31/10/2010 - 11:02

الطريق المسدود ومسألة الخروج../ عوض عبد الفتاح

الطريق المسدود ومسألة الخروج../ عوض عبد الفتاح
يعترف طرفا الخصومة على الساحة الفلسطينية في قرارة نفسيهما بالطريق المسدود الذي وصلا إليه بعد أن ظن كل منهما أنه قادر على تحقيق خياراته بغض النظر عن تعقيدات الساحة والصراع، على أثر الإنقسام الدموي في حزيران 2007.

تحوّل من تصدى لنهج التسوية المهين والتسول عبر المقاومة إلى فصيل يعشق السلطة ويقع في موبقاتها ومفاسدها (حركة حماس) كما فعل من قبله الطرف الآخر بعد أوسلو. ورهن الطرف الثاني نفسه وبالتالي الشعب الفلسطيني بالمال الأمريكي عبر مفاوضات عبثية مهينة.

لم يذهب الطرف الثاني (فريق رام الله) الذي اختطف حركة فتح، إلى هذا النهج بسبب الإنقسام، ولكن كانت بنيته في الأساس تقوم على اعتماد المفاوضات سبيلاً وحيداً، ولم يكن صدفة أن الإدارة الأمريكية ضغطت باتجاه استحداث منصب رئيس وزراء فلسطيني بعد تفجّر الإنتفاضة الثانية بوقت قصير، وميلها إلى أن يكون أبو مازن في هذا المنصب.

كان الهدف تقليص ومحاصرة صلاحيات الشهيد القائد ياسر عرفات الذي كان يعيش خيبات أمل بسبب فشل أوسلو. والذي كان قد بدأ يغضّ النظر عن المقاومة ويسمح لها بأن تأخذ بعض حريتها كوسيلة ضغط. ويخطر بالبال في هذه الحالة أن نتساءل، كيف نفسّر سلوك من كان يعشق عرفات وفي الوقت ذاته "يعشق" من أرادته أمريكا خليفة لعرفات عنواناً لشعب فلسطين.

لقد وقفنا مع عرفات حين كان محاصراً، وحين كان رأسه مطلوباً أمريكياً-وإسرائيلياً رغم ملاحظاتنا الكثيرة والجدية على طريقة إدارته للصراع وللسلطة الفلسطينية. بإختصار لأنه لم يرهن نفسه لطريق واحد أي طريق المفاوضات، بل كانت لديه أوراق يحتفظ بها.

على أية حال لا شك أن الوضع الفلسطيني الحالي يتحمل الشهيد عرفات مسؤولية عنه.. وقد استغلت فئة كانت تحيط به وتضيق ذرعاً بمواقفه أو برفضه شروط كامب ديفيد عام 2000، وهي الآن تمسك بزمام الأمور في رام الله. والجزء الأكبر منها غارق في الفساد حتى أذنيه منذ إنشاء السلطة الفلسطينية بعد أوسلو وتعمل على التخلص من العقيدة الكفاحية لحركة فتح واستبعاد كوادرها وأعضائها وقياداتها المناضلة.
والآن إزاء تكشف ما كان متوقعاً من إسرائيل بخصوص عدم استعدادها ونضوجها للعودة إلى حدود الـ 67 بما فيها القدس وعدم الإعتراف بحق العودة، وإصرارها على أن تكون الدولة الفلسطينية دولة وهمية ممسوخة، بدأت أصوات داخل سلطة رام الله تطرح أو تهدد باستبدال فكرة الدولتين بدولة واحدة (بعضها جدي وبعضها غير جدي). وتتواصل نداءات من هنا وهناك للعودة إلى الحوار. وتطلق مجموعات فلسطينية، فضائلية، أو مثقفة، مبادرات لحلول شاملة تقوم على أنقاض النهج القائم.

ربما تعكس هذه النداءات والأصوات، حتى الآن، حالات إحباط أكثر منها مبادرات جدية لإعادة تقويم الوضع بصورة جذرية وجدية. فلن يكفي الحوار بين حماس وفتح أو بالأحرى بين سلطة غزة وسلطة رام الله، فالمسألة تخصّ شعب فلسطين ومجمل حركته الوطنية، وإن كانت هذه المبادرات ضرورية كخطوة أساسية بإتجاه إحداث إنفراج على الساحة الفلسطينية وتهيئة الأجواء لإطلاق حوار.

السؤال، هل تتمكن سلطة رام الله فكّ قيودها من النير الأمريكي، ووقف الإرتهان لمالها. وهل هي مستعدة وجاهزة لاستثمار الإنحسار الأمريكي في المنطقة والعالم الذي جاء بفضل الصمود والمقاومة وليس بسبب نهج التسوّل. كل ذلك يحتاج إلى ضغط وإلى مبادرات تشمل كل أجزاء الشعب الفلسطيني باتجاه نقد الوضع بصورة جذرية، والبدء بصوغ الإستراتيجية السياسية والكفاحية التي يتحدث عنها الكثيرون. وقد تكون المبادرة التي شاركت فيها ثلاثون شخصية وطنية شملت أيضاً شخصيات محسوبة على فتح وحماس خطوة مهمة، ولكنها تبقى محدودة أولاً لأنها لم تشمل عددا أكبر من المشاركين، وثانياً لم تطرح، أو لا نعرف، إذا ما طرحت آلية لكيفية إطلاق تأثيرات لهذه المبادرة، ثالثاً لم تشمل شخصيات من تجمع الفلسطينيين داخل منطقة 48.

في الأفق مخاضٌُ لتفكير جديد ولكن من يرعى هذا المخاض وصولاً إلى المنشود؟ لا بدّ من الإستمرار في المحاولة وعدم الوقوع في اليأس، فشعبنا كبير ويحتضن طاقات هائلة.

التعليقات