10/12/2010 - 13:02

ما معنى الإعتراف بالدولة/ عوض عبد الفتاح

لم يُثر قرار البرازيل والأرجنتين ونيّة دول أخرى بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة اهتمامًا في أوساط الشعب الفلسطيني أو حتى في العالم العربي، رغم امتعاض اسرائيل من هذه الخطوة.

ما معنى الإعتراف بالدولة/ عوض عبد الفتاح

لم يُثر قرار البرازيل والأرجنتين ونيّة دول أخرى بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67 اهتمامًا خاصًا في أوساط الشعب الفلسطيني أو حتى في العالم العربي، رغم امتعاض اسرائيل من هذه الخطوة. ولم يتعامل معه بأهمية بالغة سوى مسؤولو السلطة الفلسطينية والناطقون باسمها، واعتبروها خطوة باتجاه إيصال القضية الفلسطينية إلى مجلس الأمن لانتزاع قرار بهذا الخصوص.

ويعود غياب الحماس الشعبي لهذه الخطوة الى كون الاعتراف بالدولة الفلسطينية قد جرى عدة مرات وكان أولها بعد إعلان الجزائر عام 1988، وذلك من جانب 167 دولة معظمهم من أفريقيا والعالم العربي وبعض دول أمريكا اللاتينية. ولذلك هي تبدو للكثيرين ليست ذات أهمية، إذ إنه بعد هذا الاعتراف الواسع جرت تغطية أمريكية وأوروبية لعملية ذبح حلّ الدولتين الذي تنفذه إسرائيل منذ عشرات السنين، والذي تصاعد منذ اتفاق أوسلو الذي رعته الإدارة الأمريكية، وذلك من خلال مخططات الاستيطان في الضفة والقدس وتقطيع أواصر هذه المناطق ومحاصرة المدن والقرى والمخيمات بالجدران والحواجز وغيرها من المعيقات.

ويزيد الطين بلة استسلام الإدارة الأمريكية بزعامة باراك أوباما أمام حكومة بنيامين نتنياهو وإعلانها فشل „جهودها” بل إغراءاتها لإرغام إسرائيل على تجميد الاستطيان لمدة ثلاثة أشهر فقط.

أولاً، لا بدّ من التأكيد أن كل خطوة دولية أو من بعض دول العالم تُعبّر عن تطور ما في الموقف من القضية الفلسطينية وتصبّ في دائرة الضغط على إسرائيل مباركة. ولهذا السبب بالذات تنزعج اسرائيل من خطوة الدولتين الأمريكيتين ونيّة دولة لاتينيّة أخرى هي الأوروغواي اقتفاء أثرهما. وتعزو السلطة الفلسطينية هذه الخطوة الى جهودها الدبلوماسية... مع أن ذلك ليس دقيقًا، فلهاتين الدولتين أيضًا دوافعهما الخاصة، ذلك أن العلاقات مع إسرائيل تعمقت في الآونة الأخيرة (صفقات الأسلحة).

لا أحد يعترض على التحرك لمحاصرة إسرائيل على الساحة العالمية، بل أن هذا الدور مطلوب ويفترض أن يكون جزءً أساسيًا من استراتيجية مواجهة المشروع الكولونيالي الاحتلالي الاسرائيلي. والحقيقة أن ما تقوم به حركات التضامن العالمية في المدن والجامعات الأمريكية والأوروبية، وعبر أساطيل فك الحصار عن غزة يفوق تأثيره مئات المرات بما تقوم به هذه السلطة في هذا المضمار. ليس هذا فحسب بل أن سياسة المفاوضات العبثية المتعثرة الآن، والتي استمرت سنين طويلة كانت عقبة أمام اتساع هذه الحركة. وشكلت إحراجًا للنشطاء الفلسطينيين أمام المتضامنين الدوليين. لنتصور مثلاً كيف سيكون تأثير ما يقوله محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، لصحيفة "واشنطن بوست" (27.05.2009) على هذه الحركات „أنا أنتظر قبول حركة حماس بالالتزامات الدولية، سأنتظر حتى تُجمد اسرائيل الاستيطان.. إلى حين ذلك في الضفة الغربية لدينا وضع جيد.. الناس يعيشون حياة طبيعية”.

إذًا لماذا الحاجة للدولة! من الواضح أنه لا توجد رغبة لهذه القيادة في تعكير صفو الاستقرار المزيّف، صفو السلام الاقتصادي الذي يقوده سلام فياض في الضفة الغربية في حين تذبح القدس يوميًا.

هل من يتحدث بهذه اللهجة لديه الرغبة والإرادة في اجتراح استراتيجية مقاومة حقيقية لتحرير الضفة الغربية والقدس من الاحتلال ومن السيطرة الأمنية الاسرائيلية الأمريكية، وفك الحصار عن قطاع غزة، هل يمكن في ضوء الجنون الاسرائيلي والخضوع الأمريكي، بل في ضوء التحالف التاريخي بين الولايات المتحدة واسرائيل واللوبي الصهيوني رفد الحركة الدبلوماسية الفلسطينية بالكلام والإدانة فقط.

بطبيعة الحال يشكل الانقسام المأساوي في صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية العقبة الرئيسية أمام استنهاض العمل المقاوم وبناء استراتيجية سياسية ودبلوماسية موحدة في مواجهة نظام الأبرتهايد الاسرائيلي.

إن ما يسمى السلام الاقتصادي يطرح كبديل عن الحراك الشعبي الفعلي والمخطط بصورة جيدة. إنه لمن المطلوب الاهتمام بالحاجات اليومية للناس تحت الاحتلال ولكن هذا ينبغي أن يكون جزءًا من استراتيجية الكفاح الشعبي وتصعيد المواجهة مع الاحتلال وكشف الوجه الحقيقي للنظام العنصري الكولونيالي الاسرائيلي. هذا ما يمكن فقط أن يضع الشعب الفلسطيني على سكة الوصول الى أهدافه الوطنية المشروعة وتحقيق العدل والإنصاف.

التعليقات