05/02/2011 - 12:01

ارفع رأسك يا أخي فقد ولى عهد الاستعباد../ مصطفى طه

من تونس الخضراء، ومن قاهرة الظالمين جاءت ومضة الأمل في أحلك ظلمات العرب، وربما ما كان يحلم شاعرنا العربي، تونسي الأصل، أبو القاسم الشابي، أن أهله في تونس سيكونون أول الأوفياء في مطلع القرن الحالي عندما حوّل شعره نشيدًا وطنيًا وهو يصيح: "إذا الشعب يومًا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر"

ارفع رأسك يا أخي فقد ولى عهد الاستعباد../ مصطفى طه
العصا لمن عصى فاحذروني!... أنا "راعي البقر" فاتبعوني!، كاد أن يكون عنوان المرحلة الأمريكية-الصهيونية قبل أقل من خمس سنوات عندما رسموا شرقا أوسطا جديدا، بعد حلم القضاء على المقاومة اللبنانية في تموز 2006 كما توهموا.
 
شرق أوسط جديد آخذة ملامحه بالتشكل، ولكن بعكس ما أريد له، وصورة مرآة، لكنها عكسية بالكامل، لما رأتها تلك المرأة، كونداليسا رايس حينها، وكاد يُسدل ستار الفصل الأخير في المشهد إياه لينقل أمة العرب من نفق مظلم الى سرداب دامس لعقود آتية للزمن البعيد.
 
شرق أوسط جديد نعم.. عنوان المرحلة فيه: إرفع رأسك فالثورة سيدة الموقف
من تونس الخضراء، ومن قاهرة الظالمين جاءت ومضة الأمل في أحلك ظلمات العرب، وربما ما كان يحلم شاعرنا العربي، تونسي الأصل، أبو القاسم الشابي، أن أهله في تونس سيكونون أول الأوفياء في مطلع القرن الحالي عندما حوّل شعره نشيدًا وطنيًا وهو يصيح: "إذا الشعب يومًا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر"، وأثبتوا للعالم من جديد أن القدر لا يستجيب إلا لأمة تقدّر تمامًا حجم الطاقة الهائلة الكامنة فيها إن هي أرادت الحياة فعلاً، حين تكتشف أن عهد الاستعباد ليس قدرًا ربانيًا، إلا إذا استسلمت إرادتهم له خنوعًا.
 
وما كنا لنراهن، أن شعب مصر العظيم سيكون أوّل اللاحقين بالركب، وبهذه السرعة المذهلة لأن كثيرين منا قد ظن أن "كافور" الأخشيدي الجديد قد نفث عبوديته في نفوسهم فاستنسخوها، فكم ظلمناكم يا إخوة، فدمعت العيون ندمًا، ربما، قبل دمعة فرحة الأمل حين فجّرتم ثورة الغضب من جديد، وفجرتم معها في المقابل ذكريات ماضي مضى حسبناه تجمّد الى الأبد فأعاد للقاهرة مجدها من جديد، كما كانت عليه قبل ستة عقود من الزمن، فسمعنا عبد الناصر يصرخ بينكم في ميدان التحرير: "إرفع رأسك يا أخي فقد ولّى عهد الاستعمار".. فالقاهرة لم يقهرها غدر، ولكن شبّه لهم، على ما يبدو.
 
ثقافة المقاومة أتت مفعولها، وبفعلها، وبفعلها فقط تعثر المشروع الأمريكي-الصهيوني في المنطقة، وبتعثـّره طالت ذبذبات صمودها الوعي الجماعي العربي الذي آمن في النهاية أن الكف قادرة على قهر المخرز إن هي أصرّت على احياة، بما تملك من إرادة كامنة فيها، ودون أن تقيّم حجمها الفعلي غالبًا.
 
الثورة المصرية تنتظر المخاض من ساحة ميدان التحرير التي أصبحت محطّ الأنظار للشعوب الحرة على وجه الأرض، ولا يستطيع أحد أن يتنبأ باليقين عما سينتج عن هذا المخاض، إذ أن معركة الطرفين قصة حياة أو موت، ونظام دموي كهذا يحاول أن يبقي أرضًا محروقة فيما لو أيقن أنه أخلى المسرح عنوة، والجيش سيد الموقف هنا، ولكنه أقرب الى المراقب المحايد حتى الآن، وسيضطر بفعل تسارع الأحداث وتفاعل تداعياتها أن يحسم الموقف، والخيار مفصلي هنا الى أبعد حد، وعيون أحرار العالم معلقة عليه مؤمنة أن انحيازه لجانب الشعب سيكون خياره.
 
افتراضات عديدة قد نفترضها هنا، ولكن أمرًا مهمًا قد حدث، وبغض النظر عن النتائج النهائية، حاجز الصمت والخوف قد كسرا الى غير رجعة في النـَّفـَس الشعبي العربي على طول الوطن وعرضه، ورسائل واضحة وصلت لكل الجالسين على العروش مفادها.. أن عروشكم أوهى من بيت العنكبوت إذا الشعب أراد الحياة يومًا..

التعليقات