03/06/2011 - 14:47

صوت مع الثورة من الجولان المحتل.. / د. مجيد القضماني*

يتعرض شعبنا السوري في مختلف مدن وبلدات وطننا الحبيب لقمع وحشي تمارسه أجهزة الأمن ضد متظاهرين مسالمين خرجوا إلى الشوارع والميادين مطالبين بالكرامة والحرية ومحتجين على انتشار وباء الفساد القاتل في كافة مفاصل وأجهزة الدولة، وعلى التغول الذي لا مثيل له من قبل أجهزة الأمن، وتكميم أفواه أفراد الشعب وقمعهم إذلالهم، واستئثار"الأسرة الحاكمة" ومن لف لفها من منتفعين بمقدرات وخيرات البلد برمته، وكأنه مجرد مزرعة خاصة بهم اشتروها بحر مالهم أو ورثوها عن آبائهم

صوت مع الثورة من الجولان المحتل.. / د. مجيد القضماني*
يتعرض شعبنا السوري في مختلف مدن وبلدات وطننا الحبيب لقمع وحشي تمارسه أجهزة الأمن ضد متظاهرين مسالمين خرجوا إلى الشوارع والميادين مطالبين بالكرامة والحرية ومحتجين على انتشار وباء الفساد القاتل في كافة مفاصل وأجهزة الدولة، وعلى التغول الذي لا مثيل له من قبل أجهزة الأمن،وتكميم أفواه أفراد الشعب وقمعهم وإذلالهم، واستئثار"الأسرة الحاكمة" ومن لف لفها من منتفعين بمقدرات وخيرات البلد برمته، وكأنه مجرد مزرعة خاصة بهم اشتروها بحر مالهم أو ورثوها عن آبائهم.
 
إن صدى صرخات أبناء شعبنا بدءا بأهلنا البواسل في درعا وسائر مدن وقرى حوران مرورا بدمشق وريف دمشق ثم حمص وحماه وتلكلخ والرستن وحلب وإدلب واللاذقية وجبلة وبانياس والرقة والقامشلي ودير الزور والسويداء وسائر بقاع وبلدات سورية المنتفضة من أجل الكرامة والحرية والديمقراطية، ومواصلة النظام سفك الدماء والاستكبار والادعاء المقزز بأن هذه الحراك الشعبي هو من "صنيعة الخارج" ويخدم "أجندة أجنبية"، يدفعنا إلى رفع الصوت عاليا انتصارا لانتفاضة أبناء شعبنا واستنكارا لما يقوم به هذا النظام من إقامة سد قمعي بوجه أماني جيل بكامله من شبيبة أمتنا العربية، مستخدما أفظع أشكال التعذيب السادي ضد المحتجين السلميين الذين يسطرون أروع ملاحم التضحية والشجاعة والإصرار على الانعتاق والتحرر من ظلم الجلادين ودفاعا عن كرامة شعبهم الإنسانية وحقوقه وتطلعاته المشروعة والعادلة.
 
فيما مضى اختار بعض سكان الجولان المحتل، وأنا منهم، تغليب "نقاط التقاطع" مع ذلك النظام على "نقاط الافتراق"، منطلقين من أن معركتنا الطويلة كسوريين تحت الاحتلال منذ زهاء 44 عاما، كانت تستدعي منا التركيز أساسا في عملنا الوطني الجولاني على مقارعة الاحتلال الإسرائيلي، وما يتطلبه ذلك من تواصل مع دولتنا السورية وهي – كما هو معروف - مُهَيمنٌ عليها بالكامل من قبل النظام الحاكم.  ولكن أمام اصرار هذا النظام على مواصلة سفك دماء أبناء شعبنا ورفض الاعتراف بمشروعية المظاهرات السلمية الوطنية المضمون والمعبرة عن أماني الأكثرية المطلقة من الشبيبة العربية من المحيط الى الخليج في بناء أنظمة حكم حديثة وديمقراطية تُحترم فيها حقوق الإنسان ويتم من خلالها ضمان استقلالية القضاء وفصل السلطات وإطلاق الحريات العامة وإتاحة التعددية السياسية التي تفضي إلى التداول السلمي للسلطة، لا يبقى أمام شعبنا السوري من خيار سوى الإصرار على مواصلة نضاله السلمي حتى يتم له إستبدال نظام الاستبداد بنظام ديمقراطي، ينعم فيه المواطن بالحرية والكرامة والقدرة على اختيار الحاكم ومحاسبته واستبداله وفقا لما هو سائد في مختلف نماذج أنظمة الحكم الديمقراطي في شتى أرجاء المعمورة.
 
