25/12/2010 - 12:44

القضية الفلسطينية نحو مزيد من التهميش ولبنان على رأس الملفات الساخنة../ خالد خليل

-

القضية الفلسطينية نحو مزيد من التهميش ولبنان على رأس الملفات الساخنة../ خالد خليل
استبدلت إسرائيل وأمريكا إستراتيجية الحرب المباشرة على لبنان على مدار العام الحالي 2010 بإشغال الساحة اللبنانية بمسألة المحكمة الدولية واحتمالية صدور القرار الظني الذي يتهم سلفًا حزب الله بمقتل الرئيس رفيق الحريري عام 2005. ودارت معركة إعلامية ومعلوماتية بين الأطراف المعارضة والمؤيدة للمحكمة.
 
هذه المعركة كان هدفها أمريكيًا وإسرائيليا تأجيج الفتنة في لبنان ليتسنى بالتالي إضعاف المقاومة وضرب مكانتها استعدادًا للقضاء عليها عندما تحين الفرصة وتتوفر الشروط المطلوبة لشن عدوان جديد نتائجه محسومة باعتبارات أمريكا وإسرائيل.
 
من وجهة نظر المقاومة الفتنة مثلها مثل القرار الظني والمحكمة الدولية هي خط أحمر، حتى وإن استخدمت المقاومة القوة.
 
 كما يبدو فإن يقظة المقاومة وقوتها وحكمتها ستؤول إلى فشل المحكمة الدولية وإحباط مشروع الفتنة، وليس غريبًا أن تحدث تسوية في هذا الاتجاه وبرعاية دول إقليمية. وسيحل العام الجديد بعنوان فشل المشروع الأمريكي الإسرائيلي في لبنان، مما يعني بالمقابل بدء الإعداد لمؤامرة أو مؤامرات جديدة تستهدف المقاومة إلى أن تسنح الظروف للقضاء عليها عسكريًا. الأمر الذي تقول عنه المقاومة إنه غير وارد بالحسبان حتى لو استخدمت إسرائيل أسلحة غير تقليدية كما تحاول أن توحي في حديثها عن الحرب من خلال حربها النفسية المستمرة منذ تموز 2006 وحتى الآن.
 
من الواضح أن لبنان سيبقى على رأس الملفات الساخنة في المدى المنظور، لأنّ مقاومته تشكّل حصنًا منيعًا للمحور الممانع والمعارض للمشاريع الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، ولأن إمكانيات المجازفة في حرب مباشرة ضد إيران وسوريا تكاد تكون معدومة في ظِل ميزان القوى الحالي في المنطقة، وفي ظل التجربة الأمريكية المتخمة بالأزمات ونشوء وضع إقليمي معطّل لمشاريعها الإستراتيجية في الهيمنة التامة على منطقتنا مرتبط بموقف ومكانة تركيا وإيران من جهة، وبأزمات الحكم المتوقعة في كل من السعودية ومصر بعد الملك عبد الله ومبارك اللذين يقفان على شفا النهاية من جهة أخرى . ولا شك أن إسرائيل وأمريكا ستبقيان منشغلتين جدًا في ترتيب الأوضاع في هذه البلدان والبحث عن حالة مستقرة منسجمة مع مصالحهما.
 
ومن الواضح أيضًا أن القضية الفلسطينية مع كل مخزوناتها مستمرة في فقدان بريقها نحو مزيد من التهميش الذي ساهمت السلطة الفلسطينية مساهمة كبيرة فيه بسبب سياساتها الكارثية فيما يتعلق بالتخلي نهائيًا عن خيار المقاومة لصالح الخيارات السياسية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، في حين يستمر الاستيطان في الضفة بوتائر عالية وتعاني غزة من حصار متواصل يقيّد المقاومة ويضيق مساحة فعلها إلى أبعد الحدود. وليس من المستبعد أن تعيد إسرائيل الكرة في غزة وتشن عدوانًا جديدًا أكثر شراسة من العدوان السابق في أواخر 2008.
 
معظم القراءات السياسية في الآونة الأخيرة تشير إلى استمرار حالة الركود الراهنة- لا حرب ولا سلم!- لكن القضية الأهم هي أنّ إسرائيل نجحت من جهة في تهميش القضية الفلسطينية وتحييد مقاومتها التي كانت على مدى العقود الماضية أهم مقاومة ورقمًا صعبًا في كل المعادلات. ومن جهة ثانية فشلت هي وأمريكا وحلفاء أمريكا في تحجيم المقاومة اللبنانية وحرفها نحو فتنة داخلية، وفشلت في تقويض النظام السوري والنظام الإيراني رغم التأثيرات السلبية الكبيرة التي تركتها تدخلاتها في هذين البلدين والتي انعكست مؤخرًا بأزمات اقتصادية كبيرة في سوريا وإيران (غلاء الأسعار في إيران الأسبوع الأخير بأربعة أضعاف ما كانت عليه)، لكنها غير كفيلة كما تدل التجربة في تقويض أنظمة الحكم فيهما.
 
برأينا هذا الوضع المتأرجح ينذر بحدوث مزيد من الأزمات والصراعات والصدامات مختلفة الأشكال والخطورة، لكن نوعا من التوازن ما زال قائما بين المحاور المختلفة تفرضه الظروف وتعدد المصالح والإرادة السياسية لمحور الممانعة، وليس بالضرورة القدرات المادية.

التعليقات