31/10/2010 - 11:02

لكي ينجح حوار القاهرة القادم!../ د. أسعد عبد الرؤوف أبو شرخ*

لكي ينجح حوار القاهرة القادم!../ د. أسعد عبد الرؤوف أبو شرخ*
أستأذن الأخوة المتحاورين الكرام من فتح وحماس وباقي التنظيمات والشخصيات الوطنية والثقافية المشاركة في الحوار والتي تشارك بالحوار أيضاً أن أتقدم ببعض العناصر التي أرى أنها ضرورية وتسهم في علاج الوضع، وقد تقضي على مرض الانقسام والاقتسام الذي أنهك الجسد الفلسطيني، خاصة وأن هناك رغبة قوية لدى الشعب الفلسطيني في فلسطين وخارجها من منافي ومخيمات - بإنهاء الانقسام وعودة روح الانسجام والوئام والمحبة أقوى من أي وقت مضى، وعودة الوحدة الوطنية أصلب من ذي قبل عزماً وحزماً وحسماً على القواعد التي ارتآها وارتضاها الرواد من قادة العمل الوطني الفلسطيني الذي أسسوا م. ت. ف وعلى رأسهم القائد الكبير المرحوم أحمد الشقيري الذي صاغ وصك بنفسه هذه القواعد وهي 1 - وحدة وطنية 2- تعبئة قومية 3- تحرير .

أما هذه العناصر التي تؤدي إلى الشفاء التام والخروج من مرض الانقسام اللعين الذي أصاب الأمة فهي بسيطة ولا تكلف الكثير وتتمثل فيما يلي:
1 - التوقف عن التصريحات الانفلاشية، والتراشق الإعلامي واللغة المسممة والمسمومة، والتخفيف من سياسة التعنتر بل عدم تقمص شخصية عنتر قولاً وفعلاً وسلوكاً وتصرفاً، وأن ينظر المتحدث إلى نفسه في المرآة ليرى ملامح وجهه صعوداً وهبوطاً يكبح جماح نفسه.

2 - إخلاص النوايا والالتزام بالصدق، والصدق فقط، والبعد عن الأحابيل والأحبولات الخدعوية والتضليلية والانطلاق من حسن نية ورغبة صادقة في التوصل إلى اتفاق ينفذ البلاد والعباد.

3 - القدرة على التنازل لبعضنا البعض من أجل الحفاظ على ثوابتنا وقضيتنا المقدسة وحاضرنا ومستقبلنا، وعدم الاستماتة في التمسك بالسلطة لأن السلطة مفسدة والسلطة المطلقة مفسده مطلقة.

4 - مراجعة صادقة للمرحلة السابقة الأليمة واتخاذ العبرة واستنباط الدروس ومحاسبة كل من أساء للشعب والقضية بالفساد الوطني أو السياسي أو الاقتصادي أو الإداري أو الأخلاقي أو غيره... وتشكيل لجنة تحقيق محايدة وموضوعية من كبار الخبراء لمعالجة كل القضايا العالقة والشائكة.

5 - تغيير الوجوه التي تطل علينا من الفضائيات وهي متوترة منرفزة تتحدث بلغة حادة أو هابطة، إذ أصبحت هذه الوجوه ممجوجة ومنفرة والاكتفاء بمتحدث واحد، يتحدث بلغة أنيقة تجمع ولا تفرق، فيها من الحرص الشديد على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني أكثر مما بها من تمترس وراء الحزب أو التنظيم والأطروحات العقيمة والعدمية.

6 - إغلاق ملف الاعتقالات السياسية تماماً وفوراً والتزام بعدم العودة إليه مهما كانت الظروف ومهما تعمقت الخلافات، انطلاقاً من أن الخلاف لا يفسد للود قضية وأن الاعتقال وصمة عار في جبين الحاكمين مهما كانوا.

7 - عدم القيام بأي خطوة - بالقول أو بالفعل - تصريحاً كان ذلك أم ممارسة على الأرض من شأنه أن يعكر صفوف اجتماعات القاهرة المرتقبة، وإعداد التنظيمات والناس نفسياً وحبياً، والتمهيد بخطوات محسوبة لاتفاق يعيد لم الشمل وعودة الروح للشعب والمحبة للناس والترابط والتماسك للمجتمع.

8 - إعادة فتح جميع المؤسسات الأهلية والمؤسسات الصحفية والإعلامية التي تم إغلاقها، وإعادة الممتلكات التي تم مصادرتها منها والسماح لهذه المؤسسات بالعمل والحركة بحرية وحسب القانون.

