31/10/2010 - 11:02

في تناقضات تصريحات الرفيق حواتمة والنظام السياسي العام../ يونس العموري

في تناقضات تصريحات الرفيق حواتمة والنظام السياسي العام../ يونس العموري
من الواضح أن القيادات الفلسطينية على مختلف انتماءاتها التنظيمية السياسية تقف عاجزة أمام تطورات الأوضاع على الساحة الفلسطينية... ومن الواضح أيضا أن هذا العجز قد قزم ومازال يقزم العديد من هؤلاء القادة، والتي ينظر إليهم الشعب الفلسطيني بوصفهم "قادة تاريخيون"...

وأمام هكذا عجز بدا أن احتراف الكلام واللعب على التناقضات السياسية قد بات سيد الموقف لهؤلاء القادة، وذلك من خلال إجراء المقابلات الصحفية أو الظهور بشكل أو بآخر من خلال الإطلالات الإعلامية لتوضيح المواقف أو إطلاق التصريحات، دون أن تشكل أطروحاتهم الإعلامية أو أن تساهم بأي شكل من إشكال إعادة ترتيب أوضاع البيت الفلسطيني الداخلي...

ولعل إطلالة الرفيق نايف حواتمة من خلال صفحات جريدة الحياة اللندنية قبل أيام تعكس الكثير من هذا العجز والتخبط والى حد كبير التناقض.... فقد شكك الأمين العام لـ "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" بـ "شرعية" الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والمجلس التشريعي بذريعة أن انتخابات 2005 و2006 "اقتصرت على 40 في المئة من أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، لذلك لا الرئاسة ولا المجلس يمثلان الشعب". على حد تعبيره..

وهو الأمر الذي قد يكون صائبا إلى حد ما... (ولست هنا بمعرض الدفاع عن مقام رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية حيث الكثير من الملاحظات التي سجلتها وأسجلها على هكذا مقام بالظرف الراهن..) إلا أن السيد حواتمة قد نسي أو ربما تناسى أن ما يسمى برئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية يقتصر تمثيلها على سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية وقطاع غزة ) وان ولاية المجلس التشريعي إنما تمتد على هذه الأراضي بموجب اتفاقات أوسلو التي اعتقد أن تنظيم حواتمه قد وافق عليها بمجرد دخوله في إطار العملية الإنتخابية التي قامت وقائمة على أسس هذه الاتفاقات بل إن هذه الاتفاقات الناظمة للفعل السلطوي الفلسطيني بصرف النظر عن مدى فعاليتها أو التزام أطرافها بها إلا أنها تعتبر السند الأساسي التي تقوم عليه ما تسمى بشرعية السلطة الوطنية الفلسطينية على المستوى الخارجي ودون اللجوء إلى الحذلقات السياسية الأخرى .... هذا أولا ...

وثانيا أعتقد أن النظام السياسي الفلسطيني برمته (واقصد هنا بنظام السلطة الفلسطينية ) وما يصدر عن هذه السلطة من تشريعات أو مراسيم رئاسية أو حتى علاقات سياسية مع المحيط تستند أولا وآخرا للاتفاقات المبرمة مع الجانب الإسرائيلي حتى فيما يخص الشأن الحياتي الداخلي للشعب الفلسطيني وهو الأمر الذي يعلمه تماما السيد حواتمه، ويعلم أن شأن عودته وإقامته في الأراضي الفلسطينية مرهون بالأساس بالموافقات الإسرائيلية وفقا لهذه الاتفاقات، وبالتالي يعلم أن تنلك الاتفاقات قد أضحت هي الناظم الفعلي والأساسي للشأن الفلسطيني ككل، لا على المستوى السياسي فحسب بل على المستوى المعيشي الحياتي وكل ما له علاقة بالأمور الحيوية المعيشية للشعب من أمور الكهرباء والمياه والاستيراد والتصدير وحتى في فيما يخص تجديد الهويات الشخصية أو الحصول على جواز السفر ...

من هنا فثمة الكثير من الملاحظات التي تتطلب إعادة النظر فيها وفي أولوياتها الفعلية على المستوى السياسي والوجودي للشعب الفلسطيني كونه قد بات مرهونا للإرادة الإسرائيلية على مختلف المستويات والأصعدة، الأمر الذي يحمل معه الكثير من دلالات فعل السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين وهو الفعل الواضح... ومشهدية الوقائع الفلسطينية تؤكد هذه النتيجة... وحيث أن الجبهة الديمقراطية قد أضحت جزءا من المشهد السياسي الرسمي الفلسطيني كما هي باقي الفصائل والقوى الوطنية الفلسطينية (ما عدا حركة الجهاد الإسلامي) فقد باتت بالتالي من صُناع القرار السياسي الرسمي للسلطة الوطنية التي يدعي حواتمة أنها لا تمثل الشرعية الفلسطيني..

