من المفارقات الغريبة المذهلة ايضا، في اطار المكاييل المتعددة الامريكية والاوروبية والاممية، انهم وبينما هم يطاردون ويحاصرون سوريا مثلا ويشكلون لجان التحقيق للقبض على "المتورطين في اغتيال الرئيس الحريري" اولا، ثم المتورطين باغتيال "التويني" ثانيا...وفي الوقت الذي يفبركون ويزيفون الروايات والاعترافات التي من شانها ادانة سوريا، وفي الوقت الذي يحاكمون فيه الرئيس العراقي صدام حسين امام محكمة الاحتلال الامريكي في بغداد بتهمة ارتكاب "مجزرة الدجيل "وقتل نحو 148 مواطنا عراقيا ... فانهم ليس فقط يغضون النظر عن جنرالات الحرب والاجرام والجرائم والاغتيالات والهدم والنسف والتدمير في "اسرائيل"، وانما هم يتواطأون مع تلك الدولة التي تعتبر اليوم بالمقاييس والمواثيق والاعراف الدولية والبشرية دولة خارجة على القانون الدولي.
تفاءلنا منذ اسابيع قليلة عندما فتحت محكمة بريطانية ملف الاجرام للجنرال الاسرائيلي "دورون الموغ" واصدرت قرارا باعتقاله لتقديمه للمحاكمة باقتراف جرائم حرب بحق المواطنين الفلسطينيين، ولكنه تمكن من الفرار من مطار لندن قبل القاء القبض عليه بعد ان سربت المعلومات ل"اسرائيل " ...؟
ثارت ضجة كبيرة في " اسرائيل " وارتعدت فرائص جنرالات الاجرام الاسرائيلي وامتنعوا عمليا عن السفر للخارج خشية اعتقالهم ومحاكمتهم امام محاكم اوروبية، وذكرت اسماء عدد من كبار جنرالات الاحتلال المطلوبين للمحاكمة مثل رئيس اركان جيش الاحتلال السابق الجنرال موشيه يعلون، وكذلك الجنرال دان حلوتس رئيس اركان الجيش الاسرائيلي حاليا، واضيف اليهم قبل ايام ايضا "آفي ديختر" رئيس الشاباك، سابقا، المطلوب امام محكمة امريكية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وقتل عدد من الاطفال الفلسطينيين، اضافة الى عدد آخر من كبار الضباط الاسرائيليين وجميعهم مطلوبون بتهمة اقتراف جرائم حرب متنوعة ضد الشعب الفلسطيني ...
لقد نجح وفد رسمي اسرائيلي قام بزيارة الى لندن باغلاق ملف مجرمي الحرب الاسرائيليين ..
قرأنا حينئذ عن همة فلسطينية وعربية تدعو المجتمع الدولي الى العمل على جمع الوثائق والدلائل والبيانات التي تدين رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون توطئة لتقديمه للعدالة الدولية، لمسؤوليته عن سلسلة من الجرائم بحق الفلسطينيين والعرب ... الا ان كل الهمم والنوايا الفلسطينية والعربية وغيرها المتعلقة بالعمل على تقديم جنرالات الاحتلال الاسرائيلي للعدالة الدولية قد هبطت وتراجعت وانطفت الى ان غابت في هذه الايام تماما ...
فلماذا ...؟وكيف ...؟ ومن يتحمل مسؤولية هذا الهبوط والتراجع ...؟
"الحركة الاسرائيلية ضد هدم البيوت العربية" اتصلت بالمحامي البريطاني "ميخوفر " المتخصص بقضايا حقوق الانسان وطلبت منه رفع دعوى امام المحكمة البريطانية ضد اسرائيليين مسؤولين عن هدم بيوت عربية في القدس باعتبار عملية الهدم جريمة حرب ...؟
وحركة "هناك حدود " الاسرائيلية تقدمت بدورها بدعوى ضد الجنرالين حلوتس ويعلون بتهمة تورطهما بعمليات اغتيال ضد فلسطينيين ...؟
المحامي الاسرائيلي "ميخائيل سفراد" الخبير في القانون الدولي لحقوق الانسان يقول: "خلافا للجرائم العادية فان جرائم الحرب هي جرائم دولية والقانون الدولي يلزم كل دول العالم بالتحقيق مع المسؤولين عنها وتقديمهم الى المحكمة الدولية ..في بريطانيا ..او في بيت اللوردات او في محكمة العدل العليا ...؟".