9 - الاتفاق على حكومة وحدة وطنية أو وفاق وطني من أفضل كوادر وقيادات تنظيمات العمل الوطني والشخصيات الوطنية المشهودة لها بالكفاءة والنزاهة والانتماء الوطني والتجرد والموضوعية والدفاع عن ثوابت الشعب ومصالحه العليا.

10 - التراجع فوراً عن أي خطوة غير قانونية أو مثيرة للجدل، أو قرار متسرع قد تم اتخاذه انطلاقاً من المناكفة السياسية والدوافع الحزبية الشططية!

11 - إيقاف المباحثات العبثية الضارة بالقضية الفلسطينية وما ينتج عنها من لقاءات وتنسيق أمني وغيره، لأنها ضد المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، خاصة وأن المستفيد منها هو إسرائيل، التي تعطي انطباعاً كاذباً بأنها تريد السلام في الوقت الذي تقوم به بارتكاب مجازر ضد الأرض والإنسان، سواء بمصادرة الأرض وطرد أهلها وبناء مستعمرات جديدة أو الزج بآلاف الفلسطينيين في المعتقلات الصهيونية النازية أو فرض حصار بشع وإجرامي على قطاع غزة أو ما تمارسه من جرائم وتطهير عرقي يومي في الضفة الغربية على مرأى ومسمع من السلطة!

12 - عدم اقتصار الاجتماعات على التنظيمات الفلسطينية والاستعانة بآراء ورؤى المثقفين الوطنيين الفلسطينيين وأصحاب الخبرة الطويلة والعميقة في العمل الوطني من أمثال: د. سليمان أبو ستة ، د. عزمي بشارة، الأستاذ شفيق الحوت ، الأستاذ منير شفيق، الأستاذ بلال الحسن، الأستاذ نصير عاروري، وغيرهم. لأن رؤية المثقف الذي يأخذ مسافة متساوية من جميع التنظيمات ذات أهمية كبرى، خاصة في بعدها الاستراتيجي والشامل وهو ضمير الأمة، لأن المثقف موقف، بلا تحيز أو هوى أو مصلحة شخصية ولهذا من الضرورة لنجاح الحوار أن يدلى المثقفون بدلوهم وأن يؤخذ برأيهم.

13 - إن منظمة التحرير في وضعها الحالي لا ترضي الشعب ولا تسر الصديق ولا تغيظ العدو، ولهذا يجب وضع خطة بجدول زمني محدد للبدء بإعادة بناءها وتفعيلها ورد الاعتبار إليها وإلى برنامجها النضالي، التحرري المقاوم الذي أنشئت من أجله وخاصة عودة اللاجئين – دون مساومة – لأن قضية اللاجئين هي لب قضية الصراع، ولا يجب تقديم أي من القضايا عليها خاصة ولنتذكر دوماً أن حوالي سبعين في المائة من الشعب الفلسطيني هم من اللاجئين .

14 - التأكيد والالتزام بثقافة المقاومة بجميع عناصرها ومقوماتها وعدم التنازل عنها تحت أي ظرف لأنها هي عنصر الضغط الأهم لدى الشعب الفلسطيني، لأن التنظيمات الفلسطينية جميعها وعلى رأسها م. ت. ف هي في جوهرها حركات مقاومة بالكفاح المسلح والكفاح السلمي، فالطلقة والكلمة والمظاهرة والاعتصام والاحتجاج المدني، والمشاركة في الندوات والمؤتمرات الدولية وإظهار صورة حضارية للشعب الفلسطيني تراثاً وتاريخياً وحياة وسلوكاً ونظاماً وقانوناً وإنسانياً من العوامل المهمة والمطلوبة في النضال الوطني.

