31/10/2010 - 11:02

سيارات من دون لوحات تسجيل../ مصطفى إبراهيم

سيارات من دون لوحات تسجيل../ مصطفى إبراهيم
يدرك الفلسطينيون في قطاع غزة حجم المأساة التي يعيشونها جراء الحصار الظالم والخانق المفروض عليهم، وربما من أجل ذلك يتنازلون عن كثير من حقوقهم، ويتكيفون مع الواقع المر والقاسي المعاش. أوضاع الناس السيئة تعبر عن واقعهم المعاش، انقطاع مستمر للكهرباء يجعل حياة الناس جحيم، المياه منقطعة منذ عدة أيام، البحر المتنفس الوحيد للناس، ولكن حذر خبراء البيئة والصحة من أن هناك 12 نقطة تضخ مياه الصرف الصحي في البحر، وممنوع على المواطنين الاقتراب منها.

يتساءل الناس، ماذا يوجد لديهم من سبل الحياة الكريمة؟ الحصار مفروض عليهم منذ ثلاث سنوات كل شيء لديهم ممنوع، ممنوعون من السفر لتلقي العلاج والدراسة والعمل، مائة ألف فلسطيني أصبحوا لاجئين من دون مأوى، أصناف كثيرة من المواد الغذائية ممنوعة ولا يوجد للناس سوى الصبر.

ومع ذلك فهم مصممون على الحياة ويبحثون عن سبل العيش الحر والكريم، ويغضون الطرف عن كثير من الظواهر السلبية والمقيتة في حياتهم بسبب الانقسام والحصار، ومع ذلك فهم يرفضون بشدة التمادي في تلك الظواهر الدخيلة على حياتهم الناتجة عن الانقسام، وما تلاه من ممارسات تمس حياتهم اليومية.

وبرغم الحصار المفروض عليهم وإدراكهم أن ذلك العقاب الذي يمارسه المجتمع الدولي ضدهم لا يعفي الحكومة القائمة في غزة من الاستمرار في العمل على توفير الحد الأدنى للناس و التمتع بالحقوق الأصيلة لهم لتمكنهم من العيش الحر والكريم.

من تلك الظواهر السلبية والتي تتحمل الحكومة في غزة مسؤوليتها، ظاهرة السيارات التي لا تحمل أرقام على لوحات التسجيل الخاصة بها، وعدد كبير من السيارات الخاصة، والسيارات الحكومية سواء التابعة للأجهزة الأمنية أو الشرطة أو التابعة لفصائل المقاومة خاصة السيارات التي تتملكها كتائب القسام، لا تحمل لوحات التسجيل ويصعب على المواطن ورجل المرور التعرف على هوية تلك السيارات.

المواطن يشاهد سيارات لا تحمل لوحات تسجيل وان كان بعض من هذه السيارات تحمل لوحة تسجيل فهي عبارة عن كوكتيل من الألوان والأرقام والكلمات الخاصة بأصحابها، خلال شهري نيسان، و/ أيار الماضيين تم توزيع 148 سيارة على الوزارات الحكومية التي تم التبرع فيها من قافلة شريان الحياة وقافلة الأمل التي حضرت إلى غزة، هذه السيارات لا تزال تتجول في شوارع قطاع غزة وهي تحمل لوحات تسجيل البلد الذي حضرت منه "لوحات تسجيل صفراء".

في حين أن السيارات الحكومية التابعة للسلطة تحمل لوحات التسجيل الحكومية وهي اللوحات "الحمراء"، وهي السيارات التابعة للوزارات المختلفة والأجهزة الأمنية والشرطة، إلا أن السيارات التابعة للأجهزة الأمنية والشرطة لا تحمل لوحات تسجيل على الإطلاق، ويصعب على المواطنين التمييز بين هذه السيارات التي تستخدم لرجال من المفترض أنهم مكلفين بإنفاذ القانون، ما يدخل المواطنين في حال من الارتباك والشك والريبة، وعدم التمييز بين تلك السيارات ومن يمتلكها.

وفي الوقت الذي قامت فيه وزارة النقل والمواصلات في غزة بالإسراع ببيع 30 سيارة من أصل 100 سيارة من السيارات التي يملكها الموظفين المتقاعدين لهم من خلال تسوية بين الوزارة والموظفين المتقاعدين، لم تسارع الوزارة في فرض لوحات تسجيل للسيارات تحمل أرقام واضحة وتحدد هويتها، وانه يجب على كل سيارة خاصة وحكومية أن تحمل لوحة تسجيل وعليها أرقام واضحة.

السلطة الفلسطينية حددت لوحات تسجيل لكل فئة من السيارات، السيارات الخاصة والشاحنات تحمل لوحات تسجيل بيضاء وعليها أرقام مكتوبة باللون الأخضر وباللغة الانجليزية، وسيارات الأجرة تحمل لوحات تسجيل خضراء، والسيارات الحكومية تحمل لوحات تسجيل حمراء.

الدول والحكومات تفرض لوحات التسجيل لتحديد هوية السيارات كعملية تنظيمية وتحديدها في حال ارتكبت مخالفات مرورية، وحوادث الطرق أو جرائم مختلفة منها المرورية أو السرقة والجنائية أو الأمنية، وتتسابق بعض الدول في أن تكون لوحات السيارات ذات تقنية عالية ومصنوعة من المعدن وتصنع في أماكن صك النقود لمنع تزويرها، وتكون على درجة عالية من الأمان، وتكون فسفورية حتى يسهل ملاحظتها في الليل.

في قطاع غزة منذ مطلع العام الجاري قتل نحو 13 مواطناً وإصابة 230 آخرين، جراء حوادث الدراجات النارية الدخيلة على سكان قطاع غزة، ما استدعى من وزارة النقل والمواصلات القيام بحملة لترخيص الدراجات النارية وفرض قيود على قيادتها، ومع أنها كانت متأخرة إلا أنها لاقت بعض من الاستحسان، ومع ذلك ظلت تلك الخطوة ناقصة وغير مكتملة حيث أنها لم تفرض على أصحاب الدراجات النارية بوضع لوحات تسجيل تحمل أرقام واضحة وفي أماكن يسهل معرفتها.

يدرك الفلسطينيون الأوضاع القاسية التي يمرون فيها جراء الحصار، لكن ذلك لا يعفي الحكومة من مسؤوليتها وضرورة القيام باتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع خطة تنفيذية تضمن قيامها ترخيص السيارات التي وزعتها على الوزارات المختلفة، وقيامها بوضع لوحات تسجيل تحمل أرقام واضحة للسيارات الحكومية خاصة سيارات الشرطة وتلك التابعة للأجهزة الأمنية وفصائل المقاومة خاصة التي تمتلكها كتائب القسام.

التعليقات