14/02/2011 - 10:38

إنجازات ثورة 25 يناير../ كلوفيس مقصود

ثورة 25 يناير كانت وستبقى ملهمة مثل سابقتها ثورة تونس. تندرج ثورتا مصر وتونس أيضا كونهما انبثقتا من الشعب ولم تكونا بمثابة انقلاب استولد نتائج ثورية كما في ثورة 23 يوليو 1952

إنجازات ثورة 25 يناير../ كلوفيس مقصود

نبدأ بما هو بديهي. ثورة 25 يناير كانت وستبقى ملهمة مثل سابقتها ثورة تونس. تندرج ثورتا مصر وتونس أيضا كونهما انبثقتا من الشعب ولم تكونا بمثابة انقلاب استولد نتائج ثورية كما في ثورة 23 يوليو 1952.

الأهم فى الحالتين أن الاستجابة كانت محتضنة بشكل تلقائي على المستوى العربي بأكمله، ما يؤكد حقيقة ثابتة أن الوحدة العربية على مستوى الشعوب تتبنى، وبالتالى تحتضن بشكل فوري، ما تنتجه هذه الانتفاضات والثورات.

بمعنى آخر، إن ما حصل بين 25 يناير و11 فبراير 2011 يعتبره الكثير من شرائح جماهير الوطن العربي تعبيرا صادقا ودافئا عن مسؤوليتها بغرض حمايتها وترسيخ ثقافتها، كونها تعتبر أن النجاح الذي حصل، هو بمثابة استقواء متبادل بين المنجز الثوري في مصر واستقواء مصر الثورة بصدقية وفعالية وجدية احتمالات ضمائر التغيير الجذري في سائر أقطار الأمة العربية، وإن بنسب متفاوتة. ولعل أول دليل على تبادلية الاستقواء ما حصل في تونس، مما سرع ثورة الشباب في مصر. وما أشار إليه الشعور العام بأن الكرامة ليست مجرد توصيف أخلاقي ومناقبي فحسب، بل فعل قادر على الصيرورة، حيث تتوضح قوميا ووطنيا للعيان مركزية مصر فى حال وأحوال الأمة العربية.

من هذا المنظور عندما يسقط نظام شمولي في مصر كما حصل يوم السبت الماضي، يتم فقدان متدرج لمناعة أنظمة مماثلة عربيا، ولعل الإنجاز الأهم الذى حققته «ثورة الشباب» عربيا، بقصد أو بغير قصد مباشر لا يكمن في توظيف آليات الاتصال الحديثة بهدف التنظيم والتعبئة وتسريع معرفة مضامين الأهداف الفورية وتمرحل البرامج الإصلاحية والتنموية فقط، إنما في منهجية التعامل مع المراحل الانتقالية بدقة، والتزام حاسم بوضوح الأهداف التي أكدت شرعية الثورة، وما يجب أن تترافق مع مؤسسات سليمة ومستقيمة في أدائها، خاصة أن على قيادة الثورة أن تبقى في حالة استنفار خاصة في جعل مثاليتها قادرة على إدارة التعقيدات القائمة والموروثة، حتى تبقى نجاعة سلوكها بمنأى عن أن تتحول التباينات إلى تناقضات. لذا لا مفر للثورة من أن تحقق توأمة الالتزام مع الصبر الثوري الذى يجعل البدائل مدخلا للقرارات المصيرية.

ولعل بعض الأولويات المطلوب معالجتها والتعامل معها فورا، هو تكليف مؤقت لأعضاء الحكومة القائمة «تصريف الأعمال» وإن بصفة مؤقتة والنفاذ إلى مدلولات الالتزام بـ«الاتفاقات» القائمة. هذا لا يعني أننا لا ندرك أسباب هذه «التطمينات» إلا أن هذا لا يحول دون قلق يساور العديد من ملتزمي أهداف الثورة الملهمة والواعدة.

كانت ظافرة فعلا، لأنها جاءت بعد عقود من الإحباط، وتآكل الحقوق الوطنية والتنموية والاجتماعية وحرمان الشعب المصري من حقوقه ومن حاجاته الأساسية. إن استعادة مصر دورها المحوري والرائد إثر ما أفرزته اتفاقيات كامب ديفيد هو المدخل لا لجعل المستحيل السائد ممكنا فقط بل لتمكين الأمة العربية بعد عودة مصر إلى دورها كمرجعية موثوقة وإلى استقامة قومية وعروبة سياساتها توفر البوصلة التي تخرجنا من حالة الإحباط والاستقالة، وبالتالي تدخلنا فى إطار حيوية التمكين الذي رافق ثورة 25 يناير، وبالتالي استعادة القدرة على تقرير مصيرنا وصناعة مستقبلنا، ومستقبل فلسطين التي هي مسؤولية عربية عندما تتوافر البوصلة.
"الشروق"
 

التعليقات