15 - التمسك والتمترس بالثوابت الوطنية وعدم التنازل عن أي منها لفظاً أو قولاً أو عملاً أو توثيقاً أو اتفاقاً إذ أن التفاوض لا يعني التنازل، فالتفاوض في لبه يخدم الهدف القائم على إستراتيجية واضحة وأي تكتيك تفاوضي يمس الثوابت، أو يفرط بها بحجة الواقعية أو التذرع بالوضع العربي أو الدولي هو نوع من وجهة النظر التي هي الخيانة بعينها ألم يقل القائد الشهيد أبو إياد " صلاح خلف " ( هل تذكرونه! ) أخشى أن يأتي اليوم الذي تصبح فيه الخيانة وجهة نظر. ولقد سمعت هذا القول منه شخصياً في بيته في الكويت ذات يوم في أواخر الثمانينات من القرن العشرين. ثم أليس التفريط بحق العودة أو مقايضته بإمكانية إقامة الدولة المسخ هو خيانة بلا تجميل أو رتوش خيانة في وجهها القبيح التي تستحق عقاباً يتفق مع حجمها وهولها وكارثيتها! بغض النظر عمن يحمل هذا الرأي، رئيساً أو وزيراً أو مثقفاً أو غفيراً أو صعلوكاً!

16 - الاتفاق على مراجعة المرحلة السابقة، خاصة من أوسلو حتى اليوم، حيث تم خلق طبقة مدعومة أمريكيا وإسرائيلياً تحافظ على مصالحها الذاتية وعلاقاتها الأجنبية، ولهذا يجب تنظيف البيت الفلسطيني وإعادة ترتيبه وإبعاد - بالقانون. كل من ساهم سلباً أو أساء أو كان جزءاً من منظومة الفساد ضد المصالح العليا للشعب الفلسطيني.

17 - إن وضع كل الأوراق في السلة الأمريكية الإسرائيلية لن يحقق إلا المزيد من التنازل والتفريط وضياع القضية واختراق المجتمع الفلسطيني وتوهين مقومات النضال، وتبهيت القضية، وخلق طابور كبير من التابعين واللاهثين وراء مصالحهم الدولارية وغيرها. ولهذا لا يجب أبداً الاعتماد على أمريكا ورؤسائها لأن التجربة والواقع والحقيقة تؤكد أن أمريكا إسرائيلية الهوى صهيونية الايدولوجيا، استعمارية التوجه لا تحترم الضعفاء ولا ترد الحقوق، بل تحتقر اللاهثين وراءها، وتسلبهم حقوقهم برغم ما تقدمه لهم من ابتسامات خادعة أو وعود فارغة أو عهود كاذبة. ولهذا يجب الاعتماد وكل الاعتماد على الشعب وقدرته في التضحية ومقاومة الباسلة ومن هنا فمن لا يدافع عن حقوق شعبه بل وكل من يرتبط بالمشروع الأمريكي لا يجب أن يعطي شرف تمثيله وقيادته ويجب أن يتنحى وأن يبتعد من تلقاء نفسه قبل أن يخلعه الشعب!!

18 - إن الرئيس القائد الشهيد ياسر عرفات دفع ثمن موقفه وضحى بنفسه من أجل الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وخاصة قضية حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي طردتهم منها العصابات الصهيونية عام 1948 عن طريق التطهير العرقي والمجازر، ولهذا لا يجب على أي رئيس بعده أن يفرط بأي من هذه الحقوق والتفريط هنا بالقول أو بالفعل، وأن حركة فتح قدمت كوكبة من لجنتها المركزية وضحوا بأنفسهم من أجل فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني، خاصة حق العودة، نذكر منهم الأخوة القادة الشهداء الأبطال أبو إياد، أبو جهاد، أبو السعيد، أبو الوليد، كمال عدوان، ماجد أبو شرار، صبحي أبو كرش وغيرهم كما أن حركة حماس فقدت قائدها وزعيمها الشيخ أحمد ياسين والقادة الشهداء الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، الدكتور المقادمة، المهندس إسماعيل أبو شنب وغيرهم وكذلك فعلت الجبهة الشعبية وقدمت كوكبة من قادتها على رأسهم أبو علي مصطفى والجهاد الإسلامي قدمت كوكبة وعلى رأسها الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي وكذلك الجبهة الديمقراطية وباقي الجبهات.

19 - إعادة تشكيل الأجهزة الأمنية بتوجه وطني فلسطيني من أنزه وأخلص وأكفأ القيادات ومحاسبة من قمع وظلم الشعب وأثرى على حسابه وكان أداة طيعة في يد الأجنبي.

20 - الالتزام بالوثائق المرجعية التي أجمع عليها الناس وأهم هذه الوثائق، وثيقة الوفاق الوطني، وثيقة القاهرة 2005 وأي وثائق أخرى بروح إيجابية تتسم بطابع التنفيذ والالتزام وعدم التلكؤ أو التراجع أو التخلص من أي بند فيها.

