31/10/2010 - 11:02

صاحبة الجلالة والسياسة/وديع عواودة

صاحبة الجلالة والسياسة/وديع عواودة
لا يخفى على ضرير بأن لجنة المتابعة العليا لمتابعة شؤون المواطنين الفلسطينيين في اسرائيل جسم وحدوي حيوي وهام رغم ان عللا عديدة لا زالت تعتريه دون ان يؤمن العلاج الشافي منذ سنوات.

ولذا لم يلاحظ فرق جدي في مكانة وهيبة " المتابعة" بين الفترة الراهنة وبين فترة رئيسها "الاسطوري" ابراهيم نمر حسين، وهناك من يقول العكس هو الصحيح!

ومنذ نحو العقد تسعى مركبات لجنة المتابعة من احزاب وحركات الى اعادة صياغتها من جديد ويبدو ان المهمة لم تنجز بعد مما يعكس أزمة بعض هذه المركبات ذاتها.

واشكالية " المتابعة" بمركباتها تعكس في الواقع أزمة المواطنين العرب في البلاد، فهم حتى الان لم يتفقوا على أهداف استراتيجية واضحة ويعانون كجماعة من محنة هوية ومن ادران التخلف اضافة الى ظلم السلطات الاسرائيلية.

وقبالة هذه الحالة يميل الإعلام العربي المحلي لاطلاق العنان للانتقادات العشوائية للجنة المتابعة وللحركة السياسية الوطنية عامة الى حد جلد الذات. وفي ذلك يشارك الاعلام المحلي في احيان غير قليلة، كعضو مشارك في طاقم العلاج، بتعميق أزمة المريض بدلا من اسعافه تحت عنوان ممارسة حرية التعبير لاخفاء دافع شعبوي كالفوز بعنوان مثير يبز الصحيفة المنافسة او القيام باسقاط الواجب الصحفي الحقيقي في نقد الاوضاع السياسية من خلال توجيه سهل وسريع للكمات مبرحة لرموزها.

كما قلنا قبل 15 عاما لازلنا نؤكد ان مساحة النقد في وسيلة الإعلام مثلها مثل الرئة في الجسد بدونها يصبح مجرد جثة وما احوج صحفنا اليوم لمجابهة آفات المجتمع بلغة الأسماء بدلا من لغة "محامي من الشمال" و"رئس بلدية من الجنوب".. فلماذا نجبن اذن في مواجهة الضغوطات الاجتماعية وتخرس اقلامنا هنا، وهي التي تفتح بالنار على رموز السياسة العامة؟ وهذا لا يعني البتة تحويل الاحزاب الوطنية او لجنة المتابعة الى بقرات مقدسة، بالعكس شرط ان يبقى النقدمبرراً ،موضوعياً وموضعياً.

وطالما ان الصحافة ليست فوق المساءلة فهل تنتدب هذه مراسليها للمشاركة بكل اجتماعات " المتابعة" وبنشاطاتها ( الخيمة او المسيرة من جت لسخنين) ام ننتظر ما يكتبه موقع "عرب48" أو " هآرتس" أو "واينت"؟

وفيما يتعلق بنقد حالة " المتابعة" والاحزاب الوطنية فإن اعلامنا، بعفوية او بقصد متعمد، يحول معول البناء الى فأس للهدم اذا ما اطلق ذخيرته بعناوين منفلتة ودون مراعاة توقيت النقد اضافة الى تذكر الظروف الإستثنائية التي يمر بها المواطنون العرب والشعب الفلسطيني برمته.

وهذا يعني انه لا يجوز للصحفي ان يفرغ عياراته الكلامية في صدر السياسي او المسؤول الحزبي الوطني حتى الموت جراء إخفاق القيادت باخراج الجماهير للتظاهر في مناسبة محترمة كالذكرى السنوية لهبة القدس والاقصى فالأزمة أعمق وأكبر من ان تحشر فقط بالقيادات ولن نقول كيف تكونوا يولى عليكم..

ولا مجال للإعلامي الاختباء خلف المقولة الديماغوغية بكونه صحفيا فقط لا "عاملا اجتماعيا"، فهو مصلح اجتماعي بقلمه وبتشخيصه مواطن الضعف والمخاطر الذاتيةوالخارجية في مجتمعه وفي توجيه النقد النزيه والبعيد عن الحسابات والاهواء الشخصية والحزبية، وبعكس ذلك يغدو عنصرا مخربا شاء أم أبى، أو يفتح الباب أمام تجار السياسة من عرب الاحزاب الصهيونية لممارسة بغائهم. ويتحول خطأ الصحفي في نقده الجارف او المغرض الى خطيئة عند مراجحته بين قادة الاحزاب الوطنية وبين قادة احزاب صهيونية عربا كانوا ام يهودا.

في مجتمع كالذي ننتمي اليه من غير الممكن إنتاج المادة الصحفية الحقيقية بدون نقد شجاع ولكن مع الالتزام بمسؤولية ومهنية عاليتين. وعندها يقف الإعلامي والسياسي الوطني الى جانب بعضهما البعض تربطهما علاقة تكامل وتبقى قضيتهما مشتركة رغم اختلاف الأدوار أو تناقضها احيانا. اما إستعداء الطرف الاول للثاني استنادا الى جدلية تناقض السياسة والإعلام فهو ينطوي على فهم خاطىء وتبسيط غير محتمل للمشهد، ويزيد طينة واقعنا المتخلف بلة بعيدا عن اهداف الطرفين وتضل صاحبة الجلالة طريقها.

وبموازاة رجائنا بقيام "المتابعة" باستخلاص عبر ما جرى هذا العام وقبله لا بأس ان تقوم الصحافة العربية بوضع ذاتها امام المرآة هي الاخرى ومعاينة تغطيتها للذكرى الخامسة لهبة الاقصى.

التعليقات