31/10/2010 - 11:02

نحتفل بإنجازاتنا ونمضي في طريق الكرامة والأخلاق الوطنية والفكر الحرّ/ عوض عبد الفتاح

نحتفل بإنجازاتنا ونمضي في طريق الكرامة والأخلاق الوطنية والفكر الحرّ/ عوض عبد الفتاح
يستطيع التجمع الوطني الديمقراطي، قيادة وأعضاء وأنصاراً ومؤيدين، أن يفخروا بالإنجازات التي حققها التجمع الوطني الديمقراطي في معركة انتخابية برلمانية سعى فيها البعض عن سبق إصرار الى حرفها عن مسارها الوطني والأخلاقي على مذبح الوصول الى الكنيست.

لا نقيس هذه الإنجازات بمجرد الحفاظ على التمثيل البرلماني، لأن هذا ليس الأمر الجوهري في نظر التيار الوطني – القومي الذي لا ينسى للحظة ما تنطوي عليه تناقضات وجوده في الكنيست وأن هذا التمثيل هو وسيلة ليس إلا، فالجوانب التنظيمية والثقافية والأخلاقية والقيم الوطنية الجامعة هي جزء لا ينفصل عن نضال التيار الوطني – القومي بل هي الهدف الأساس.

لذلك، أعتقد جازماً أنه في نظر غالبية المواطنين العرب الفلسطينيين لا ولن تشكل الزيادة في عدد المقاعد التي حصلت عليها القوائم العربية في الكنيست بحد ذاتها إنجازاً نوعياً، ليس لأن التمثيل العربي في الكنيست وزيادته ليس ذا أهمية، بل لأن المعايير والبرامج والسلوك والمبادئ الأخلاقية التي يجب أن ترافق حملة الوصول اليه أو التي يجب أن تقوم عليها غيّبها وانتهكها البعض الذي وصل الى الكنيست أو الذي أعيد انتخابه.

لقد دعا التيار الوطني – القومي، التجمع الوطني الديمقراطي الى حملة انتخابية نظيفة، حضارية ووطنية والتزم بها، فاختار البعض أن تكون حملته قذرة، حملة مقاعد ومصالح ذاتية. ودعا التجمع الى التصويت للأحزاب العربية، فاختار البعض الدعوة الى عدم التصويت الى الأحزاب العلمانية، واختاروا التركيز على التجمع دون سواه.

دعا التجمع الى التصويت الى العروبة والفكرة الوطنية الجامعة والموحدة، فاختار البعض التفرقة العنصرية بين أبناء الشعب الواحد والتصويت للطائفية ولا أقول للدين لأن بين الطائفية والدين شتّان.

دعا التجمع الى عدم التصويت للأحزاب الصهيونية وعملائها، فاختار البعض أن يقف الى جانب هؤلاء العملاء فعلاً أو صمتاً ضد شخصية قومية ووطنية فريدة هي الدكتور عزمي بشارة رئيس حزب التجمع واستخدموا صحيفة أحد هؤلاء العملاء للترويج لمصالحهم الذاتية. وليس كما يدعون.

ترى كيف يستطيع بهذا السلوك مجتمع أن يواجه المخططات الإسرائيلية العنصرية التي تستهدف وجوده، ولا أقول وجوده الفعلي لأن هذا الوجود أصبح محسوماً، بل وجوده الحضاري ونسيجه الإجتماعي - العروبي وأخلاقيات أفراده المتمثلة في صفات أهمها التفاعل مع مصلحة الجماعة وإقامة التوازن بين مصلحته ومصلحة مجتمعه. ما هي أهمية أن يجعجع عضو كنيست بعد أن ترك خراباً وراءه وذلك لأنه وصل الى هناك فقط بعد أن عاث فساداً في المجتمع؛ إفساد مالي واسع وتحريض أبناء الشعب الواحد ضد بعضهم البعض. إنه من المفارقة أن يحرض بعض أقطاب الموحدة وكوادرها على شخصية عربية قومية مرموقة، على رأس قائمة عربية وطنية أسهمت وأنجزت أضعاف أضعاف ما أنجزه آخرون لأنه ولد لأب وأم من طائفة عربية أخرى. في حين مثلاً لا يحرّضون على يهودي في قائمة عربية أخرى، ولا يحرضون على عضو كنيست عربي في حزب صهيوني. ونحن لسنا عنصريين بل ضد الصهيونية العنصريّة.

