31/10/2010 - 11:02

تسويق المبادرة العربية في إسرائيل.. تطبيع بلا ثمن../ أحمد الحيلة*

تسويق المبادرة العربية في إسرائيل.. تطبيع بلا ثمن../ أحمد الحيلة*
اتفق أعضاء لجنة المتابعة العربية (على مستوى وزراء الخارجية) المعنية بتسويق المبادرة العربية للسلام على تشكيل لجنتين: الأولى للاتصال مع المجتمع الدولي، والثانية للاتصال بإسرائيل لشرح المبادرة والرد على أي استفسارات..

ما يعنينا هنا هو لجنة الاتصال بالاحتلال الإسرائيلي، إن على صعيد صوابية القرار، أو مدى جدواه في إنفاذ المبادرة العربية للسلام.

وقبل الحديث عن صوابية القرار وجدواه، لا بد من القول أن تأكيد قمة الرياض على المبادرة العربية للسلام خياراً استراتيجياً، يعد في حد ذاته نقطة ضعف في الموقف العربي، لأن العرب أعادوا استنساخ الموقف المرفوض إسرائيلياً عندما قال شارون (رئيس الوزراء قبل خمس سنوات) أن المبادرة لا تساوي الحبر الذي كتبت به، وعندما استبق أولمرت قمة الرياض مؤكداً رفض إسرائيل للمبادرة بحجة أنها تتضمن نقاطاً مرفوضة بحاجة إلى شطب أو تعديل كالمتعلقة بعودة اللاجئين، والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية، بالإضافة إلى الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967

بمعنى آخر فإن الاحتلال الإسرائيلي أراد المبادرة إطاراً "صالحاً" للحوار والتفاوض حتى على بنود المبادرة ذاتها، بل ذهب الاحتلال إلى أبعد من ذلك عندما أكدت وزيرة الخارجية تسيبي لفني على ضرورة وأهمية التطبيع مع الدول العربية بمعزل، وبغض النظر، عن الوصول إلى حل نهائي ودائم للصراع.

أي أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى في هذا الوقت وفي ظل المبادرة العربية لتحقيق هدفين على النحو التالي:

أولاً: شطب أو تعديل أو إرجاء المسائل الجوهرية في القضية الفلسطينية (القدس عاصمة فلسطينية، عودة اللاجئين، الانسحاب الكامل من الضفة والقطاع)، مع التركيز على جملة القضايا الثانوية المتعلقة بالمعابر، والجمارك، وبعض التسهيلات هنا أو هناك، ولا غضاضة في إعطاء حكم ذاتي للفلسطينيين ولو تحت مسمى الدولة إلى أجل غير مسمى.

ثانياً: التطبيع الكامل مع الدول العربية، دون التقيد بالانسحاب من كامل الأراضي العربية المحتلة، بذريعة أن التطبيع يبث روح الثقة، ويساعد في الوصول إلى حل الصراع.

وهنا نرى أن قرار اللجنة الوزارية العربية التي اجتمعت في القاهرة مؤخراً (18/4)، وقررت الاتصال بإسرائيل من خلال مصر والأردن، هو قرار يلبي رغبة صهيوأمريكية تسعى لتوظيف المحادثات في خدمة التطبيع. وفي هذا السياق فقد أعلن إيهود أولمرت قبيل اجتماع القاهرة الأخير بأن إسرائيل تتوقع زيارة وفد عربي رفيع المستوى لإجراء مفاوضات في شأن المبادرة العربية، وأضاف، أنه في حال لم يأت الوفد، فثمة احتمال ثانٍ بأن يتم لقاء موسع تخطط له الولايات المتحدة بمشاركة الرباعية الدولية، والرباعية العربية، والسلطة الفلسطينية والسعودية.

أي أن إسرائيل تسعى لإحداث اختراق في الصف العربي، دون أن تلزم نفسها الاعتراف بالمبادرة أو رفع الحصار عن الفلسطينيين..

وقد يصف البعض اختيار العرب لمصر والأردن لإجراء الاتصال بإسرائيل بالحكيم..، لأنه ليس اندفاعاً عربياً مجانياً اتجاه الاحتلال الإسرائيلي، كونه سيحرم الاحتلال الإسرائيلي من التطبيع مع العرب بشكل عام، لأن (مصر والأردن) دولتان تقيمان علاقات دبلوماسية مسبقة، ومطبعتان سلفاً مع الاحتلال، وبالتالي ادعاء أن الاتصال هو مقدمة للتطبيع مع العرب أو التنازل اتهام في غير محله وتجن على الحقيقة.

لكن واقع الأمر غير ذلك؛ فمصر والأردن ستجريان الاتصال بإسرائيل بناءً على توصية عربية منبثقة عن الجامعة العربية (حاضنة العرب) أي أنهما مكلفتين بتمثيل العرب كل العرب (توكيلاً أو نيابة) ولا تمثلان نفسيهما بمعزل عن المجموع العربي. وفي ذلك تنازل سياسي إلى حد الهرولة المجانية..

فأين الحكمة في إلحاح العرب على الاتصال بالاحتلال الذي يصر على رفض المبادرة العربية منذ خمس سنوات إلى الآن؟!
فهل هو حرص عربي على إبداء حسن النوايا بمزيد من التنازلات؟!
أم هو اتصال للاستجداء؟!
أم هو اتصال لإيصال رسالة تهديد للقيادة الإسرائيلية إن هي أصرت على رفض المبادرة؟!
أم أنه كما ورد على لسان مسؤول في الجامعة العربية (صحيفة الحياة 19/4)، اتصال لشرح مبادرة السلام والرد على أي استفسارات؟!

إن إعادة تبني المبادرة العربية كخيار استراتيجي يتيم، دلالة على ضعف العرب وإفلاسهم السياسي، وما التوصية بالاتصال بالاحتلال الإسرائيلي إلا خطوة ومقدمة للتطبيع مع الاحتلال، الذي سيزداد صلفاً وغطرسة في ظل هرولة العرب المجانية نحوه.

وما تصريح أمين عام جامعة الدول العربية السيد عمرو موسى عقب اجتماع القاهرة الأخير، والذي قال فيه: إن العرب لن يجروا اتصالات مع إسرائيل إلا إذا أوقفت ممارساتها في الأراضي المحتلة، وأوقفت الجدار، والاستيطان، ورفعت الحصار عن الفلسطينيين..، إلا للاستهلاك الإعلامي.. أوليس العرب هم شركاء في الحصار رغم قرارات قمة الرياض التي لم تجد النور إلى أرض الواقع لحد الآن؟!

التعليقات