31/10/2010 - 11:02

من مجزرة البشر في غزة الى مجزرة الحجر في القدس../ راسم عبيدات*

من مجزرة البشر في غزة الى مجزرة الحجر في القدس../ راسم عبيدات*
........تتوالى المجازر بحق الشعب الفلسطيني، فبعد المجازر والجرائم الإسرائيلية بحق شعبنا في القطاع والتي خلفت ما يزيد عن أكثر من1350 شهيداً وأكثر من 5400 جريح، جاء دور مدينة القدس والتي تتعرض لمجزرة من نوع آخر. مجزرة تستهدف الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة بقصد تفريغها من سكانها العرب الفلسطينيين، وبغرض تهويدها وأسرلة سكانها.

في فترة لا تزيد عن شهر هدمت بلدية القدس ووزارة الداخلية الاسرائيلية11 منزلاً فلسطينياً بحجة البناء غير المرخص، ووضعت على القائمة عشرات بل مئات المنازل المرشحة للهدم في الفترة القريبة. وهذا السباق المارثوني للأحزاب الإسرائيلية في استهداف البشر والحجر الفلسطيني، يأتي في سياق الحمى الانتخابية الإسرائيلية والتي باتت على الأبواب، ويريد كل من الأحزاب الإسرائيلية، أن يحسن ويزيد من مواقعه ومقاعده الانتخابية، وعلى قاعدة من يوغل في الدم الفلسطيني أكثر، ويزيد من وتائر الاستيطان أكثر، يحقق مزيداً من المقاعد في الكنيست والحكومة. وطبعاً كل هذه الممارسات والإجراءات الإسرائيلية القمعية، تأتي في إطار الرغبة الإسرائيلية "في السلام وتقديم التنازلات المؤلمة ودعم فريق الاعتدال الفلسطيني".

إن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من ممارسات وعقوبات جماعية بحق الشعب الفلسطيني، عدا أنها تشكل خرقاً لكل الأعراف والقوانين الدولية، فهي تدق آخر مسمار في نعش ما يسمى بمسيرة المفاوضات الجارية والتي لا يمكن لأي فلسطيني إلا أن يوصفها بأنها عبثية وعقيمة. ومهما حاول البعض، فلسطينياً وعربياً، أن يجمل الصورة، فإسرائيل لم تقدم له حتى الرتوش والديكور لتجميل هذه الصورة.

وشعبنا بات يدرك ويعي جيداً أن هذه المفاوضات ليست أكثر من ملهاة وإضاعة للوقت، ومع مجيء الإدارة الأمريكية الجديدة والتي يرى البعض فلسطينياً وعربياً أنها قد تشكل بداية جديدة لتعامل أمريكي جديد مع القضية الفلسطينية، وعلى أبواب الانتخابات الإسرائيلية والتي تشير إلى أن الحظ الأوفر هو من نصيب الأحزاب الأكثر يمينية وبالتحديد الليكود بزعامة "نتينياهو" و"إسرائيل بيتنا" بزعامة "الترانسفيري" والقادم من رحم حركة "كاخ" الإرهابية "افيغدور ليبرمان" للفوز بهذه الانتخابات، ولهذه الغاية والأهداف نرى أن هناك حملة مكثفة من المصادرة للأراضي الفلسطينية الواقعة بالقرب من مستوطنة "معالية أدوميم" لخلق تواصل بينها وبين مستوطنات القدس، وبما يفصل شمال الضفة عن جنوبها ويعزل بشكل نهائي وكلي مدينة القدس عن محيطها الفلسطيني الجغرافي والديمغرافي، وهذا يعني بالملموس سقوط خيار الدولتين أو ما يسمى برؤية الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش حل الدولتين، والذي أضحى حالها كحال مبادرة السلام العربية كالنعوش الطائرة، الترحيل من إدارة أمريكية راحلة إلى إدارة أمريكية جديدة، ومن قمة عربية راحلة لأخرى لاحقة، وإسرائيل تستمر في تنفيذ إجراءاتها وخلق وفرض الوقائع على الأرض والتباكي على السلام والحديث الممجوج عن التنازلات المؤلمة، والذي منذ مؤتمر أنابوليس للسلام وحتى اللحظة الراهنة لن نشهد من ثمار هذا السلام سوى المزيد من تضاعف الاستيطان وزيادة حادة في عدد الحواجز العسكرية وارتفاع حاد في أعداد الأسرى الفلسطينيين.

