31/10/2010 - 11:02

توصيات «غولدبرغ» إقرار للفشل وإصرار على المضي فيه/خليل دهابشة*

-

توصيات «غولدبرغ» إقرار للفشل وإصرار على المضي فيه/خليل دهابشة*
صدرت مؤخرا توصيات لجنة «غولدبرغ» الحكومية التي كلفت من وزير الداخلية الإسرائيلي مئير شطريت لتناول قضية ما أطلق عليها«الاستيطان البدوي في النقب»، أي قضية الأرض والقرى غير المعترف بها.
لاحظ انه تم استخدام الاصطلاح «استيطان» بقصد مسبق ليوحي أن البدو استولوا على أراض وأملاك ليست لهم في الأساس. وهنا ينضوي دور اللجنة المكلفة بتنظيم «الاستيطان البدوي» غير المرغوب به والمبعثر على «أراضي ألدوله أحق بها»، بنظرهم.
توصيات اللجنة بخصوص الأراضي لم تأت بجديد. وكل ما اقترحته هو تلخيص لسياسات الأراضي التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة واذرعها المختلفة في التعامل مع أراضي عرب النقب. من هذا الجانب تم التأكيد مجددا على أن عرب النقب ليسوا مالكين للأرض رغم اعتراف اللجنة بوجودهم فيها منذ منتصف القرن التاسع عشر. وان الأرض التي يدعون ملكيتها هي أراضي "مشاع" اعتادوا على فلاحتها والعيش فيها بدون حق.

على الصعيد العملي اقترحت اللجنة تشكيل لجان تسويه للبت في ادعاءات الملكية التي قدمت لدائرة «أراضي إسرائيل» في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات. هذه اللجان تضع معايير ومقاييس للبت في ادعاءات الملكية وحسمها بحسب الخطوط العريضة للجنة غولدبرغ وفي أساسها:
أولا: عدم تقسيم ادعاءات الملكية الأولية إلى ادعاءات ملكية اصغر مع انتقالها بالوراثة.
ثانيا: على المدعي تقديم الأدلة القاطعة بأنه كان يفلح الأرض التي يدعي ملكيتها ويزرعها قبل قيام الدولة (أراض البور لا يشملها هذا الشرط) . وفي حالة عدم إثبات حيازتها واستعمالها تسجل الأرض على اسم الدولة.
ثالثا: في حالة تقديم جميع الأوراق تبت اللجان المخولة في الادعاء المتداول وتقر بنسبة الملكية التي ستمنحها (الأرض نفسها او ارض بديلة) وتقرر مقدار التعويض المالي. وفقا للنسب التالية:
1- كل ادعاء ملكية أصلي لا يتعدى العشرين دونما فان الأرض تسجل بكاملها على اسم المدعي, قبل التخطيط العام عليها الذي يصل الى 40℅.
2- كل دنم إضافي فوق العشرين دونما تتم المقاسمة فيه بين المدعي وبين الدولة 50℅. اما باقي الأرض يتم تعويض صاحبها ما بين 2000- 10000 شاقل للدنم حسب وضعها.
بحسب هذا الجدول فان عدد ادعاءات الملكية التي لا تتعدى العشرين دونما هي 219 – وتصل مساحتها الإجمالية الى 2,390 دونما فقط. أما باقي الأراضي التي يدعي البدو ملكيتها في 589,621. بحيث ستحصل الدولة على حصة الأسد منها, لأنه في أحسن الأحوال وبشروط الإثباتات التعجيزية سينال البدو النصف منها . على امل ان لا تقع أراضيهم ضمن مخططات البناء والتطوير البنية التحتية والتخطيط في النقب. وبعد استخراج أراضي البور والأراضي غير الزراعية وغير المثبتة من ضمنها.
واضح جليا بان «الدولة» ستكون الرابح الأكبر من هذه المعادلة. فكما ان قانون دائرة «أراضي إسرائيل» لعام 1960 كان إجمالا لقوانين الأراضي التي استولت من خلالها على الأراضي العربية، فان توصيات لجنة غولدبرغ هي إجمال للجان والمخططات الحكومية التي تعاملت مع أراضي عرب النقب. لتطل علينا بوجه أخر لنفس العملة، الجديد فيه هي زيادة المحفزات للتوصل الى حسم في قضية الأرض.

اما بالنسبة لقضية «تنظيم الاستيطان البدوي» -تذكيرا بالكولنيالية- فللوهلة الأولى يمكن الإشارة إلى القرارات المشجعة للاعتراف بقرى وضم أخرى إلى مجمعات قائمة وتبييض مبان ... الخ. إلا أن التسويغات في هذه الحالة جاءت مؤكدة لجميع الذرائع التي حالت دون الاعتراف بالقرى حتى الان بمختلف أنواعها وتسمياتها. اللجنة ربطت قضية الاعتراف بقضية الأرض وترى أن العلاقة بينها عضوية. معتمدة على مبدأ «الأرض مقابل الاعتراف»، بدلا من اخذ الاعتبار الإنساني في حل قضية القرى غير المعترف بها.

في ملخص التوصيات يفهم بأن سياسة " العصا والجزرة" ستكون محور النجاح الأساسي لتطبيق التوصيات التي ستصبح قانونا. وباسم سلطة القانون سيتم التعامل مع الأمور. وكأن «الدولة» وضعت القانون جانبا طيلة هذا السنوات في تعاملها مع البدو. وتم تنسي الإجحاف والملاحقات المستمرة للعرب البدو باسم القانون، من مصادرة أراض، ترحيل، هدم بيوت، رش مزروعات بالمبيدات، اعتداءات متكررة....الخ. والنداء بتسريع الحل يعود لضرورة حسم قضية الأرض والقرى وذلك لتفادي الثمن المتزايد الذي ستدفعه الدولة في حالة المماطلة بالحل بمزيد من القرى ومزيد من المطالب. وليس بنية إيجاد حل إنساني للقرى غير المعترف بها وإنهاء المعاناة بها.

اعتقد انه بدون اعتراف صريح من «الدولة» بالغبن التاريخي الذي لحق بعرب النقب نتيجة سياستها المختلفة. ابتداء من التهجير ثم الحكم العسكري والتجميع في منطقة السياج ووصولا بالترحيل والتجميع في المجمعات القائمة وغيرها. لا يمكن حل مشكلة النقب. فعرب النقب هم مجموعه اصلانية لها أعرافها وثقافتها، عاشت في أرضها ويجب التعامل معها من هذا الباب وليس من منطلق الترويض والتدجين لهذه المجموعه. وعلى السلطات ان تحذو حذو الأتراك والانجليز بعدهم، وتمنح العرب فرصه لتسجيل أرضهم كصكوك طابو في دائرة الأراضي.


*بئر السبع

التعليقات