الكاتب الصحفي الاسرائيلي "جدعون ليفي" المناهض لجرائم الاحتلال يقول:"لقد ان الاوان لنبذ مجرمي الحرب من شارون وكبار الضباط لما يقترفونه بحق الفلسطينيين" ...؟
عمليا، على الارض الفلسطينية، ووفقا لكم هائل من المعطيات والشهادات الموثقة، فان الجنرالات شارون وموفاز ويعلون وآفي ديختر وحلوتس وايالون وغيرهم مسؤولون في السنوات الاخيرة عن سلسلة طويلة لا حصر لها من الاعمال الاجرامية مثل الاغتيالات والهدم الجماعي للبيوت على رؤوس اهلها من النساء والاطفال كما حدث في رفح.
يضاف الى ذلك مجازر جماعية مروعة متصلة اقترفت على مدار الساعة ضد الفلسطينيين .....
الجنرال موفاز يحصل بالمقابل على الدكتوراة الفخرية من جامعة بار ايلان ...؟
والجنرال شارون يحصل ايضا على الدكتوراة الفخرية من جامعة بن غوريون ...؟
مجموعة اخرى من الجنرالات يحصلون على اوسمة البطولة من الاركان الاسرائيلية!
حتى ان بعض الزعماء العرب بعثوا برسائل شخصية لشارون يشيدون به على الانسحاب من غزة بدلا من ان يطالبونه مثلا بدفع فواتير الاحتلال والمجازر والجرائم التي اقترفها ضد غزة واهلها...؟!!!
شارون يرشح لجائزة نوبل ...؟...شيء لم يأت في حسابات أحد ابدا...؟
فلماذا ...؟ وكيف...؟ فليرجعوا الى الشعب الفلسطيني ليسالونه مثلا: ما رايكم في منح شارون نوبل..؟
أو ليسألوا مثلا شولميت الوني او مجموعة الطيارين الذين رفضوا تنفيذ اوامر شارون بتنفيذ مذبحة ضد الاطفال الفلسطينيين...؟
لقد اصبحنا هنا على خلاف ونقيض المنطق والأصول والعدل والانصاف.. وعلى خلاف ونقيض كافة المواثيق والقوانين والشرائع الدولية والتقاليد الاخلاقية البشرية الانسانية، فقد اخذ البلدوزر الصهيوني المدجج بأكبر تراث وتطبيقات ارهابية مجازرية دموية يتحول، يا سبحان اللّه، الى "رجل سلام"، كما اطلق عليه الرئيس الامريكي بوش، والى "رجل شجاع" كما يطلق عليه ايضا آخرون...
وعلى أية حال لنأخذ اعترافات الجنرال " عامي ايالون" رئيس "الشاباك "الأسبق وأحد زعماء حزب العمل حاليا حيث اعلن جهارا نهارا على الملأ : "لقد قتلت عربا اكثر مما قتلت حركة حماس من اليهود "....؟؟؟؟
لقد قتل ايالون إذن من العرب ربما بالمئات أو بالآلاف وهو يعترف بذلك: فلماذا لا يثير هذا الاعتراف احدا أو رأيا عاما في الخارج ...؟
ولماذا لا يسارع أحد الى المطالبة بتقديمه الى المحكمة الدولية مثلا كما يطاردون "قتلة الحريري "...؟
فهل هناك يا ترى نفاق وخداع وافتراء أشد وطأة من ذلك..؟!
وهل هناك من اعتداء وظلم بحق الشعب الفلسيني أخطر من ذلك...؟!
التعليقات