31/10/2010 - 11:02

تكثيف مطلب المصالحة الأكثر الحاحًا../ خالد خليل

تكثيف مطلب المصالحة الأكثر الحاحًا../ خالد خليل
بعد يومين فقط من إحراق المسجد في قرية ياسوف ذكرت مصادر إسرائيلية أن قوات الأمن الفلسطينية سلّمت قوات الاحتلال الإسرائيلي راجمة قذائف وعبوات ناسفة وأنابيب معدنية تستخدم في إعداد العبوات الناسفة.. كانت قد ضبطتها مع مقاتلين من المقاومة الفلسطينية.

حتى هذه اللحظة لم تنفِ السلطة الفلسطينية هذا الخبر لا شفهيًا ولا كتابةً.

بعض الأخوة المؤيدين لحركة فتح انتقدوا نقل هذ الخبر في وسائل الإعلام العربية لأنه يستند إلى مصادر إسرائيلية وهو بذلك يصبح فاقدًا للمصداقية.

في الواقع إن الاستبسال في إثبات عدم مصداقية الخبر يعبر عن حالة الحرج النفسي عند هؤلاء الأخوة الذين تقف وراء مواقفهم دوافع وطنية صادقة وغيورة على العمل الوطني وفصائله وتحديدًا على حركة فتح المشهود لها بالنضال والتاريخ المشرّف في مواجهة الاحتلال.

لذلك يفترض الأخوة المدافعون أنه لا يمكن الانزلاق إلى هذا الدرك الذي يتجاوز حدود الخطأ والخلل القابل للإصلاح، ويعتقدون أيضًا أنّ التنسيق الأمني بهذا المعنى يصبح مجرد وشاية تقوم بها القوات الفلسطينية وليس فيه أي سمة من سمات التفاهم والتعامل بين الدول.

في الحقيقة ينبغي الحذر كثيرًا عند الحديث عن التنسيق الأمني بين السلطة الوطنية الفلسطينية وبين إسرائيل، وعدم التسرع في تعميم الاستنتاجات في هذا الموضوع على حركة „فتح” برمتها، فهذا من شأنه خلق كثير من الحساسيات التي نحن في غنى عنها.

لكن من الضروري كشف كنه التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل والاحتجاج عليه، لا بل محاربته إن أمكن. وتسليم الأسلحة لقوات الاحتلال إن كان صحيحًا أو لم يكن، هو أمر هامشي قياسًا مع عمق التنسيق الأمني الحاصل بين الطرفين.

وهذا التنسيق الأمني تعترف به السلطة الفلسطينية جهارًا من خلال تصريحاتها الرسمية الموثّقة التي تعلن أن السلطة وفّت التزاماتها في خارطة الطريق وسلّمت الموضوع الأمني برمته لدايتون، فماذا بعد هذا؟

هل ينبغي رصد اللقاءات الأمنية بين السلطة وإسرائيل، ولماذا لا تنفي السلطة رسميًا ما يأتي في التقارير الإسرائيلية والتصريحات الرسمية لمسؤولين إسرائيليين؟!

إن حركة فتح مُطالبة اليوم أكثر من السابق ببحث ملف التنسيق الأمني مع إسرائيل بدلاً من الانشغال بالتحريض على كل من يفتح هذا الملف. والادعاء أن كل ما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية عارٍ عن الصحة ومضلل هو ادعاء فارغ ما لم تثبت السلطة عكس ذلك.

لا شك أن حركة التحرر الوطني فتح هي حركة مناضلة ولا أحد يستطيع أن يزايد على ذلك، إلا أن المتنفذين في السلطة يشوهون صورة فتح ويزجون بها في متاهة التنسيق الأمني.

إنّ بقاء هذه القيادات في موقع القرار مرتبط باستحواذها على المصادر التمويلية للحركة والمساندة والدعم اللامتناهي لأجهزة الأمن والمال الغربي والعربي التي تقبض على الأمور في الضفة الغربية. هذا الواقع يعمّق من مأزق وأزمة حركة فتح ويجعلها عاجزة عن إجراء تغيير حقيقي داخلها، إلا إذا قرر التيار المناهض للقيادة المتنفذة في السلطة اللجوء إلى الشارع الفلسطيني وتحريكه كما ينبغي أن يتحرك.

ولا شك أن المدخل الصحيح لذلك يكمن في التركيز على الوحدة الوطنية الفلسطينية بين جميع الفصائل من خلال مطلب إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية سياسية ونضالية للشعب الفلسطيني.

ونجزم أن شرفاء فتح لهم مصلحة في هذه العملية، لذلك فإنه لا ضير من تقديم بعض التنازلات من قِبل فصائل المقاومة الفلسطينية وبشكلٍ خاص حركة حماس على طريق تحقيق المصالحة الوطنية. وهذا يستدعي تكثيفًا لطرح مطلب المصالحة فهو أكثر الأمور إحراجًا للمتنفذين في السلطة الفلسطينية، وهو المهمة الوطنية الأكثر إلحاحًا في الظروف الراهنة، لأنّ المعركة الرئيسية في الضفة ينبغي أن تكون مع الاحتلال ومع المستوطنين حرقة المساجد والكروم.

فلا يجوز أن تمر أخبار الاعتداءات والقتل والحرق مرّ الكرام واعتبارها مقتصرة على مجموعات متطرفة من المستوطنين، لأنّ هذه الاعتداءات رغم تفاقمها في الآونة الأخيرة هي مظهر من مظاهر الاحتلال الصهيوني والمسؤولية فيه تقع على عاتق الحكومة الإسرائيلية قبل جماعات المتطرفين، لذلك من يستمر بالتنسيق الأمني مع الاحتلال، ليس بريئًا حتى مما يرتكبه جلاوزة المستوطنين.

التعليقات