وهنا لابد من طرح السؤال الآتي ... إذا كان التشريعي والرئاسة والحكومة غير شرعية ولا يمثل الشعب الفلسطيني فمن برأي السيد حواتمة يمثل الشرعية الفلسطينية؟؟ وإذا كانت الإجابة هي منظمة التحرير الفلسطينية فمن الواضح أن هكذا إجابة غير مقنعة على اعتبار أن منظمة التحرير الفلسطينية اعتبرت نفسها مرجعية للسلطة وان هذه السلطة إحدى اذرع المنظمة ...

وإذا ما أُعتبر أن من الضرورة أن تجري الانتخابات على أساس التمثيل النسبي الكامل وبكافة أماكن التواجد الفلسطيني وبمختلف مناطق الشتات.. (كما تحدث الرفيق حواتمة للحياة اللندنية ) فلابد أن نعلم أن الأزمة التمثيلية الفلسطينية وشرعيتها لا تقع في دائرة الخلل الديمقراطي ذاته .. ولا تقع في دائرة الإعتراض على النظام السياسي (وهو المفروض أن يشكل جوهر الفعل الفلسطيني ) حيث أن هذا النظام مجتزأ وليس هو النظام المطلوب والمُراد له أن يكون للشعب الفلسطيني .. ولا اعتقد أن العملية الديمقراطية والاختلاف على قوانينها وطرق تنفيذها هو ما يشكل أساسيات الخلافات الداخلية الفلسطينية التي وصلت لحد الحرب الأهلية.... كما أنني لا اعتقد أن التشكيك بشرعية منظمة التحرير الفلسطينية يشكل مخرجا للأزمة أو أنها تشكل هي حقيقة الأزمة (مع الأخذ بعين الإعتبار وقائع هذه المنظمة وترهل مؤسساتها وأجهزتها وضرورة إعادة بنائها وفقا للاعتبارات الوطنية والمصالح العليا للشعب الفلسطيني ....) كما أنني لا اعتقد بالمطلق أن إعادة صياغة قانون الانتخاب للتشريعي يشكل مخرجا للأزمة المعاشة فلسطينيا ولا يمكن أن تشكل الإنتخابات العامة للمجلس الوطني أيضا مخرجا فعليا لأزمة النظام السياسي الفلسطيني... حيث أن هذا النظام قد أصبح نظاما هجينا مدجنا تدجينا غريبا، تتزاوج فيه مفاهيم الفعل السلطوي بمفاهيم قوانين وأساسيات العمل الوطني في ظل مرحلة التحرر من الاحتلال، وهو الأمر الذي أربك الساحة الفلسطينية وبالتالي شتت الخطاب الوطني والسياسي وباتت معه كل المفاهيم مقلوبة رأسا على عقب مخالفة لكل قوانين فعل التحرر...

إن النظام السياسي الفلسطيني القائم والحاكم لمنطق الأمور وإيقاعاتها العملية والفعلية على الساحة الفلسطينية يتجسد من خلاله مكمن الخلل حيث لا اتضاح لفعل السيادة الفعلية على الأرض والإنسان بموجب هذا النظام المنبثق من الرحم الأوسلوي... ولا هو قادر على استيعاب قوانين الفعل التحرري من خلال الفعل المقاوم... والدليل على هذه النتيجة هو ما آلت إليه الأوضاع الفلسطينية ككل... حيث لا فعل سياديا للسلطة على الأرض بموجب هذا النظام، ولا تستطيع فصائل الفعل المقاوم أن تمارس نهجها بالمقاومة على مختلف أشكالها حينما تصير جزء من النظام الأوسلوي العام الذي يحكم منطق أمور السلطة الوطنية الفلسطينية وعلى الأقل هذا ما لمسناه من خلال ولوج وعبور العديد من قوى الرفض الفلسطينية إلى الملعب السياسي الفلسطيني الرسمي في الإطار السلطوي ومؤسساته التشريعية والحكومية...

أخيرا اعتقد أن الرفيق حواتمة بدا متناقضا ما بين تصريحاته التي أعلن من خلالها تشكيكه بشرعية هو جزء منها ومن فعلها ومن نظامها العام وعلى مختلف الصعد والمستويات.

التعليقات