليات!! واستمعتم إلى الحان الرؤساء الآخرين، ووزرائهم وصحفييهم ورجالاتهم! وشاهدتم مجلس الأمن منعقدا في قاعة - من قاعات"الشرعية الدولية"- أمسى الإنسان العادي يألفها كما يألف غرفة نومه! أما أنا فتابعت قصصا و"أخبارا" أخرى، عن "تحريض" ليبرمان (اليميني المتطرف) على الوزير العربي في "إحدى حكومات إسرائيل المتعاقبة" (كما تسمى هذه الوزارات في لغة بعض الأحزاب!!) وعلمت أن الوزير العربي قد رد الصاع صاعا وثلاثة أرباع! ولم اسمع أنه خلع حذاءه مثلا!

وفي لحظة مستقطعة خلنا أن "ديغول في المنفى" يخطب (أو مثل "صورة ديغول" كما وردتنا)، ونحن ننصت إلى كلام الأخ النائب (والعقيد) يدعو إلى المقاومة، وما لبثنا حتى تذكرنا أن المناضل الحر هذا هو نفس "ضابط الأمن الوقائي" السابق في غزة (قللنا من عقلنا وأنصتنا!)..لكن لا بأس! ومن يدري؟! فلعلها مناسبة كي نتدرب على "فن ضبط الأعصاب" (ولعله "فن"! ولعله خير!). وهي من طبائع الغرائب في هذه الأيام و طبائع الانتهازيين!!

ولن يحتاج المرء إلى تشاؤم مفرط أو بعد نظر متميز، حتى يتوقع أن اللحظة التي تبدو غريبة للبعض لن تطول في نهاية المطاف! فقبلها لحظات طوال تسبقها ولحظات أطول تتبعها.. والرجل، لم يتغير! ولم تفسد أخلاقه بعد، وهو الذي لم يجد حتى مع بداية القصف الإسرائيلي، قبلها بأيام، مانعا (ولا حرجا) للاستمرار في الدس والتحريض على "عملاء القوى الإقليمية" (وليست أمريكا دولة إقليمية كما هو معلوم!)، أو وجد كل الأسباب لقول ذلك! وباعتبار أن ما يجري هو مجرد "حرب الآخرين على ارض فلسطين" (أو أرض إسرائيل، ولم لا؟!) لو استعرنا اصطلاحا شبيها من سياق مختلف وهو سياق الحرب اللبنانية!

والى جانب بعض العرب، فإنه كان يحرض أمريكا نفسها هنا ولا أقل من ذلك (فيما تبقى من مرحلة بوش)، ويسمعها ما تحب أن تسمع، ويطلب مساندـتها، ويذكرها بحربها المتخيلة وغير الحتمية إلا في الاديولوجيا، ويتطوع كي يقاتل فيها، ويختلق الذرائع لبقية عملائها ويخفف عنهم "وطأة الشعور بالإحراج"، ويشد من أزرهم أو أزر "تبلدهم"! ويختلق الذرائع لنفسه ويختار الموقع الذي يصطف فيه. أما ما بدا للبعض "انقلابا" أو"تقلبا مفاجئا" فهو أصلا تردد مألوف عند أمثاله، وحيرة معروفة عند الفهلويين متعددي الحسابات ومتبلدي المشاعر جلها إلا الشعور بالتحامل (على المستقيمين)، والمعتادين على تبديل الألوان وتسلق الرياح!

وقرأت في "الجمعة الأخيرة" مقالة خص بها احد "النواب العرب"(في الكنيست) صحيفة "كل العرب"، ومنعا للالتباس فان هذا "الرفيق النائب" هو غير "الأخ النائب" سالف الذكر (مع أنه يرغب في الظهور بمظهر"الأخ" أحيانا والقفز عن اعتباره "رفيقا") وقد كان الرفيق النائب "يتهجم" على "الزعماء العرب" و"تقاعسهم" بما يحلو للبعض أن يسميها "مزايدة" (يتعلق بالمزاج).. ولم يتورع حتى هو أن يعيرهم بـ"أردوغان" كما عيرهم بعدها بـ"تشافيز"! وهي مزايدة تقليدية، من النوع المسموح محليا أو البعيد والمحمود الجانب، والتي لا يفترض أن يتبعها سؤال، "وماذا كان موقفك أنت"؟!! و"هل تخبر الناس أي موقف اتخذت"؟! و"هل يحق لك أن تعير أحدا أصلاً"؟! وهو نفس النائب الكاتب، و"ما غيره"! وليس سواه!!!... و"ما بدلوا تبديلا"
التوجيه الاول

س- إن اتفق و ظهرت على الشاشة، وطلب منك احدهم أن تصف الحالة الفلسطينية، فماذا تفعل؟!!


ج- احرص أخي الانتهازي على قول الآتي:
"إن الشعب الفلسطيني ضحية للطموحات الإقليمية لبعض الدول"(إيران وسورية)إذ يفضل لو كنت محنكا، أن تلقي باللائمة على قوى "شريرة" خارج فلسطين ("أجنبية")، وان كنت انتهازيا من النوع الأكاديمي فقل "المحور الراديكالي الإقليمي" ولا تقل "المؤامرات" بل "الأجندات"!!!!

