14/12/2010 - 09:28

الحاخامات ورثوا اللاساميّة من أوروبا وجيّروها ضد العرب / خالد خليل

-

الحاخامات ورثوا اللاساميّة من أوروبا وجيّروها ضد العرب / خالد خليل
لو أنّ عربيًا أو مسلمًا في أي بقعة من بقاع الكون أفتى بعدم جواز إسكان اليهود في المدن العربية أو الإسلامية، لقامت الدنيا ولم تقعد في مشارق الأرض ومغاربها، ولتباكى اليهود من كل الجنسيات على الغبن اللاحق بهم، ولتصدرت الصحف الغربية عناوين عريضة عن اللاسامية والعنصرية والاضطهاد العرقي والديني.
 
صفد المدينة الفلسطينية الوادعة التي تعيش على رأس الجبال الشمالية لفلسطين أصبحت حسب فتوى الحاخامات مدينة اليهود المقدسة ومدينة التلمود التي سيدنسها سكن "الأغيار"(العرب).
 
في تبريرها لاحتلال فلسطين ونهب مقدراتها وإعلانها وطنًا قوميًا لليهود الذين أتوا من كل بقاع العالم، تركز الرواية الصهيونية على قصة الجيتو اليهودي الذي أنشأته اللاسامية الأوروبية، وتسرد آلاف القصص عن معاناة اليهود وتعرضهم للممارسات العنصرية في كل مناحي الحياة ومن ضمن ذلك مشكلة السكن والاندماج مع الشعوب الأوروبية، وقد أدت هذه الممارسات وهذا الدفع القسري إلى الجيتو الى نشر وتأبيد العنصرية وتنميط شخصية اليهودي إلى درجة شيطنته وبالتالي جواز تدميره وقتله أو حرقه كما حصل في معسكرات الإبادة النازية.
 
لا شك أن هذه الممارسات العنصرية واللاسامية هي نتاج أوروبي بامتياز وتقع مسؤوليتها على عاتق القيادات والشعوب الأوروبية، وبدلاً من إيجاد حلول لها في أوروبا ألقى الغرب المتمدن عبئها وثقلها على شعوب العالم الثالث وتحديدًا على الشعب العربي الفلسطيني، بعدما تآمر مع الحركة الصهيونية (وليدة الفكر الغربي الاستعماري) من أجل احتلال فلسطين وإحلال قادمين يهود من أوروبا محل السكان الأصليين أبناء الشعب الفلسطيني.
 
هذا التذكير بالتاريخ الحديث الثابت والذين ليس بحاجة إلى إثبات لا بدّ من إعادة تكراره في كل مرة تتفاقم فيها العنصرية، أو إن شئتم، اللاسامية ضد العرب في هذه البلاد.
 
حاخامات اليهود الذين هم من المفترض ضحايا اللاسامية الأوروبية تمثلوا الدور الاستعماري بدقة تفوق الأصل، وألبسوا الرواية طابعا دينيًا غيبيًا متخلفًا بكل المفاهيم والمعاني، والفتوى الأخيرة بمنع تأجير العرب من منطلقات عقائدية ودينية ليست إثباتا على ذلك فقط، بل هي تؤكد استحالة العيش والتفاهم مع هذه النوعيات من البشر. وإذا كان الشارع اليهودي بمعظمه يذوّت هذه المفاهيم ويؤمن بها، فإنه بلا شك ينزع عن ذاته صفة الديمقراطية وحتى صفة الإنسانية، فلا يمكن الحديث عن مجتمع متمدن وحضاري يحمل هذا الزخم من "الفكر" والمفاهيم العنصرية.
 
ولا نعتقد أنّ لعبة وتمثيلية الضحية التي تفننت إسرائيل بإتقانها على الساحة الدولية تستطيع مواصلة إحداث تأثيرها على هذه الساحة، إذا ما أحسن فضح الممارسات العنصرية الإسرائيلية على مستوى الشارع والمؤسسة الدينية والمؤسسات الحكومية والرسمية على اختلافها.
 
وما دامت إسرائيل الرسمية لم تتخذ أي خطوات فعلية لوقف هذا التدهور العنصري (وباعتقادنا أنها لن تستطيع لأنّ سلوك الحاخامات نقطة في بحر العنصرية الرسمية المقوننة وتجسيد لها)، فإنها لا تستطيع الادعاء بأنها ديمقراطية وإنسانية ومتمدنة وحضارية، بل هي كانت وستبقى أسوأ تعبيرات الاستعمار القديم والحديث على حدٍ سواء.
 
ولا تستطيع إسرائيل مواصلة دور الضحية ما دامت تنتج يوميًا الضحايا عبر ممارسة القمع والاضطهاد والعنصرية واللاسامية والإبادة.
 
يجب ألا تعطى الفرصة لإسرائيل لمواصلة حمل ذريعة اللاسامية والتلويح بها، وعلينا وعلى جميع الأحرار في العالم، بدء عملية تغيير المفاهيم وفضح العنصرية الإسرائيلية بكل المستويات.

التعليقات