21 - الانطلاق من أن فلسطين أكبر من أي تنظيم أو حزب وفوق أي تنظيم أو حزب، وإذ ما تصادمت مصلحة الحزب مع المصالح العليا للشعب الفلسطيني وفلسطين، يجب وبالضرورة الوطنية والدينية والأخلاقية الانحياز إلى فلسطين والشعب الفلسطيني والتضحية بمصالح الحزب والتنظيم لرفعة شأن فلسطين ومن أجل تحريرها واستعادتها.

22 - أن أي دور عربي مرحب به، بل ومطلوب على قاعدة أن فلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي وأمنه القومي، ومن هنا الطلب من العرب بأن يقفوا مع الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده لأنه في الخندق الأمامي للدفاع عن الأمة العربية، مما يحتم على الدول العربية مسؤولية توفير دعائم الصمود والتصدي له وتخصيص الدعم المالي الملتزم له حتى لا يقع الشعب الفلسطيني فريسة وضحية للابتزاز الأمريكي، لأن أمريكا تستخدم المال كوسيلة ابتزاز وضغط على القيادة الفلسطينية ولهذا فلا يجب أن تخجل القيادة الفلسطينية من الطلب من الدول العربية من الوفاء بواجباتها تجاه الشعب الفلسطيني، لأن واجب الدفاع عن القدس وفلسطين واجب عربي وإسلامي، وسبق للدول العربية أن وضعت جيوشها وأموالها ونفوطها وفتحت أراضيها وحدودها وأجواءها ومطاراتها وممراتها البرية والبحرية والجوية من أجل تحرير الكويت، انطلاقا - كما قالوا - من الأمن القومي العربي، فلماذا لا يستخدمون نفس المعيار مع فلسطين، خاصة ونحن لا نطلب منهم جيوشاً بل دعماً سياسياً مالياً ونفطياً حتى لا يكون القرار الفلسطيني مرتهناً للإدارة الأمريكية والدولار الأمريكي.

23 - إن وقوف الدول العربية مع الشعب الفلسطيني يعني الوقوف في وجه أطروحات المساومة أو التنازل عن أي شبر من فلسطين أو حق من حقوق الشعب الفلسطيني وعلى القيادة الفلسطينية أن تؤكد ذلك للدول العربية بوضوح ودون تردد أو خجل أو وجل!

24 - إن الدول العربية عليها أن تفهم أن استمرار علاقات الحب والغزل والعشرة والمعاشرة مع إسرائيل يضر بالقضية الفلسطينية وبنضال الشعب الفلسطيني، في وقت تستمر فيه إسرائيل بارتكاب المجازر والاستيلاء على المزيد من الأراضي واعتقال المزيد من أبناء فلسطين وتشديد الحصار والخناق، ومن هنا المطلوب من الدول العربية استخدام أسلوب الضغط مع إسرائيل وليس الاستجداء وقبل أن تلوم الدول العربية الفلسطينيين ، عليها دوماً أن تسأل نفسها هل قامت بدورها العروبي والقومي والوطني والأخلاقي والديني تجاه فلسطين وهل لو قامت هذه الدول – المدججة بالمال والنفط والسلاح بدورها، أكانت فلسطين أو الجزء الأكبر منها محتلاً حتى هذه اللحظة؟! وليقارنوا ما قدمته الصهيونية العالمية ويهود العالم وأمريكا والغرب لإسرائيل، بما قدمته هذه الدول العربية من أجل فلسطين، ويكفي حسرة أن الدول العربية النفطية خسرت في الهزة المالية الحالية أكثر من 150 مليار دولار لصالح عيون أمريكا وبوش وغيره!

25 - إننا نعيد الترحيب بالدور العربي على قاعدة المقاومة والمواجهة والتحرير وعدم التفريط عن حقوق الشعب الفلسطيني - وخاصة حق العودة الذي هو جوهر الصراع.. ثم ألا تستحق القدس التضحية، ألا تتذكرون صلاح الدين؟ وجمال عبد الناصر؟

ولنفترض - يا عرب - أنه لا يوجد شعب فلسطين في فلسطين، ألا تستحق فلسطين التضحية من أجلها، وهل يجب أن تبقى القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني الذي ترفرف أعلامه في بعض عواصمكم وعلاقاته مع معظم عواصمكم وهواه - كما يقولون - مع جميعكم؟
وأخيراً : أحلى الكلام وأحكمه!
لحظة غضب - من أجل فلسطين - يا أمة العرب!

التعليقات