31/10/2010 - 11:02

صائب عريقات وموسوعة غينيس../ د.عبد الرحيم كتانة*

صائب عريقات وموسوعة غينيس../ د.عبد الرحيم كتانة*
أعلن أمامكم، أنا كاتب هذا المقال، أنني أحصيت عبارة "انهيار العملية السياسية" على لسان الدكتور صائب عريقات مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير وصاحب كتاب "الحياة مفاوضات" حوالي خمسمائة مرة (بعد كل اعتداء إسرائيلي علينا وعلى أرضنا وحقوقنا)، وبهذا يستحق الدكتور صائب عريقات، وعن جدارة أن يدخل موسوعة جينس للأرقام القياسية – وللأمانة التاريخية فان الأخ نبيل أبو ردينه مستشار الرئيس استعمل هذه الجملة 430 مرة فقط.

وبهذه المناسبة أهنئ الشعب الفلسطيني بغزوه لموسوعة جينس وسيطرته على نصيب الأسد من الأرقام القياسية التي يسجلها شعب ما في غضون ستة أشهر. فشعبنا، بحمد الله، دخل الموسوعة بأكبر صحن تبوله (رغم أنها أكلة لبنانية) وأكبر طبق كنافة وأطول كوفية وأكبر رغيف مسخن. واليوم أكبر استعمال لعبارة "انهيار العملية السلمية" أو "السياسية" ( فتارة يطلقون عليها سياسية وتارة سلمية)- حتى يدوخونا- وما هي الحياة إن لم تكن مسخن وكنافة وانهيار العملية السياسية؟!!!!؟

أما اليوم، وإنصافا للرجل فقد استعمل مصطلحا جديدا، حيث قال إن ضم القدس الشرقية للقدس الغربية سيعني انهيار العملية السياسية بأكملها (لاحظوا –بأكملها). لماذا قلت لاحظوا؟ لأن القدس الشرقية قد تم ضمها منذ زمن والحكومة الصهيونية أعلنت ذلك مرارا وتكرارا وستعلن وتنفذ، أما المفاوضات فستستمر(أراهن من يريد الرهان) لأن الحياة مفاوضات بالنسبة للقيادة المتنفذة – وبعبارة أخرى لا حياة لهم بدون مفاوضات، وبمعنى آخر أيضا: إذا تجرأوا وأوقفوا المفاوضات بشكل كامل سيقول لهم الإسرائيلي: كش ملك.

وسيعلن "الإسرائيلي" للمرة العشرين انتهاء أوسلو- التي لا يتمسك بها أحد سوانا - وما نتج عنها من رتب وامتيازات، فلن يكون هناك وزير أو وكيل أو لواء أو عقيد ولا كبير مفاوضات ولا صغيرها، والأهم لن يكون لكم أيها القادة (في أي بي)-. أي بطاقة شخصية مهمة التي تؤهله المرور على الحواجز والجسور والدخول إلى القدس وإلى شواطئ تل أبيب ومطاعمها، فالوطن اختزل منذ زمن بعيد إلى راتب ورتبة عسكرية أو مدنية وامتيازات لا تعد ولا تحصى.

هذه هي الحقيقة عارية وعلى الشعب الفلسطيني وخصوصا لمن بقي على عينيه غشاوة أن يفيق من غيبوبته، أما المستفيدون أو أصحاب الحياة مفاوضات فسيبررون لنا سبب عودتهم للمفاوضات.. التبريرات المعهودة – إياها – من قبيل أن اوباما وعدنا والعرب معنا (ولا يشفع لنا هنا أن قلنا لهم وأين القرار الفلسطيني المستقل؟) فالاستقلال بمفهومهم هو الابتعاد عن المقاومة فكرا وممارسة ومعسكرا.

والغريب أن مسؤول قسم الخرائط في بيت الشرق والموالي للسلطة يعلن في نفس اللحظة وعلى نفس القناة" أننا نعلم بهذا القرار ( ضم القدس الشرقية للغربية) منذ زمن والسلطة تعلم ولم تحرك ساكنا، وهكذا تكتمل الدائرة: كبير المفاوضين يعلن أن الخطوة الإسرائيلية تعني انهيار العملية السياسية بأكملها، وكبير مسؤولي الخرائط يعلن أن السلطة تعلم بنية الحكومة الإسرائيلية ومخططاتها وممارساتها ولم تحرك ساكنا.

يا رب ألهمنا الصبر الذي نحتاجه اليوم أكثر من ذي قبل، بل ربما أكثر من سيدنا أيوب...

التعليقات