31/10/2010 - 11:02

الردع السوري يلجم التهديد الإسرائيلي للبنان../ غالب قنديل

الردع السوري يلجم التهديد الإسرائيلي للبنان../ غالب قنديل

تحرك سوريا يوم أمس للرد على التهديدات الإسرائيلية بحرب على لبنان و سوريا كان أبرز معالم الحدث الإقليمي و قد جاء الرد مباشرة بعد تصريحات إيهود باراك التي كرر فيها عزم إسرائيل على تدمير لبنان في حرب قادمة مصوبا التهديد بالحرب نحو سوريا على الرغم من كلامه المعسول عن الاستعداد للتفاوض .

بعدما أكد الرئيس بشار الأسد في استقباله للوزير الأسباني موراتينوس أن إسرائيل تدفع المنطقة إلى الحرب جاء تصريح الوزير وليد المعلم الذي أعلن ان أي اعتداء على سوريا أو على الجنوب اللبناني سوف يشعل حربا شاملة و هو بذلك أشهر قرارا سوريا بالتصدي للعربدة الإسرائيلية التي تمادت مؤخرا بتصريحات المسؤولين و القادة العسكريين و السياسيين الصهاينة و كلام المعلم يعني قاعدة جديدة في توازن القوى يخشاها الخبراء الإسرائيليون الذين ناقشوا فرص العمل العسكري من جديد ضد لبنان أو قطاع غزة أو سوريا و شددوا على ان أخطر ما تخشاه إسرائيل هو مجابهة واقع جديد بتحول أي عملية عسكرية إلى حرب شاملة و من هنا وصف رئيس الأركان الإسرائيلي الوضع القائم في المنطقة بالهدوء الهش .

في ذات التوقيت الذي انشغلت فيه الدوائر الإقليمية بتصريحات وزير الخارجية السورية كان بنيامين نتنياهو يعلن أمام مؤتمر هرتزيليا أن مجابهة معادلة الصواريخ التي تشكل عصب الردع العربي ضد إسرائيل سوف تتطلب أموالا طائلة و عملا مستمرا خلال العشرين عاما المقبلة .

التقدم الذي حققته قوة الدفاع السورية خلال السنوات الماضية وفق التقارير الإسرائيلية كان هائلا و التطور في واقع القوات المسلحة السورية منذ حرب تموز 2006 يحتل مكانة بارزة في المتابعة و الرصد الإسرائيليين و الجاريين بصعوبة نتيجة ابتعاد سوريا منذ العام 1970 عن الاستعراض و التباهي ، و لكن ما تشير إليه الدراسات الإسرائيلية هو ان سوريا تراكم مقدرات الردع الصاروخي لديها و هم تحدثوا عن ترسانة ضخمة من الصواريخ بعيدة المدى و عن صناعة سورية متطورة في سلاح الصواريخ القريبة و المتوسطة و البعيدة و أحصت وسائل الإعلام الإسرائيلية صواريخ من الصناعة السورية في حرب تموز تساقطت على أهداف إسرائيلية كثيرة بينما يشعر الإسرائيليون بالقلق من التقارير التي تتحدث عن تطوير سوريا للعقيدة القتالية لجيشها في ضوء تجربة المقاومة اللبنانية خلال حرب تموز و يعرب العديد من المحللين الإسرائيليين عن خشيتهم من انتقال خبرات حزب الله لوحدات قتالية فتية و مجهزة من الجيش العربي السوري و بالتالي فالمواجهة مع سوريا بعمقها الجغرافي الكبير و بتعداد سكانها الضخم قياسا على لبنان ستكون غير تقليدية إذا سلكت إسرائيل طريق المغامرة .

الأهم في القاعدة السورية الجديدة هو أن فتح النار بعدوان على لبنان سيفتح النار على جبهة الجولان و بالتالي في حساب توازن القوى ستكون إسرائيل تحت النيران و في مجابهة خطوط قتال محكمة من عدة جهات دفعة واحدة و هو ما سوف يغير الموازين بكل تأكيد و من هنا يمثل الموقف السوري أداة ردع مهمة جدا للعربدة الإسرائيلية لأنه سيفرض على قادة إسرائيل إجراء تقييم جديد للتوازنات مع سقوط الاستفراد و مع حضور القوة السورية في الميدان و تماما يصح الأمر عينه لو قررت إسرائيل أن تشن حربا على سوريا.

في حرب تموز كانت سوريا تضع ثلاثة خطوط لاحتمال دخولها الحرب إلى جانب لبنان و هي وفقا للوقائع : في حالة توغل العدو في منطقة البقاع الغربي و بالتالي تهديد المدى الدفاعي لمدينة دمشق ، في حالة طلبت قيادة المقاومة اللبنانية تدخلا سوريا في الحرب نتيجة اختلال التوازن ، و في حالة توسيع العمليات الإسرائيلية العدوانية نحو الأراضي السورية .
الإنذار السوري حول البقاع الغربي جمد هذه الجبهة و حال دون توسيع إسرائيل لتوغل قواتها المعتدية و سمح للمقاومة بتركيز طاقاتها و إمكاناتها القتالية الميدانية على قطاعات الجبهة الأخرى التي تميزت فيها بتفوق حاسم و بالتالي جاء التوازن الذي توج بانتصار المقاومة حصيلة لاجتماع عناصر عديدة بالإضافة لقدرات المقاومة اللبنانية و بطولاتها التاريخية من أبرزها الإنذار السوري الذي لجم توسع العدوان و القرار السوري بفتح الخطوط الخلفية للمقاومة بقرار للإمداد و لاستيعاب أكثر من نصف مليون من المواطنين الذين هجرهم العدوان من بيوتهم بينما أحجمت إسرائيل عن الاعتداء على سوريا تهربا من خطر انضمام الجبهة السورية للقتال .
هذه المرة يأتي القرار السوري واضحا و هو يقلب الحسابات الإسرائيلية و يردعها و هذا القرار هو احد وسائل الحماية الفاعلة للسيادة و الاستقرار في لبنان الذي لم يسمع مسؤولوه جوابا حازما من العواصم الدولية بمستوى ردع العدوان بل تلقوا تحذيرات من مخاطر تنامي قوة المقاومة و حظرا للسلاح الدفاعي على الجيش اللبناني ، و تحريضا واضحا لتأليب اللبنانيين على بعضهم في مصلحة المخطط الإسرائيلي.
----
شام برس ( 4-2-2010)

التعليقات