وحاول أخي الانتهازي ما استطعت، تجنب الخوض في مسؤولية "الإرهابيين المحليين" أو "العصابات الدموية" في هذه الأثناء! تمالك نفسك الآن فالظروف عصيبة، وقد تبدو مقززا.. سيتقزز منك الناس أخي الانتهازي! وعينك على الناس طبعا! ويستحسن أن تقول: "شعبنا الفلسطيني البطل" أو "شعب الجبارين" أو "غزة العزة"، وما إلى ذلك. أما الباقي فاتركه إلى بعد حين!!

ثم حتى تستدرك نفسك و توازن قوة الروائح المنبعثة من هذه الافتتاحية العطرة، نوصيك بالتالي:
أن تستطرد في الشق الثاني من محاضرتك (التحفة)، وتقول "وأيضا ضحية الطموحات الانتخابية الإسرائيلية" (وأن تصر على ذلك)، أو "هذا لا يعني أنني اعفي إسرائيل".."مطلقا" (لا سمح الله) أو "الإجرام الإسرائيلي" وأن تحتج (بشدة!) على "قلة الذمة والضمير"عند من تسول له نفسه و"يحرف كلامك" (يجوز الاحتجاج "بشدة" أو "بشدة بالغة" وبحسب الرغبة)!!

وان كنت في حزب إسرائيلي عربي يهودي، وان كنت متحالفا تحالفا عضويا، مع أسوأ حالات التحلل الذي تعرضت له حركة التحرر الوطني الفلسطيني، وان كنت قد قبلت أن تؤدي دور البوق الدعائي (الهامشي والتحريضي) عند "اليمين الفلسطيني الجديد" (بل وأقصى اليمين)، وان كنت محترفا لتبادل الشتائم مع هوامش اليمين الإسرائيلي الفاشي! وان كنت حساسا جدا إزاء رأي "اليسار الصهيوني"فيك! وإن كانت هذه هي مادتك التي "تزايد" بواسطتها (إسرائيليا) على بقية الوطنيين، وإن كانت هذه بضاعتك السياسية التي تبيعها!! فنفضل أن تقول: "الإجرام الإحتلالي"، درءا للشبهات، وأقلّ من ذكر "إسرائيل" إلا حين "تضطر" وأكثر من ذكر "الاحتلال"... "البغيض"، واهتف بسقوطه والعنه، (مثل ذات اعتبارية مجردة) وهدد بدكه وحرقه وكنسه، وهو نفس الاحتلال المفسد للأخلاق (الأخلاق الإسرائيلية طبعا والتي يفترض أنها كانت حميدة قبل العام 1967!!)

وتكتم ما استطعت عن مواقفك السابقة، إلا بقدر الحاجة ولا تزد، واضبط أعصابك وأعقل نزقك، وانتظر الفرج! الانضباط أخي الانضباط، والتوازن! تحدث عن العزة تحدث عن الأنفة، ولا مانع أن تضيف شيئا من "ثقافة الحياة" في المقابل، والزهور والسنابل! واحرص على خلط الحابل بالنابل! وتذكر انه بدون الاختلاط لا مكان لأمثالك!! ولا بأس إن ركبت الموجة أنت الآخر وهجوت تواطؤ الأنظمة العربية وذممت تخاذلها، باعتباره كلاما مباحا في ساحة مفتوحة أمام كل من هب ودب (وعلى أمل أنه "ما حدا متبّع")! ولا تنس أن تسب أمريكا، فلن تسمعك وإن سمعت لن تكترث!

وان كان في حزبك "اليساري" و"الإسرائيلي" و"العربي"متقدمون في السن أو شبان لا تستسيغ نفوسهم "الاحتكاك" مع "اليمين العربي" و"الفلسطيني"، فخفف عنهم أخي الانتهازي واصطحبهم في جولة "احتكاك بديل" مع قوى"تقدمية" من النوع الذي يحبون، فالمسألة بالنسبة لهم "مسألة احتكاك" فحسب،ومجرد احتكاك وشعائر وشعارات وتحيات! فهدئ من روعهم وطيب خاطرهم، ثم تابع نشاطك المعتاد، واستمر في خطك كما كان ولا تغير! واهنأ عيشا أخي الانتهازي فقد استكانوا. وقصرت ذاكرتهم وقلت حيلتهم واغلب الظن أنهم لن يحاسبوك!

وبعض الانتهازيين مقدام يغالي ولا يبالي، وقد يضيف: "ندين الإجرام النازي للاحتلال"، يقولها وهو يصرخ بطبيعة الحال!!!ولا نوصي بهذا إلا بحسب الحاجة،و أذواق الأفراد!!!!. وليس على الكلام ضريبة في آخر المطاف، أو في عرف الانتهازيين على الأقل!!!

التعليقات