31/10/2010 - 11:02

قبلات وصفعات../ د.جمال زحالقة

قبلات وصفعات../ د.جمال زحالقة
وصلت شعبية الرئيس الامريكي جورج بوش الى الحضيض أمريكيا وعالميا، وهو لا يجد مكانا في العالم يستقبل به بحفاوة وترحاب غير إسرائيل، التي خرجت قياداتها عن طوقها في التهليل له وكيل المديح لدوره ولزعامته.

وفي الوقت الذي تنتظر فيه الأغلبية الساحقة من الأمريكيين وبقية سكان العالم بفارغ الصبر نهاية عهد بوش المشؤوم، فإن اسرائيل تفعل المستحيل للاستفادة مما تبقى له من وقت في البيت الابيض.

ليس الترحيب ببوش من باب المجاملة أو التملق، بل هو تعبير عن مشاعر ومواقف إسرائيلية ترى فيه افضل حليف لإسرائيل، بل هو في الحقيقة إسرائيلي أكثر من الإسرائيليين، وفي عهده اكتملت عملية أسرلة الموقف الأمريكي في الشرق الاوسط، لدرجة أن مصالح الطرفين ومواقفهما لم تعد تتقاطع فحسب بل تكاد تتطابق، ولدرجة ان الذيل (إسرائيل) صار يقود الرأس (الولايات المتحدة).

يزور بوش إسرائيل للمشاركة في الاحتفالات بمرور ستين عاما على تأسيسها، ولعل قمة وأوج المراسيم والطقوس هو خطاب بوش في جلسة احتفالية للكنيست. وكان من الطبيعي والمفروغ منه أن يقاطع التجمع هذه الجلسة وذلك بسبب الموضوع والشخص.

هذه ليست جلسة عادية للكنيست، بل هي طقس احتفالي بمناسبة قيام الدولة العبرية على أنقاض الشعب الفلسطيني، والمشاركة فيها هي مشاركة في الاحتفالات بما يسمى "استقلال اسرائيل". لقد دعونا وما زلنا ندعو جماهير شعبنا إلى إحياء ذكرى نكبة شعب فلسطين، وإدانة كل من يشارك في هذه الاحتفالات. أما الشخص، جورج بوش، فهو المسؤول المباشر عن معاناة مئات الملايين من البشر وعن قتل مئات الألوف في العراق وافغانستان وفلسطين ولبنان وغيرها. وهو يهدد بالمزيد، إذا سمح له عمره السياسي بذلك.

إن قدوم بوش للاحتفال بستين اسرائيل هو دليل قاطع، لكل من كان بحاجة الى دليل، على عمق الانحياز الأمريكي لإسرائيل. هذا الانحياز لا يقتصر على المجال السياسي وحتى الاستراتيجي، بل يتعداهما إلى العمق الأيديولوجي. فالموقف الأمريكي لم يتأسرل فحسب، بل تصهين، كما تبين من خلال تبني مطلب اسرائيل للاعتراف بها كدولة يهودية ومن خلال اجترار الرواية الصهيونية حول ما جرى وما يجري في فلسطين.

إن مشاركة بوش في احتفالات اسرائيل هو اعلان صريح بإن الذي حدث عام 48 هو مناسبة للأفراح وفيه تجاهل للنكبة واستهتار بشعب فلسطين ومعاناته المتواصلة. الولايات المتحدة، مسؤولة عن هذه المعاناة، بدعمها غير المحدود لسياسة الاحتلال العنف والعدوان، وكل مراهنة على الوساطة الامريكية لن تجلب للشعب الفلسطيني سوى المزيد من الويلات.

لن تغطي الأجواء الاحتفالية في زيارة بوش لإسرائيل على فشل سياساته ورهاناته في المنطقة. في الوقت الذي يتبادل هو القبل مع الزعماء، يتلقى المزيد من الصفعات من الشعوب. الصفعة التي تلقاها في لبنان ليست الأولى وليست الأخيرة، وفيها دليل على عمق الرفض الشعبي لمشاريع الهيمنة الأمريكية الاسرائيلية في المنطقة. هذا الرفض يترجم نفسه على شكل ممانعة او معارضة او مقاومة، وفي كل الاحوال فإن مهب الريح في شرقنا الحبيب يسير بعكس ما تشتهيه سفن وبوارج العم سام ومن يركب معه فيها.

التعليقات