31/10/2010 - 11:02

حوار مؤجل!../ مصطفى إبراهيم*

حوار مؤجل!../ مصطفى إبراهيم*
الأخبار التي تصلنا يوميا عن الحوار الفلسطيني محبطة وتبعث على القلق، وعدم التفاؤل بحدوث اختراق ما من أي من الأطراف المنتظر منها المساهمة في دفع طرفي الصراع للبدء في الحوار، والتنازل من اجل مصلحة الوطن والقضية.

جمود يسيطر على الفلسطينيين في ظل حال من اليأس والفقر والتطرف، وهم يشاهدون الرئيس محمود عباس يشبك يديه مع أيهود أولمرت ويرفض أن يمد يده لمصافحة الأشقاء وإن ارتكبوا الأخطاء والخطايا.

الفلسطينيون يشاهدون ويراقبون بحسرة ما يجري لحالهم من استمرار الحصار والعدوان، وكل طرف يوجه للآخر الاتهام من انه يرفض الحوار ويعرقله، فالعدوان الإسرائيلي لم يتوقف ويضرب بعرض الحائط الاتفاقات الموقعة معه، خاصة فيما يجري في الضفة الغربية والقدس المحتلة، الاستيطان تزداد وتيرة البناء فيه، والتوغلات لم تتوقف والاعتقالات والاغتيالات والإذلال اليومي على الحواجز في الضفة الغربية.

والحصار المفروض على القطاع يهدد كل مناحي الحياة، والدعوة التي وجهها الرئيس عباس للبدء بالحوار تم تجميدها، كأنه لم يحصل شيء وعلى الفلسطينيين البدء من جديد والعودة إلى الصراع والمناكفات السياسية والإعلامية بعد أن هدأت فترة من الزمن لتعود أكثر ضراوة، والصراع دخل مرحلة جديدة من كيل الاتهامات وكل طرف يريد تثبيت وقائع جديدة على الأرض.

التهدئة التي ينشدها الفلسطينيون في قطاع غزة من أجل رفع الحصار من الواضح أنها لن تدوم طويلاً، وحركة حماس ترفض العودة للحوار من دون شروط، والشرط الأساس لدى الحركة أن يكون الحوار على الطاولة، وهذا ما أكده احد المسؤولين فيها عندما قال أيضاً أن الحوار لن يتم خلال الأشهر الستة القادمة، أي أن الحوار مؤجل إلى حين.

الاتهامات التي توجهها حماس للرئيس عباس حول عرقلة الحوار ورفضه الالتقاء بقادة الحركة في دمشق واستجابته للضغوط الأمريكية والإسرائيلية، والمعلومات حول الرسالة التي بعثها خالد مشعل للامين العام لجامعة الدول العربية والرئيس اليمني، وغضب الرئيس عباس الشديد من حماس على اثر ذلك ساهم في زيادة القلق والشكوك لدى الفلسطينيين من عدم صدق نوايا الطرفين في البدء بالحوار وإنهاء حال الانقسام.

كذلك التصريحات التي صدرت عن الرئيس عباس حول الحوار ووجوب التزام حماس بشروط المجتمع الدولي، عندما قال "إننا لا نريد اتفاقاً يشدد الحصار، بل يرفعه ولا يعيده لأن الفلسطينيين عانوا من الحصار الظالم"، وأضاف "على حماس أن تدرك أن هناك مجتمعاً دولياً يجب أن تدخله، وأن هناك شروطاً لقبولها في المجتمع الدولي". بمعنى أن الرئيس عباس يكرر شروط اللجنة الرباعية بالاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف وغيرها من الشروط.

الحصار مازال مفروضاً على القطاع، والاحتلال يماطل في رفع الحصار والالتزام بشروط التهدئة الموقعة، والأوضاع الإنسانية في القطاع تزداد مأساوية وكميات الوقود التي يتم السماح بإدخالها لم تزد عن الحد المسموح به مسبقاً، وانقطاع التيار الكهربائي أصبح بشكل يومي وأسوأ من الفترة السابقة حيث كان يقطع في الأسبوع مرة أو مرتين، والبضائع تدخل بكميات قليلة جداً.

والعدوان مستمر في الضفة الغربية ودولة الاحتلال تكثف من عملياتها العدوانية، وما جرى في مدينة نابلس يؤكد على بربرية دولة الاحتلال بحق المدينة، والمجزرة التي ارتكبها بحق الجمعيات الخيرية دليل واضح على تدمير العلاقات الوطنية، وضرب السلطة ومصداقيتها في الضفة الغربية التي نفذت خططها الأمنية بناء على وعود من دولة الاحتلال التي أصبحت منذ العام 2002، تفضل القيام بالعمل الأمني بنفسها ولم تعد تثق بالأجهزة الأمنية الفلسطينية، ولا بالخطط التي تقوم بها السلطة لفرض الأمن تطبيقاً لالتزامات خارطة الطريق.

وعلى رغم الوضع المر والقاسي للفلسطينيين والشرذمة والانقسام في صفوفهم، تعيد السلطة التجربة ذاتها في الضفة الغربية خاصة بعد سيطرة حماس على غزة، وكأن ما حدث في الماضي لا يكفي لاستخلاص العبر مما جرى من فشل تجربة الأجهزة الأمنية الفلسطينية خاصة في قطاع غزة بناء على خطة دايتون، من تدريب وتسليح، فاستمرار السلطة بتدريب الأجهزة الأمنية وإعادة تطويرها في الضفة الغربية على هذا الأساس لن يعيد بناء أجهزة أمنية تعمل لحماية المواطن الفلسطيني بل سيكون دورها حماية امن الإسرائيليين فقط.

ألا يعطي ما جرى في مدينة نابلس ويجري في باقي مدن الضفة من استباحة من قبل قوات الاحتلال الفلسطينيين الحق في إعادة التفكير في التزاماتهم الأمنية حسب الشروط والمصلحة الإسرائيلية في حماية أمن دولة الاحتلال من دون الأخذ في الاعتبار المصالح الفلسطينية وممارسة الاحتلال أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة؟

وهل ما يجري في قطاع غزة والتوقيع على تهدئة هشة ومؤقتة لم تجلب للفلسطينيين إلا تعميق الانقسام، لا يعطي الحق للفلسطينيين في إعادة التفكير في المصلحة الوطنية، والعمل على إنهاء الحصار بأي ثمن لان من يدفع الثمن هو الشعب والقضية؟

الحصار والعدوان على حاليهما، والطرفان يدفع كل في اتجاه تعميق الانقسام والعمل على فرض وقائع جديدة يضيفها إلى رصيده عندما يحين موعد الحوار المؤجل بناء على إرادات خارجية وإغلاق ملفات إقليمية ودولية، والفلسطينيون يراقبون وينتظرون الحوار المؤجل من دون التحرك وممارسة ضغط شعبي عارم يعيد الاعتبار لهم ولقضيتهم.

التعليقات