02/03/2011 - 09:47

أمريكا أولا وأخيرا.. فلترحل أمريكا../ خالد خليل

ينبغي أن لا تتوقف الثورة، وأن تحدد مشروعها الشامل لتغيير النظام ورفع شعارات جديدة تطالب برحيل أمريكا ومواجهة المشروع الأمريكي، لأنه بدون ذلك سيبقى خطر الالتفاف على الثورة وأهدافها قائما وجديا، هذا الخطر قائم وجدي أيضا في تونس وليبيا واليمن وفي جميع الساحات العربية والإقليمية. فأمريكا وإسرائيل هما الخاسر الأساسي من اندلاع الثورات ولن تستسلما بسهولة إلا إذا تم إجبارهما على ذلك

أمريكا أولا وأخيرا.. فلترحل أمريكا../ خالد خليل
يخشى المصريون ومعهم كل القوميين العرب وأحرار العالم على الثورة المجيدة من تحول الجيش إلى عائق أمام تحقيق أهدافها. ويذهب الأستاذ فهمي هويدي إلى أن الجيش تحول من حماية الثورة والشعب الى حماية الحكومة التي هي امتداد للنظام السابق بشكل جزئي. والحقيقة أن الجيش لا يحمي فقط الحكومة الحالية وإنما هو الذي فرضها رغم رفض الثورة لها.
 
المشكلة لم تحدث الآن، وإنما منذ اليوم الأول للثورة التي تعاملت مع الجيش من خلال تأكيد وتغليب قيمته الرمزية المزروعة عميقا في وجدان وتاربخ الشعب المصري، ولم تشأ حتى أن تذكر أن قيادة الجيش العليا هي صنيعة النظام، من الوزير وحتى رئيس الأركان الذي عاد على عجل من أمريكا إلى القاهرة في الأيام الأولى لاندلاع الثورة.
 
ولا شك أن تغليب القيمة الرمزية للجيش ومحاولة عزله عن النظام ربما كان خيارا لا مفر منه من أجل تحقيق الهدف الرئيسي باسقاط النظام الذي تمثل في حينه برحيل حسني مبارك، لكن سرعان ما يتبين أن رحيل مبارك على أهميته لا يعني إسقاط النظام، أو للدقة، تحويله بكل المعاني والمقاييس.
 
ولا تساورنا الظنون بأن مصر حتى في ظل الحكومة الحالية ستشهد تحولات ديمقراطية مهمة بدأت ملامحها منذ الآن، حيث هناك تعديلات دستورية وقرار بتغييره  كلية وإجراء انتخابات ديمقراطية...الخ، إلا أن السؤال الرئيسي يبقى هل هدف الثورة يتمثل بإجراء تحولات ديمقراطية على المستوى الوطني المحلي أم أنه يشمل إضافة إلى ذلك تغييرا جذريا للنظام ونهجه ودوره القومي والإقليمي، وهذا يعني فيما يعنيه تغيير سياسة التبعية والتواطؤ مع المشروع الأمريكي في المنطقة.
 
 نبض الشارع المصري كله يصب في هذا الاتجاه، والمظاهرات والاعتصام المستمر خير دليل على ذلك. لهذا يسود الاعتقاد أن الثورة حاليا أمام تحد كبير، وهناك خشية من أن يقود هذا التحدي إلى مواجهة مع قيادة الجيش، ما دامت هناك فرضية لم يتم نفيها، وهي أن هذه القيادة تلعب في الملعب الأمريكي، وتنسق خطواتها مع الإدارة الأمريكية، هي والحكومة التي وضعتها.
 
من الواضح أن أمريكا تضع التطورات في مصر على رأس سلم أولوياتها، وتعمل جاهدة على أن يكون النظام المصري مواليا أو حليفا لها ولسياساتها في المنطقة، وحتى الآن نجحت في تحقيق مأربها من خلال الحكومة وقيادة الجيش الذين أعلنا احترامهما للاتفاقيات والمعاهدات القائمة منذ عهد مبارك. وأمريكا ستواصل دورها في مصر لتدعم رئيس جمهورية وحكومة في الانتخابات القادمة يدوران في فلكها.
 
 لكي لا يتحقق هذا المسعى ينبغي أن لا تتوقف الثورة، وأن تحدد مشروعها الشامل لتغيير النظام ورفع شعارات جديدة تطالب برحيل أمريكا ومواجهة المشروع الأمريكي، لأنه بدون ذلك سيبقى خطر الالتفاف على الثورة وأهدافها قائما وجديا، هذا الخطر قائم وجدي أيضا في تونس وليبيا واليمن وفي جميع الساحات العربية والإقليمية. فأمريكا وإسرائيل هما الخاسر الأساسي من اندلاع الثورات ولن تستسلما بسهولة إلا إذا تم إجبارهما على ذلك.  
 
وبالمناسبة فمشكلة مصر ليست في بيئتها الفيضية التي تنتج فراعنة وفقا لنظرية الباحث المصري الدكتور جمال حمدان حول "الطغيان الفرعوني"، والتي لا يؤمن بها السيد هويدي، وإنما تركت هاجسا في نفسه حول صناعة الفراعنة يلح عليه طوال الوقت كما يقول. "مشكلة" مصر أنها القلب النابض للوطن العربي وأنه بدونها لا يمكن الحديث عن تغيير جذري في الخارطة السياسية في المنطقة العربية.

التعليقات