قد يقول البعض لماذا الآن هذا الكلام بعد انتهاء الإنتخابات، نقول ذلك لأن من قام بارتكاب هذه الفعلة الشنيعة والمحرمة، سيسترخي في كرسيه في الكنيست، دون الإكتراث بحجم الخراب الذي تركه عند جزء من أبناء شعبنا وبالضرر الذي ألحقه بالثقافة السياسية. ولأنه لم يعتذر بعد عن فعلته، وما طالبت به "حركة المواطن في النقب" هو تعبير عن مطلب وطني وأخلاقي عام. ولذلك لن يتصدى لمهمة تصليح هذا الخراب، وإعادة التثقيف غير التيار القومي وأوساط وطنية أخرى، عروبية وديمقراطية ودينية متنورة، مسيحية وإسلامية ودرزية، سنسعى بصدق ومثابرة الى تطوير تعاوننا معها لأن القادم أعظم.

وعتبنا الشديد على من صمت على هذا كله، بل يمكن القول أنه كان هناك تواطؤ من هؤلاء الصامتين.

لذلك نقول أن قيادة وكوادر وأنصار وعموم المؤيدين والمتعاطفين مع التجمع الوطني الديمقراطي يستطيعوا أن يفخروا بهذا الإنجاز وبهذا الحزب الذين أعطوه كل التأييد والمحبة والدعم. وهو ينتظر منهم مواصلة هذا الدعم والمساندة لأنه الوجه الأنصع والأكثر أصالة من بين القوائم الإنتخابية التي خاضت الإنتخابات مع احترامنا لدور البعض الآخر.

بإمكان أعضاء الحزب وأنصاره ومؤيديه أن يغضبوا من سلوك الآخرين لكنهم بإمكانهم أن يطمئنوا لأن غالبية شعبنا وطني وغير طائفي، فبالإضافة الى الذين صوتوا للقوائم الوطنية غير الطائفية، هناك حوالي 280 ألف لم يصوتوا. صحيح أن المتعاطفين منهم مع التيار القومي لم يذهبوا الى الصناديق لكن ايضاً الباقون لم يتأثروا بحملة التجييش الطائفي والإفساد المالي. وكنا نتمنى من هؤلاء لو ذهبوا الى الصناديق وعاقبوا الأحزاب الصهيونية والطائفية وكافأوا الوطنيين.

لا شك أننا كنا نطمح أن يكون تمثيل التجمع في البرلمان أكبر. ولكن نسبة التصويت المنخفضة لم تسعفه.

لا تزال أمامنا كعرب، وأمامنا كتيار قومي، مهمة النهوض بوضعنا عبر إعادة تنظيمنا وبناء وانتخاب مؤسساتنا المهنية والقومية باعتبار ذلك الرد الإستراتيجي الحقيقي على الإستراتيجية الصهيونية. وقد أغنت هذه الحملة تجربتنا التنظيمية السياسية.

ولذلك نحن، في التجمع الوطني الديمقراطي، ننطلق مجدداً، ونراجع أوضاعنا مراجعة نقدية جريئة، كقيادة، كما عودنا أعضائنا وأنصارنا وعموم أبناء شعبنا. نشخص الخطأ والقصور ونتخذ الإجراءات التنظيمية اللازمة، وثم نبني على إنجازاتنا. نحن لا نستعجل الأمور، نبني مشروعنا عبر عملية تراكمية أهمها بناء القاعدة البشرية، من الرجال، والنساء والطلاب والشباب هذه القاعدة التي تستطيع أن تحمل هذا المشروع. تحية الى جميع هؤلاء الذين اجتهدوا وجدوا وواصلوا الليل بالنهار، وحافظوا على توازنهم وعلى أخلاقيات العمل الوطني، لأن هذا هو الكنز الأساسي الذي يستطيع أي شعب أن يفخر به. ونقول لنعمق تواصلنا مع ابناء شعبنا، ولنزيد التفاتنا الى همومهم ومعاناتهم.

لقد أصبحت مهمتنا الآن أكثر الحاحاً وأكثر أهمية في وجه تفاقم المشروع الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني وضدنا كمواطنين عرب... وضد الفساد والمفسدين والراشدين والذين يسعون الى تفسيخ اللحمة الوطنية وتأليبه ضد بعض البعض.

هكذا ننطلق بالإنجازات الى حققناها حتى الآن، الإنجازات السياسية والعملية والمعنوية والأخلاقية، نحو المزيد من الإنجازات الوطنية.

لنحافظ على هذا التيار، مشعلاً ينير درب الكرامة الوطنية، ويرسخ القاسم المشترك الذي يجمعنا في هذا الوطن وينهض بالمجتمع نحو التحرر الوطني والإجتماعي.


"فصل المقال"

التعليقات