إن ما يرتكب من مجازر بحق شعبنا الفلسطيني،سواء على المستوى البشري أو على مستوى تدمير وهدم المنازل ونفي الوجود، صحيح انه يجري في ظل تخاذل وانهيار وتأمر عربي، وصمت دولي مريب ودعم لا محدود لإسرائيل في ممارساتها وإجراءاتها القمعية والإذلالية بحق الشعب الفلسطيني، ولكن ما هو صحيح أكثر أن ما وصلت إليه الحالة الفلسطينية من ضعف داخلي، وتعمق حالتي الانقسام الجغرافي والسياسي بين شطري الوطن، هي التي تمكن هذا العدو من استغلال تلك الفرصة، للقيام بالمزيد من هذه الإجراءات والممارسات، والتهرب من دفع أية استحقاقات أو تنازلات جدية من أجل السلام، متذرعة بعدم وجود شريك فلسطيني.

ومن هنا فإن الحالة الفلسطينية وما وصلته من حد تشكيل مخاطر جدية وحقيقية على المشروع والحقوق الوطنية الفلسطينية، تتطلب من القوى والفصائل الفلسطينية، وتحديداً حركتي حماس وفتح، ضرورة ومهما كان حجم ونوع وشكل الخلاف بينهما، أن يغلبا المصالح العليا للشعب الفلسطيني على المصالح الفئوية، وخصوصاً والجميع يعرف أن ما يجري من صراع وتنافس عليه، هو سلطة مجردة ومنزوعة الصلاحيات، وإذا كان كل من طرفي الصراع (فتح وحماس) ،يقيمان هدنة مع إسرائيل، وهي التي تحتل أرضنا وتتحكم في كل مناحي حياتنا، سواء في الضفة أو القطاع، فهل مساحة اللقاء مع العدو وعقد الهدنة معه، أرحب وأوسع من مساحة اللقاء والوفاق بين الأخوة الأعداء؟.

إن عدم الاتفاق بين الأخوة الأعداء وبأسرع ما يمكن، من شأنه نحر وذبح المشروع الوطني الفلسطيني، وخاصة أن الحرب العدوانية الإسرائيلية الأخيرة على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، كشفت بشكل واضح وجلي أن هناك العديد من السيناريوهات والمشاريع الإقليمية والدولية، يجري الأعداد لها ورسمها، كحلول مقترحة في حال استمر الوضع الفلسطيني علية من شرذمة وانقسام وانشطار، أو إذا ما تطور نحو احتراب داخلي، وبما يفكك ويدمر ويلغي الهوية والكيانية الفلسطينية، وخصوصاً إذا ما توقعنا الأسوأ في ظل استطلاعات للرأي تقول، بأن قوى وأحزاب اليمين الإسرائيلي هي الأوفر حظاً للفوز بهذه الانتخابات بعد أقل من أسبوع، وهذه الأحزاب والقوى رؤيتها ووجهة نظرها واستراتيجيتها، تقوم على نفي وإقصاء الآخر، وبالتالي ما سنشهده حملة واسعة من التطهير العرقي والتهجير القسري بحق شعبنا في مناطق الثمانية وأربعين، وخصوصاً ونحن نرى ما يتعرضون له من حملة عنصرية شرسة تحريضية عليهم، وصلت حد قول المتطرف"ليبرمان" بأنهم أخطر من حماس على دولة إسرائيل.

أما القدس فتستكمل عمليات تهويدها وأسرلتها، وهي التي تسير بشكل كبير ومكثف، لفرض الأمر الواقع عليها وإخراجها من التفاوض في أي عملية تسووية مقبلة، ومصير ما تبقى من الضفة وغزة، فيرمي به إلى الأردن ومصر، أو تقوم إسرائيل بتنفيذ خطوة من طرف واحد مدعومة من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، شبيهة بخطة الانطواء التي نفذها "شارون" في قطاع غزة، أي رسم حدود إسرائيل من طرف واحد وبدعم دولي.

إن هذه الخطط والمشاريع مرشحة للتنفيذ والتطبيق والخروج لدائرة العلانية، إذا ما بقيت عليه الحالة الفلسطينية من انقسام جغرافي وسياسي، وإذا ما اندفعت نحو المزيد من التدهور وصوب الاحتراب والاقتتال الداخلي، ولعل خطورة هذه المشاريع وما يحاك من مؤامرات إقليمية ودولية بحق شعبنا وقضيتنا الفلسطينية، تكون كفيلة بأن توجه لطمة وصفعة قوية لطرفي الصراع الفلسطيني (فتح وحماس) من أجل التوحد وإنهاء والإنقسام وتصليب الجبهة الداخلية فلسطينياً.

التعليقات