21/02/2011 - 14:44

من يضع بيضه في السلة الأمريكية عليه أن يكون مستعدا لتلقي الركلة من الخلف../ د. عبد الرحيم كتانة

ماذا لو استفاق أبو علي إياد ووجدنا على هذه الحال؟

من يضع بيضه في السلة الأمريكية عليه أن يكون مستعدا لتلقي الركلة من الخلف../ د. عبد الرحيم كتانة
عندما انطلقت ثورتنا الفلسطينية المعاصرة أذكر أنها حددت معسكر أعدائها وكذلك معسكر أصدقائها. قالوا لنا إن الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية والرجعية العربية هي في قائمة الأعداء، وإن الشعوب العربية والإسلامية ومعها كل القوى التقدمية في العالم هم حلفاؤنا.
 
 وصدقنا أنفسنا، كنا صغارا ولم نكن نعلم أن السياسة في منطقتنا هي فن الكذب. وكما يقال: إنك تستطيع الكذب على بعض الناس بعض الوقت ولكنك لا تستطيع الكذب على كل الناس كل الوقت.
 
اكتشفنا كم كنا بسطاء وربما بلهاء، وبدأنا بترديد المعزوفة ونسج التحالفات مع أقراننا من الطلاب – في ذلك الوقت- انطلاقا من هذا المبدأ.
 
 فالطلاب الفيتناميون والكوبيون والروس وأبناء الكتلة الاشتراكية وحركات التحرر العربية والعالمية أصبحوا أصدقاءنا وحلفاءنا، والعرب المنتمون إلى دول أنظمتها رجعية هم أعداؤنا. وتمضي الأيام لنكتشف أن هذا كلام كذب في كذب، وأن حلفاءنا هم، ببساطة، من يدفع لنا.
 
أدركنا، أيضا أن من يدفع يريد الثمن، فلا يوجد مال مبدئي ومال غير مبدئي. الكل يريد أن يمتطي  ظهورنا بمجرد أن دفع لنا مبلغا من المال، ولم نكن نعلم أن هذا المال يذهب لجيوب المسؤولين بعد أن أوهمونا أنه للفدائيين ولعائلات الشهداء وما شابه.
 
اكتشفنا وتأكدنا لاحقا أن المليون لا يصل للمقاتلين منه سوى بضعة آلاف والباقي يتحول إلى قصور وأرصدة ومشاريع.
 
 لذلك لم يكن مستغربا أن يجلس بعض أعضاء القيادة الفلسطينية في مجلس الشعب المصري عندما أعلن السادات عن قراره بزيارة الكيان الصهيوني وإلقاء خطاب في الكنيست، ويقال إنهم ( جماعتنا ) صفقوا مع من صفق، ولكن رهانهم ذهب أدراج الرياح، فلم يكونوا قد نضجوا بعد لفرض التسوية عليهم لأن المعارضة الشعبية آنذاك كانت قوية. وانتظروا الفرص، بل وصنعوها قبل وبعد بيروت للحاق بركب السادات. لقد أدركوا مبكرا أن مقولة السادات بأن 99 بالمائة من أوراق الحل بيد أمريكا، وبدأوا بعد بيروت بتحضير الشعب للخطوة القادمة: لا يوجد شيء اسمه إمبريالية وصهيونية – قالوا لنا، وعلينا اللحاق بالقطار إن أردنا أن نبقى على الخارطة السياسية، وأن الشعب الفلسطيني أصبح بحاجة إلى رضا أمريكا ليبقى على الخريطة، علما بان أي شعب على وجه الأرض تحرر من الاحتلال والاستعمار تعامل مع الإمبريالية على أنها عدو وقاتلها على هذا الأساس وانتصر على هذا الأساس أيضا.
 أما من تحالف معها فإن مصير شاه إيران ورئيس الفلبين وبن على ومبارك هو مصيره، ولكن من يتعظ؟
 
ثم قالوا لنا يجب فتح حوار مع أمريكا، ولكن الأخيرة ردت علينا بما يلي: إذا أردتم أن نجلس معكم فهناك استحقاقات يجب دفعها، والشيك يدفع بتل أبيب وليس عندنا، عليكم بنبذ العنف ( المقاومة) وعليكم الاعتراف بـ 242 و338 ( الاعتراف بإسرائيل ). ووصلنا إلى أوسلو الذي قصم ظهر البعير وقسم الشعب إلى شعبين: شعب مع أوسلو وشعب ضده، ولذلك لا ينفع التظاهر الآن بأن الشعب يريد إنهاء الانقسام، الغوا أوسلو أولا والشعب سيتوحد بدونكم.
 
ولم ينفع استعمال أمريكا حق النقض ( الفيتو) تأييدا لإسرائيل أكثر من أربعين مرة، فما أن غازلنا أوباما وتكرم بالاتصال مع رئيس السلطة حتى تداعوا لاجتماع عاجل: نذهب أو لا نذهب إلى مجلس الأمن، ونحن نعلم أن أمريكا ستفشل القرار باستخدام الفيتو، علما بأن مشروع القرار يدعو إلى إدانة الاستيطان وليس إزالته، مثلا، ولكنهم استأسدوا وقالوا لا لأمريكا- الوسيط النزيه والمحايد.
 
 لا بأس، قال لهم أوباما سلفا، قولوا لا وبيضوا وجوهكم أمام شعبكم لئلا تلحقوا بحسني مبارك، ونحن لن نقطع عنكم المساعدات، أيضا، لا تخافوا أنتم من تبقى لنا في الشرق الأوسط.
 
 الأمريكيون يعرفون أنهم إذا فقدوا الورقة الفلسطينية فقدوا المنطقة بالكامل (بعد أن أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من فقدان مصر وتونس). ولذلك يستعدون عندنا ( في مدن الضفة المحتلة ) بالتحضير لمظاهرات حاشدة تأييدا للأخ الرئيس لأنه قال لا لأمريكا.
 
 علما بأنه قال لأوباما، أيضا: سأتقدم بمشروع القرار إلى مجلس الأمن حتى لا يفتضح أمري كما افتضح يوم أجلنا التصويت على تقرير جولدستون، ولكن أرجو أن تبقوا على الدعم المالي لأنني بدونه سأذهب إلى جدة. لم يتعظوا من الدرس المصري والتونسي.
 
ماذا لو استفاق أبو علي إياد ووجدنا على هذه الحال؟

التعليقات