31/10/2010 - 11:02

تفكيك المبادرة../ د.محمد السعيد إدريس

تفكيك المبادرة../ د.محمد السعيد إدريس
إلى هذا الحد طمأنت “أحوال العرب” الكيان الصهيوني لدرجة البوح، وفي تقرير رسمي لوزارة الخارجية، ان “الصراع في المنطقة لم يعد بين العرب و”إسرائيل” وإنما بين المعتدلين والمتطرفين”، أي بين ما تسميه الخارجية الأمريكية وأركان إدارة بوش ب “محور الاعتدال” و”محور الشر”. و”محور الشر” يضم، وفق التوصيف الأمريكي إيران وسوريا وحزب الله وحركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في فلسطين.

ومعنى أن “إسرائيل” تطمئن للقول بضمير مرتاح أن الصراع لم يعد بينها وبين العرب بل بين المعتدلين والمتطرفين أن قادة الكيان باتوا على يقين بأن هدف الحرب على لبنان قد تحقق بدرجة ما. لم يتحقق بالكامل لأن الهدف الاستراتيجي الأول للحرب، وفق ما أكدته الوثائق “الإسرائيلية” والأمريكية وتصريحات جون بولتون المندوب الأمريكي السابق في مجلس الأمن، هو القضاء على الآلة العسكرية ل “حزب الله” وإخراجه نهائياً من معادلة الصراع مع “إسرائيل”، لكن الهدف الأعلى هو ما سمته رايس وزيرة الخارجية الأمريكية “الشرق الأوسط الجديد” الذي يتوارى فيه الصراع العربي “الإسرائيلي” كمحدد للعلاقات الإقليمية ليحل محله صراع آخر أهم هو الصراع العربي الإيراني، أي تتحول إيران إلى عدو بدلاً من “إسرائيل”.

ربما يكون السؤال المهم في هذا السياق هو التساؤل عن مصدر ذلك اليقين الذي يتحدث به تقرير وزارة الخارجية “الإسرائيلية” عن التغيير الذي حدث في طبيعة الصراع في المنطقة لدرجة أنه لم يعد بين العرب و”إسرائيل” ولكن بين المعتدلين (ومن ضمنهم “إسرائيل” طبعاً) والمتطرفين. وهذا السؤال يقودنا إلى سؤال آخر هو: ما هو الجديد الذي حدث خلال الأيام الماضية الذي أوصل “الإسرائيليين” إلى هذه القناعة؟ هل هو محصلة جولة رايس المكوكية الأسبوع الماضي ومضمون ما توصل إليه العرب في مؤتمر قمتهم؟

قد لا تكون الإجابة ب “نعم” قاطعة تماماً، فهناك حتماً أسباب أخرى قد لا تكون مكشوفة الآن، لكن حتماً جولة رايس وجولة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومحصلة حوارات اجتماع ما سماه الأمريكيون “اللجنة الرباعية العربية” الذي ضم وزراء خارجية الدول العربية الأربع مع رايس في مدينة أسوان، ومداولات القمة العربية حول تعديل مبادرة السلام العربية، ربما تكون هذه كلها قد تضمنت ما أعطى “إسرائيل” اليقين والارتياح بتحول وجهة الصراع، وأنها أصبحت أحد أطراف “الاعتدال” الإقليمي.

وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس لم تدع إلى تعديل المبادرة بما يتوافق مع المطالب “الإسرائيلية”، بل اكتفت عقب لقائها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله بالقول إن “تعديل المبادرة العربية ليس مطلباً أمريكياً وإنما ضرورة للعرب على أمل أن يكون ذلك بداية الطريق لقيام دولة فلسطين جنباً إلى جنب مع “إسرائيل”، ثم طرحت رايس فكرة عقد مؤتمر تحضره “إسرائيل” بين “اللجنة الرباعية العربية” و”اللجنة الرباعية الدولية” وهو الاقتراح نفسه الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في لقائه مع ايهود أولمرت رئيس حكومة الكيان الصهيوني، وكان رد أولمرت انه ينظر إلى مثل هذه “القمة المقترحة” على نحو إيجابي “وسأشارك فيها دون تردد”.

المطلوب أمريكياً و”إسرائيلياً” هو تفكيك المبادرة العربية عن طريق مقايضة الأرض باللاجئين وحق العودة. أي أن تتخلى “إسرائيل” عن معظم “وليس كل” الضفة الغربية مقابل ضمانة بألا يعود اللاجئون إلى “إسرائيل” بل إلى الدولة الفلسطينية الجديدة فقط”، وهذا ما يسميه ديفيد ماكوفسكي بالنصف الأول من “الأفق السياسي” الذي يجمع بين وزيرة الخارجية الأمريكية رايس ونظيرتها “الإسرائيلية” تسيبي ليفني، أما النصف الآخر فهو “تشكيل تحالف إقليمي ضد إيران”.

"الخليج"

التعليقات