31/10/2010 - 11:02

معركتنا في ترابين الصانع: صمودنا على الأرض وخروج الشرطة من أراضينا../ حنين زعبي

معركتنا في ترابين الصانع: صمودنا على الأرض وخروج الشرطة من أراضينا../ حنين زعبي
لا تصف „العنصرية”، وطبعا ليس „التمييز”، ما يجري فينا في ترابين الصانع، نحتاج لكلمات أخرى، مثل إذلال، دوس على كرامات، ونحتاج لمصطلحات مثل ذهنية المستعمر، لأنها الوحيدة التي تعبر عن شعور طرف ما بامتلاك مطلق للطرف الأخر.

ترابين الصانع، تجسد لنا ولغيرنا كيف أن مصطلح تمييز، لا يكفي، وأن مصطلح عنصرية لا يكفي، مصطلح عنصرية لا يكفي شرطة تقوم بتصوير كل من يدخل إلى بلد، ويقوم بتفتيش الناس، سياراتهم، منازلهم، أجسادهم. مصطلح عنصرية لا يكفي لتصوير سهولة تحويل رئيس مجلس يهودي لحاكم للقرية العربية المجاورة.

لا تكفي مصطلحات مثل تمييز وعنصرية أن تصف عمليات: نصب الحواجز، استجواب السائقين، فحص بطاقات هويتهم، رخص القيادة ورخص المركبات، إجبار راكبي السيارة على النزول منها، التفتيشات المنزلية، تفتيش المركبات، تفتيش أجساد الناس، واستجواب الناس. كل هذا في سياق محاولة السلطات الاستيلاء على الأرض.

قد يكبت العنصري مشاعره العنصرية عندما لا يشعر أن لديه النفوذ للتعبير عنها، قد يحاول العنصري أن يراعي قانونا ما، أو حساسية سياسية ما، لكن حالة ترابين الصانع تجسد أقصى درجة من درجات العنصرية مع أقصى حد من حدود النفوذ، حيث لا عوائق لا قانونية ولا سياسية ولا أخلاقية تردع العنصري. شرطة إسرائيل لا تتعامل مع ترابين الصانع بنفسية العنصري، وبالطبع ليس بنفسية الشرطة المسؤولة عن الأمن والنظام، بل بنفسية المستعمر الذي يشعر بسيطرة مطلقة على الأرض وعلى صاحبها.

مخططات نزع الأراضي من الساكن ما زالت تجري، وأكثر من أسبوع مضى، وتطويق البلدة من الخارج والتعسفات في داخلها، ما زالا مستمرين، والقرية وعدت بالصمود!.

من جهة أخرى هنالك حديث عن مقايضات على الأرض تجري بين أصحاب الأرض وبين السلطات الإسرائيلية، وهنالك حديث عن تنازلات من قبل أصحاب الأرض، وعن دخولهم في حملة مفاوضات على أراضيهم. إذا، إن كل ما يجري من ابتزاز لأصحاب الأرض ومحاولات سرقة للأرض من جهة، ومن عنف و”عقاب” لأصحاب الأرض الأصليين من جهة أخرى، لا يجري في ترابين الصانع، إنه يجري فينا في ترابين الصانع.

ومن عليه الصمود هو ليس ترابين الصانع، بل نحن جميعا، في ترابين الصانع. وواجب أصحاب الأرض في ترابين الصانع عدم التفريط في أرضهم، وواجبنا وحقهم علينا الوقوف بجانبهم في هذا النضال.

إلى جانب الاستجوابات إلى الشرطة والداخلية، التي يقدمها أعضاء الكنيست، وإلى جانب المتابعة المكثفة مع هذه الجهات، وإلى جانب التضامن الحزبي مع أهلنا في ترابين الصانع، حيث يأخذ اثناهما طابعا حزبيا غير موحد، علينا في لجنة المتابعة، دون حاجة لعقد اجتماعات، أن نعلن موقفا حازما من قضية التفريط في الأراضي، ومن قضية عنف إذلال الشرطة الإسرائيلية، وأن نوضح أننا نرى في شرطة إسرائيل، ناصبة الحواجز في القرى العربية، أداة من أدوات الاستيلاء على الأرض وترويض العرب وملاحقتهم، وأننا كهيئة تمثل الجماهير العربية نعتبر ما يجري تجاوزا لخطوط حمراء، وأننا لن نرضى بأقل من معاقبة قيادة شرطة الجنوب.

هذا ليس الاستنكار والشجب التقليديين، هذا موقف سياسي موحد من هيئة ترى فيها السلطة بالإضافة إلى الأحزاب، مؤشرا حقيقيا لدرجة الغضب، وتعتبرها إسرائيل مؤشرا من مؤشرات إمكانية تحويل جهوزية الناس للنضال إلى واقع نضالي فعلي.

القضية قضية أرض ومصير شعب، ومطلوب التضامن الشعبي المكثف والمعلن عنه من قبل الأحزاب السياسية، والإعلان عن بعض فعاليات يوم النكبة في ترابين الصانع. هذا التضامن الشعبي يزيد بدرجات فعالية العمل البرلماني والقانوني، وكما دائما يعتبر الرد الشعبي لحم كل نضال.

أخيرا، وليس آخرا، على الإعلام ألا يتخلى عن هذا الملف، وألا يتعامل معه كحدث درامي، وصل الذروة ولم يعد يحتمل التغطية. الملف بأكمله ملف ساخن وخطير، والإعلام يأخذ قسطه من نجاح نضالنا هناك.

المطلوب هو ليس صمود ترابين الصانع، بل المطلوب هو صمودنا نحن في ترابين الصانع، وكل صمود حاسم، لأنه لا يتحدد فقط ضمن حدود معركته الحالية، بل إنه يمتد دائما ليحمي إنجازات معارك سابقة، وليؤسس لنجاحات معارك قادمة.

التعليقات