31/10/2010 - 11:02

معركة تربوية../ ساطع نور الدين

معركة تربوية../ ساطع نور الدين
لم يلتفت احد الى الرسالة التي وجهها رئيس وزراء حكومة حماس في قطاع غزة اسماعيل هنية الى العرب والمسلمين في مناسبة حلول شهر رمضان، ودعاهم فيها الى التحرك السريع لفك الحصار المفروض على مليون ونصف مليون فلسطيني، لأن الرجل ليس قادرا على الإقناع، ولأن الجمهور ليس راغبا في الاستماع.. ولأن القضية تسقط يوما بعد يوم في دائرة النسيان، بفضل حماس نفسها التي تنتهز كل فرصة ممكنة لكي تتسبب بتعميق الهوة بين الفلسطينيين أنفسهم وبينهم وبين العالم الخارجي كله، ولو بواسطة حجاب!

لم يستمع أحد الى رسالة هنية، الذي تحول من رئيس وزراء مسؤول عن شعب أو عن جزء كبير من شعب، إلى داعية اسلامي يؤم الصلوات في المساجد ويجوّد القرآن عبر أثير الإذاعة، ويمضي أوقات فراغه الباقية في لعب كرة القدم.. ويصدر بين الحين والآخر قرارات رسمية مدوية، لا يمكن لأي فلسطيني محاصر أن يحلم بها، أو أن يفسرها إلا باعتبارها انفصاما تاما لقيادته عن الواقع.

مع الرسالة الرمضانية المؤثرة، قررت حكومة حماس وبلا أي منطق، بدء العام الدراسي في القطاع الأحد الماضي قبل أسبوع على موعده المقرر في الضفة الغربية، وأرفقته بتدبير إداري يقضي بفرض الزي الاسلامي المكون من جلباب كحلي وغطاء ابيض للرأس على جميع مدارس الفتيات في غزة، وبإجراء تعسفي يقضي بتأنيث تلك المدارس عبر منع الإداريين والمعلمين الذكور من دخولها تحت أي ظرف كان.

القطاع التربوي هو مجال حيوي لأي حركة اسلامية، وقد سبق لحماس أن استخدمته كقاعدة للتأسيس ومنصة للانتشار ومركز للتوجيه والتأثير.. إلى أن أصبح عنوانا إضافيا للانقسام مع السلطة الفلسطينية، كاد يتسبب بتعطيل أعوام دراسية سابقة نتيجة إضرابات المعلمين والطلاب واحتجاجات الأهالي الذين لا يدينون بالولاء للحركة ولا يقبـــلون قراراتها المستندة إلى نصوص إسلامية غير مثبتة أو على الأقل غير متطابقة مع معايير العصر.

هذه السنة، لن يكون العام الدراسي في غزة على الأرجح مهددا، لأنه خرج من دائرة الخطر الذي يمثله جمهور حيوي فقد الكثير من مقومات حيويته نتيجة الضربات الإسرائيلية المتلاحقة، والانتهاكات الإسلامية لثقافته ووعيه، والتي لم تكتف بفرض الفصل بين الجنسين في مدارس شعب يحتاج إلى كل طاقاته للصمود والبقاء، بل عمدت إلى فرض الحجاب المعطل لروح الفتيات الصغيرات، وإلى حرمانهن من شريحة واسعة من المدرسين الذين لا يمكن تعويضهم بمدرسات نساء يغطين ذلك الفراغ الهائل في قاعات الدراسة المغلقة والذي لا يقتصر على المنهاج التعليمي المقرر.

هي علامة جديدة على انهيار الشعب الفلسطيني الذي ابتلي بقيادات نذرت نفسها من جهة لنشر الرسالة الإسلامية، أو كرست نفسها من جهة اخرى للتسليم بدعاوى دينية أخرى.. على مرأى ومسمع من الأمة التي ملت من متابعة تلك الفضيحة.
"السفير"

التعليقات