27/05/2024 - 12:21

رسائل محرقة الخيام في رفح...

المجازر هي تأكيد على رسائل سابقة إلى الشّعب الفلسطيني، بأنّ المقاومة لن تجلب سوى المزيد من القتل والدّمار، وعليكم التّخلي نهائيًا عن هذا النّهج الذي سيدمّركم حتى النهاية، وبأنّه لا أمل لحلول غير ما تقدمه حكومة إسرائيل.

رسائل محرقة الخيام في رفح...

رفح (Getty Images)

كما هو معتاد، وبصورة باتت أكثر بشاعة وإجرامًا، تُمعن حكومة النظام الفاشي في المجازر ضد المدنيين العزّل.

باتت هذه الحكومة أكثر تمسّكا بموقفها الذي يعني تصفية القضية الفلسطينية من خلال المزيد من المجازر والكوارث، حتى لا يبقى للفلسطينيين أي منفذ آخر أو أمل سوى الهجرة وإلا فالموت.

يدخل في هذا الباب شيطنة منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا، واقتراح اعتبارها منظمة إرهابية بقرار من الكنيست، ما يعني المضيّ قُدمًا في مشروع التجويع والتهجير، فهذه المنظّمة تشغّل عشرات آلاف الفلسطينيين، وهي مصدر دخلهم الوحيد، إضافة إلى أنّها مصدر تقديم المساعدات الإغاثية لجموع اللاجئين، وتعتبر مصدر معيشة أساسي لمئات آلاف الأسر الفلسطينية.

ليس مستبعدًا أن توافق الكنيست على قرار دمغ الأونروا بالإرهاب، وتردّ بهذا على الدّول التي أعلنت عن استعدادها لدفع حصة من التمويل لهذه المنظمة، مثل إسبانيا التي اعترفت بدولة فلسطين، وأعلنت عن استعدادها لدعم الأونروا.

المجازر تعني التأكيد على أنّ القرارات الدولية بما في ذلك المحكمة الجنائية والعدل الدولية، ليست المكان المناسب لحل الصراع، فهي لا تستطيع تنفيذ قراراتها على إسرائيل اليوم كما في الماضي، وهكذا سيكون في المستقبل، أي أن اللجوء إلى المنظّمات الدولية لن يجديَ نفعًا، والحل الوحيد هو ما تقرّره حكومة إسرائيل.

ليس بإمكان قرار محكمة الجنايات الدولية وقف الأعمال العسكرية التي يمارسها الاحتلال، وهذا ردٌّ على كريم خان المدعي العام لمحكمة الجنايات الدّولية الذي أعلن بأنّه ليس من حق أحد أن يرتكب مجازر ضد مدنيين، حتى ولو خرج من بينهم مسلّح، الردّ هو أنّ هذه المحكمة الدولية لا تعني شيئًا، وعلى العالم والفلسطينيين أن يفهموا ذلك، وعلى المؤسّسات الدولية التراجع، والتفكير مليًا قبل إصدار قرارات مثل أوامر اعتقال مسؤولين إسرائيليين، فالرّد سيكون بمزيد من القتل.

المجازر هي تأكيد على رسائل سابقة إلى الشّعب الفلسطيني، بأنّ المقاومة لن تجلب سوى المزيد من القتل والدّمار، وعليكم التّخلي نهائيًا عن هذا النّهج الذي سيدمّركم حتى النهاية، وبأنّه لا أمل لحلول غير ما تقدمه حكومة إسرائيل.

في المحصلة، عليكم الاقتناع بأنّه لن تقوم لكم دولة حتى ولو واجهت إسرائيل العالم، فالمؤسسات الدولية لن تستطيع تنفيذ قراراتها، كذلك فلا تأملوا من جامعة الدول العربية شيئًا، فهي على العهد كما تعرفون، جعجعة بلا طحين، فنحن نقرّر متى تُفتح ومتى تُغلق بوابة رفح أو غيرها، وإسرائيل هي التي تقتل وتعفو وتجوّع وتطعم وتمنح أو تمنع الماء والكهرباء والهواء والدّواء متى تشاء ولمن تشاء، وليس لكم من خيارات سوى الرّضوخ والاستسلام التام وغير المشروط، وإلاّ فالخراب، والدمار، والفقر، والموت.

الإمعان في المجازر هي رسالة إلى العالم كله، بأنّ الموقف الأميركي لن تكون سوى ما يريده اللوبي الصهيوني، فهو الذي يقرّر من يكون رئيس أميركا وسياسته، وأقصى ما يمكن لرئيس أميركي أن يفعله، هو أن يفكّر في معاقبة مستوطن هنا وآخر هناك عرقل شاحنة طحين، ولكنه يغضّ الطرف عن حرب الإبادة ونتائجها ويواصل الموقف الأساسي الداعم عسكريًا ومعنويًا واقتصاديًا بلا أيّ شروط للاحتلال، وحتى الشراكة المباشرة فيه.

هي ردٌّ كذلك على كلمة أبي عُبيدة الأخيرة التي أعلن فيها قتل وجرح وأسر جنود في كمين أعدّ لهم بإيهام وجود أسرى في نفق ما، هي ردٌّ على النفحة المعنوية التي نفحها بيان أبي عبيدة في المنطقة، حيث خرجت مسيرات في مدن الضفة الغربية تعبّر عن فرحتها وكذلك في مخيمات الشّتات في لبنان والأردن.

وهي رد على الصواريخ التي سقطت في منطقة تل أبيب، وجُرحت فيها امرأة، بأن جرح امرأة ثمنه مجزرة.

هي رسالة أيضًا إلى داخل إسرائيل، هي تقويّة للتوجّه الأكثر تطرّفا وتلبية لتعطّش الشارع إلى مزيد من التّدمير والقتل والانتقام.

هي ردٌ على أهالي الأسرى والرّهائن الذين يقولون بوضوح، إنّه لا يمكن إعادة الأسرى أحياء بدون صفقة وقف لإطلاق النار.

هي رسالة إلى ملايين أحرار العالم الذين يتظاهرون في الشّوارع والجامعات، بأنّ جهودكم لا تثير لدينا سوى المزيد من الغضب والمزيد من القتل والتدمير.

هي رسالة إلى الأنظمة العربية المطبّعة، بأنّ إسرائيل لم يمسّها وهَنٌ، تفعل ما تشاء ومتى تشاء.

هي محاولة أخرى ضمن سياسة معاقبة الحاضنة الشّعبية للمقاومة، بدعوى أنّها هي السّبب في كل هذه الكوارث، وأنّ الحديث عن المقاومة في سياق تاريخي كنتيجة للاحتلال والتنكّر لحقوق الشعب الفلسطيني هو خطأ، فالمجازر تأتي كردّ فعلٍ على كلّ عمل مقاوم، ومثلها قرارات توسيع المستوطنات، ومصادرة الأراضي وطرد الرّعاة ومصادرة حلالهم في الضفة الغربية، فهي نتيجة لمظهر مقاوم، ويتحمّل مسؤوليته أولئك الذين قرّروا نهج المقاومة، ولهذا على الشّعب الفلسطيني أن ينبذ المقاومة بكل أشكالها وأن يدينها، بل أن يحاربها وأن يشِيَ بالمقاومين، وأن يتّهمهم بالعمل لصالح أجندات خارجية، كي يحظى بالحدّ الأدنى من الأمن، وبدون أي مقابل سياسي، وإلا فالمصير هو ما تشهدون وترون وتسمعون.

اقرأ/ي أيضًا | أغنيات في الحرب…

التعليقات