31/10/2010 - 11:02

من موريتانيا: درسان../ بسام الهلسه

من موريتانيا: درسان../ بسام الهلسه
هذه المقالة مهداة إلى الشعب الموريتاني الشقيق. القصي عنا مسافة، القريب منا وشائجاًَ وتواصلاً حياً صادقاً مع قضايا الأمة.
الصغير بتعداده وموارده الفقيرة، ولكن الكبير فعلاً بإرادته المصممة على نيل حقوقه.
مع تمنيات مخلصة له بالنجاح في تجربة التحول السلمي- الديمقراطي كخطوة أولى مؤسسة، على الطريق الطويل الطويل بعد، إلى اليوم الذي لا يظل فيه العرب والمسلمون قطعاناً يسوقها الطغاة والغزاة حيثما وكيفما يشاؤون.

* * *
معذرة موريتانيا... يا أختنا المغربية القصيَّة...
نسيناك حتى النسيان...
وها أنت تحضرين ملء الوعي والوجدان...
لا لتذكيرنا بنفسك فحسب، بل لتعطينا درساً عذباً ومراً
في آن...
أقولُ: درساً؟؟
بل هما درسان...
أولهما: من العسكر الذين كفوا عن الحروب بعدما هزموا فيها، فاستولوا على السلطات، والثروات، والبلدان، والسكان!!
وثانيهما: عن "الديمقراطية" وإمكانية إجرائها في بلاد العُربان...
ومن ساكنهم فيها من أفارقة، وأمازيغ، وكرد، وآشور، وكلدان، وشركس وشيشان وتركمان...

* * *
في الدرس الأول استعاد العسكر شرفهم وضمائرهم فاستولوا على السلطة لا للاحتفاظ بها، كما جرت العادة في البلاد العربية وما شابهها من البلدان، بل لإعادتها لصاحبها الشرعي: الشعب الذي لم يكف يوماً عن دق "جدران الخزان"... وظل أبياً يتحدى السَّجَّان..
وصدقوا ما عاهدوا عليه، خلافاً لما اعتدناه من القادة من كل الألوان: عسكراً، أو ملوكاً، أو أمراء، أو رجال أعمال، أو بيروقراطيين، أو حزبيين، أو ممن نصبهم الفرنسيون أو الإنجليز من قبل ومن بعدهم الأميركان...
وهي سابقة لم يقدم عليها سوى "سوار الذهب" في السودان...
ولا نكاد نذكر في التاريخ العربي مثلها سوى رفض "خالد بن يزيد بن معاوية" أن يتولى من بعد ابيه حكم الجور والطغيان...
فالأصل لدينا هو الاستئثار والاستبداد بـ"المُلك العضوض" كما وصفه الفقهاء من غير النافخين في بوق السلطان...
ثم، ومن بعد الظفر بـ"المُلك" جرت العادة عندنا بتوطيده: بالأقارب، والأصحاب، والخلان...
لا حُبّاً بهم، فالحكّام لا يأخذون غير المنفعة، بالحسبان..
وإنما هو تعزيز للحاكم وأمان...
وضمان للتوريث للولدان...
وما أدراك ما الولدان؟؟
أُناس ما أنزل الله بهم –ولا بآبائهم- من سلطان... طووا "الشورى" و"البيعة" و"أنتم أدرى بشؤون دنياكم" و"وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"، و"اختيار الأمة" وألقوا بها في غياهب النسيان...
ناهيك عن استهتارهم وانتهاكهم لأبسط حقوق الإنسان...
وكــان مــا كــان...
كان على الأمة أن تدفع –عبر تاريخها- غالي الأثمان..
وهذا جزاء الذين، واللواتي، يغفلون، ويغفلن، عن مصيرهم، ومصيرهن، ويسلمونه، ويُسلِمْنه، للمتغلبين في كل زمان...

* * *
أما في الدرس الثاني: "الديمقراطية" فقد تبيَّن كالصُبح الأغر أن "الخصوصية" و"التَّدرُج" و"الصراع مع إسرائيل" هي دعاوى قائمة على بطلان...
وتبدَّى لكل ذي، ولكل ذات، عينين وأذنين أن العرب لا تحكمهم دورة "ابن خلدون" في نشوء وانحطاط العمران...
وأن "الإسلام" و"الديمقراطية" لا يتعارضان...
كما زعم "برنارد لويس" ومن تابعه من غلمان..
فـ"الحرية" و"العدل" هما أصلان...
منهما تشتقُّ الأعراف، والقوانين، وفي العكس خسران...
و"الديمقراطية"، وإن لم نجربها من قبل، هي من "الحكمة" التي يؤخذ بها أنَّى وُجدت وفي أي مكان...
فكفوا عن اللغط أيها المدَّعون ولا تأتوا ببُهتان...
وتعلموا، وتعلمن "الدرس" أيتها الأخوات وأيها الاخوان..
وانفضوا، وانفضن، عنكم، وعنكن، ركام القهر والهوان..
إن أردتم، اردتن، أن تكونوا، تكنّ، أبناء، وبنات، أُمة حية "هنا والآن".
وليتذكر العسكر العرب خصوصاً أن مهمتهم هي: الدفاع عن حقوق الأمة، وتحرير الأوطان...

* * *
فيا أهلنا في الطرف الغربي الأقصى من الماء العربي الظمآن...
عذيركم بعدُ...
غلبتني "آن"
و"عربيَّةٌ" أُوتِيَتْ البيان
تنوَّرتُها من لسان "غير ذي عوج"
ولا رطانة هِجان
رتَّلتُ بها آي القرآن
وقرأت بأن التاريخ قضى:
العدل أساس البنيان
* * *
"الحق أقول لكم":
عيوننا إليكم: رَوَان
ولكم في القلب: شُكران
حُيِّيتُم يـا شعب الموريتان...

التعليقات