31/10/2010 - 11:02

عام أسود آخر على الفلسطينيين../ مصطفى إبراهيم*

عام أسود آخر على الفلسطينيين../ مصطفى إبراهيم*
أرغمت عميرة هس على مغادرة غزة قبل أن تكمل حواراتها مع سرين و يارا، وما تزال سرين تسأل هل ستعود عميرة مرة أخرى إلى غزة؟ وهل ستعود غزة إلى ما كانت عليه في السابق ويحب الناس بعضهم بعضاً؟ وهل سنستمر في الحصول على البضائع عبر الأنفاق؟

وما يزال الفلسطينيون يشعرون في قطاع غزة بالظلم المستمر الواقع عليهم، ليس جراء الاحتلال المستمر في عقابهم ، والإهانة المستمرة والدائمة المفروضة عليهم من قبل دولة الاحتلال، التي يواجهها الفلسطينيون رغماً عنهم في معظم الأحيان. بل من الظلم الواقع عليهم أيضاً من ذوي القربى وحركتي فتح وحماس، والتجاذبات السياسية بينهما.

أثناء تحضيري لمبة الكاز والشمع البديل اليومي للتيار الكهربائي الذي أصبح وصوله حلماً لثلثي سكان قطاع غزة. تذكرت أمي وهي تحضر لمبة الكاز صباح كل يوم بعد أن تغسلها من دخان الكاز وتضيف كميات منه لتشعلها لنا في المساء، وذكرني الصديق العائد من القاهرة ب "بوابور" الكاز الذي بحث عنه في القاهرة ولم يعثر على واحد إلا في مدينة الإسكندرية.

ويبحث عنه الآن كثير من الفلسطينيين والمحظوظ منهم من لم يفرط بالوابور الكاز الذي ورثه عن والده، وعاد وجدده ويستخدمه الآن كبديل لغاز الطبخ.
هذا جزء من عمل يومي يمر به الفلسطينيون، فللخروج من العتمة وعناء العمل والتغلب على مشاق الحياة اليومية الذي يعانيها المواطن في قطاع غزة قررت ومجموعة من الأصدقاء من الصحافيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان الخروج مساءً، فدار نقاش بدأه احد الأصدقاء الذي لم يغادر القطاع منذ 8 سنوات عبر معبر بيت حانون " إيرز" وقال الفلسطيني يذهب إلى المعبر هو يدرك تماما انه سيتعرض للاهانة سواء سمح له بالمرور أو بالعودة من حيث أتى.

في الوقت نفسه تذكر صديق صحافي آخر أنه نسي التحضير لكتابة تقريره عن حصاد العام الذي شارف على الانتهاء، واخذ يتذكر مع صديق صحافي آخر أبرز الأحداث التي وقعت خلال العام بدءاً من منع حركة حماس حركة فتح الاحتفال بذكرى الثورة الفلسطينية وانطلاقة حركة فتح، مرورا بإحداث كثيرة أبرزها استمرار الانقسام مروراً بدعوة الرئيس محمود عباس إلى الحوار الوطني، وتفجير الشاطئ ومقتل خمسة من مقاتلي القسام وطفلة وما تلاه من أحداث مؤلمة عمقت من حال الانقسام، والهجمة الشرسة التي شنتها كتائب القسام والأجهزة الأمنية في الحكومة المقالة على حركة فتح والجمعيات التابعة لها، وبروز ملف الاعتقال السياسي الذي اعترفت حركة "حماس" للمرة الأولى بوجود معتقلين سياسيين لديها من أبناء حركة "فتح"، والاعتقالات السياسية المستمرة حتى الآن في الضفة الغربية، ومقتل عشرات الفلسطينيين في حملات أمنية نفذتها الشرطة وكتائب القسام في أحياء مختلفة من مدينة غزة.

والإضراب في قطاعي التعليم والصحة والذي فشل فشلا ذريعا على حساب الوطن والتلاميذ وأولياء أمورهم المحتارين حتى الآن والخائفين على مستقبل أبنائهم، وانتهاء بجلسات الحوار التي لم تنعقد في القاهرة وملف الحجاج المخزي والمذل للفلسطينيين في قطاع غزة والذي حرم حجاج القطاع من تأدية فريضة الحج هذا الموسم، من أجل تثبيت شرعيات وهمية على حساب الفلسطينيين والقضية والوطن.

وانتهى الصديقان من حصر أبرز الأحداث وهم يتذكرون أحداث مرت من دون أن تخطر على بالهم ربما لأنهم يتوقعون وقوع أحداث غير متوقعة من الحركتين.
وعاد الصديق مرة أخرى الذي تحدث عن الاهانة الذي نتعرض لها كفلسطينيين على المعابر يومياً مرغمين من أجل السفر. وأسهب في الحديث عن الاهانة وعن إرغام الفلسطينيين وإرغامهم على العودة عشرات السنين إلى الوراء، في وقت يحدث في كل دقيقة تقدم علمي جديد في أنحاء مختلفة من العالم، والفلسطينيون يعمقون الانتكاسات الكبيرة والمؤلمة التي شملت جميع مناحي حياتهم، وتركت ظلالاً سيئة على قضيتهم ومشروعهم الوطني لن يستطيعوا الخروج منها لفترة زمنية طويلة.

وعاد الأصدقاء مجتمعين إلى الوراء وتذكروا أياماً سوداء مرت عليهم وعلى القضية الفلسطينية لم تكن بهذا السواد والقتامة التي يمرون بها هذه الأيام من تعميق الانقسام وجلد أنفسهم في ظروف دراماتيكية تعزز من تدمير النسيج الاجتماعي. وروى احد الأصدقاء قصة شقيقين من حركتي "فتح" و"حماس" يبيتان في نفس الغرفة ولا يتحدثان الواحد مع الآخر، وغيرها من القصص التي تدمي القلوب من الحال التي وصل إليها الفلسطينيون، من الإحباط وغياب الأمل في المستقبل.

فهل سيعود الفلسطينيون إلى ذاتهم ورأب الصدع الذي أتى على كل شيء لديهم، ونسوا أن الاحتلال ما يزال جاثما على صدورهم، ويذيقهم أصناف الاهانات والانتهاكات المستمرة، ويمضي في مشاريعه من دون أن يقدم الفلسطينيون النموذج الأفضل في النضال من أجل كسر الحصار والتضامن مع أنفسهم وقضيتهم، والإثبات لأنفسهم وللاحتلال أنهم لن يجبروا على العودة إلى الوراء عشرات السنيين بالإجراءات العقابية التي يفرضونها عليهم، وسوف يخرجون من هذه الحال المأسوية.

التعليقات