31/10/2010 - 11:02

ميتشل وهوية النائب المقدسي أبو طير../ راسم عبيدات

ميتشل وهوية النائب  المقدسي أبو طير../ راسم عبيدات
من الواضح جداً أن ما جرى الحديث عنه من تفاهمات بين السلطة الفلسطينية ممثلة بالرئاسة والحكومة الإسرائيلية ومعهم الأمريكان، لم نجد لها أية ترجمات عملية على أرض الواقع، ولم تحترم إسرائيل تلك التفاهمات، فهي المتعودة الخروج على كل الأعراف والمواثيق الدولية والبقاء فوق القانون الدولي وبرعاية وحضانة من أمريكا وأوروبا الغربية.

والحديث هنا عن عتقال النائب محمد أبو طير يوم الأربعاء 30/6/2010 بالقرب من منزله في صور باهر. والغريب في الأمر أن تجري محاكمة هذا النائب بحجة التسلل والإقامة غير المشروعة في القدس، وهو المولود فيها أب عن جد وجد ومئة جد، فهو ليس"مهاجرا جديدا" جاء من بولونيا أو أثيوبيا، وليس بالدخيل ولا بالطارئ ولا بالمستوطن ولا بالمستعمر. فقد ولد وتجذر في القدس، وقضى في سجون الاحتلال 28 عاما.

والنائب ابو طير وغيره من نواب كتلة الاصلاح والتغير خاضوا الانتخابات في القدس بموافقة إسرائيلية وأمريكية ودولية، عندما كانت تلك الانتخابات مطلباً دولياً قبل أن يكون فلسطينياً. ولكن إسرائيل وأمريكا لم تحترما نتائج تلك الانتخابات، عندما أفرزت نواباً لا يلتزمون بأوسلو والاتفاقيات السابقة التي داستها إسرائيل أصلاً، فأقدموا على فرض حصار ظالم على الشعب الفلسطيني منذ تلك اللحظة، وشرعوا في اعتقال النواب المحسوبين على حماس وحاكموهم على أساس مشاركتهم في تلك الانتخابات.

وشرعت إسرائيل في إجراءات سحب مواطنتهم، والتي تعطلت بسبب وجود النواب في المعتقل، ولكن بعد خروجهم من المعتقل سرعت إسرائيل من تلك الخطوات، حيث أمهلت الشرطة الإسرائيلية بناء على أوامر خطية النواب مدة شهر للرحيل عن بلدهم، وبدأت بالنائب أبو طير حيث تسلم فور خروجه من السجن أمراً في 19/5/2010 ينص على أن مدة بقائه في القدس تنتهي في 19/6/2010 .

وأعلن النواب الثلاثة ووزير شؤون القدس السابق رفضهم المطلق والقاطع لهذا القرار، ولكن إسرائيل أقدمت على اعتقال النائب أبو طير بحجة أنه متسلل ومقيم غير شرعي في القدس، وقد تصادف يوم عرضه على المحكمة في 1/7/2010 مع لقاء ميتشل مع الرئيس أبو مازن، والذي كان يؤمل منه أن يعلن إلغاء اللقاء بناء على ما أقدمت عليه إسرائيل من اعتقال للنائب أبو طير، ولكن بما أنه تم اللقاء فمن المفترض أن يسمع ميتشل كلاما كما يقول المثل العامي"كوسخ الأذنين".

فإذا كانت إسرائيل لا تحترم تعهداتها في قضية كقضية النواب، فهل ستحترم تعهداتها في الاستيطان وغيره؟ وما الجدوى من هذه اللقاءات العبثية والمضرة سوى أنها تشرع ما تقوم به من إجراءات وممارسات إسرائيلية؟ فميتشل غير القادر على استعادة بطاقة هوية النائب أبو طير، فهل سيخرج من جعبته شيء آخر؟،\ فلو كان هناك موقف فلسطيني حازم وجدي من هذه القضية لحلت قضية النواب المقدسيين بشكل فوري. فإسرائيل عندما اعتقلت وفد عرب الداخل الذي شارك في قافلة أسطول الحرية لكسر الحصار الظالم على قطاع غزة، ووجهت لهم النيابة الإسرائيلية اثنتي عشر تهمة باطلة، أمام موقف تركي صلب وحازم أفرجت عنهم بعد يوم واحد، ولكن نحن عندنا من أدمن التفاوض من أجل التفاوض، والذي لا يتمسك لا بشروطه ولا بمواقفه، لن يكون قادراً أبداً أن يكون أردوغان.

ومن مهزلة محاكمة النائب أبو طير ولائحة الاتهام التي قدمت له، أنه منح رقم هوية وهمي ليس له علاقة برقم هويته المقدسية حمل الرقم (100600127 ) على اعتبار أنه قادم من المريخ أو كوكب آخر.

الغريب هنا مدى حالة السقوط والخزي والعري التي وصل إليها النظام الرسمي العربي وما يسمى بجامعة الدول العربية، وأيضا البرلمانات العربية والدولية، والتي مطلوب منها هنا ليس لازمة الندب والبكاء المعروفة والاستجداء على أبواب البيت الأبيض والمؤسسات الدولية والأسطوانة المشروخة من شجب واستنكار، بل موقف جاد وحازم، إما أن تحترم قوانين الشرعية الدولية وتطبق على الجميع، وتفرض على إسرائيل العقوبات الدولية، وإما لا احترام ولا التزام بهذه القوانين التي أصبح بندها السابع الخاص باستخدام القوة العسكرية حصراً بالعرب والمسلمين.

إننا أمام هجمة شاملة وغير مسبوقة على المدينة المقدسة. وأيضاً فنحن أمام حالة توحد غير مسبوقة أيضاً ضد إجراءات الاحتلال وممارساته من كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني المقدسي ومؤسساته المجتمعية والأهلية. والمطلوب الآن العمل بشكل جدي على إنهاء ظاهرة الانقسام المدمرة، فلا مجال لوطن حر ومستقل في ظل الانقسام، ولا حماية للقدس من التطهير العرقي والأسرلة والتهويد بدون موقف سياسي موحد وبدون رؤية وإستراتيجية موحدتين، وإن استمرار الضعف الداخلي والانقسام وتضارب الأجندات والرؤى والإستراتيجيات سيجعلنا لا نخسر فقط قضية النواب المقدسيين، بل سنشرع الطريق لتفريغ القدس من نخبها وقياداتها المقدسية.

التعليقات