إننا نؤمن بأن النظام السوري يخوض مواجهة خاسرة تاريخيا، حتى لو تمكن بالحديد والنار من "تركيع" الشعب في هذه الجولة. كما نؤمن بأن ثورة شعبنا السوري البطل هي ثورة نبيلة كشقيقاتها العربيات وسوف تُكلل حتما بالنجاح، وبأن بلادنا سوف تنعم بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية مما سيؤهلها لخوض غمار معركة تحرير الجولان التي طال انتظارها. فلولا ابتلاء شعوبنا العربية بأنظمة دموية فاسدة ومهترئة تستأسد على مواطنيها بينما هي فاقدة القدرة على مواجهة العدو، ما كان للكيان الصهيوني أن ينعم بالبقاء فوق ربى أرضنا العربية السليبة حتى يومنا هذا.
 
 ***
 
أما في الشأن المحلي وما يتعلق بموقف "الهيئة الروحية" مؤخرا من السيدين وهيب أيوب وسليمان عماشه اللذين شاركا في مؤتمر المعارضة السورية في أنطاليا فلا يمكن المرور عليه مرور الكرام لكونه يشكل منعطفا جذريا في مواقف ودور رجال الدين لن يسجله التاريخ لهم بأحرف من نور. فقد عهدنا تلك الهيئة فيما مضى من الأيام تستخدم سلاح الحرم الديني والاجتماعي إزاء الخارجين على إرادة المجتمع في أمور وطنية شاملة وجامعة كرفض الجنسية الإسرائيلية. بيد أن قرار الهيئة الروحية المشار إليه أعلاه هو في حقيقته قرار تم طبخه على نار مصالح ضيقة الأفق والآفاق لمصلحة فئة محددة وتم إلباسه بغير وجه حق "غطاء دينيا". فناهيك عن وجود أغلبية جولانية صامتة تناصر الثورة بقلوبها وهو أضعف الإيمان، فقد سبق وأن أعلن العشرات من أبناء الجولان المحتل ( ومن ضمنهم السيدان وهيب وسليمان) في بيان أصدروه جهارا نهارا عن مناصرتهم للثورة السورية، كما أقاموا احتشادا تضامنيا في ساحة مجدل شمس ضم العشرات من أفراد المجتمع الجولاني.
 
قد يتفهم المرء عزوف أبناء الجولان المحتل على امتداد 44 سنة تحت الاحتلال عن الإدلاء بدلوهم في الشأن السوري الداخلي لأسباب موضوعية على رأسها انشغالهم في النضال ضد المحتل الإسرائيلي من جهة، وبعدهم عن موقع الحدث من جهة أخرى بسبب حالة الانقطاع شبه التام التي حصلت جراء سياسات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة والرامية إلى فصم عرى كل ما يمكن أن يصلهم بالوطن السوري.
 
لقد كان أهالي الجولان أوفياء لوطنهم منذ اليوم الأول للاحتلال، وقد عمدوا موقفهم الوطني بدماء العشرات من الجرحى والشهداء، وليس من حق أحد في الوطن، كان من كان، أن يغمز من طرفهم في هذا الشأن أو يطالبهم بإثبات "حسن الولاء"، بل العكس هو الصحيح، فنحن من يحق له المطالبة بـ" حسن التصرف والوفاء" حيال صمود أهالي الجولان على مدار سنوات الاحتلال الطويلة. وهناك العشرات وربما المئات من الأسئلة التي بوسعنا ان نوجهها "لأولي الأمر" في الوطن بخصوص قضايا تتعلق بدعم صمودنا وتحصين واقعنا الجولاني المحلي.
 
صحيح إن لمجتمعنا الجولاني خصوصيته كونه تحت الاحتلال، ولكنه مثله مثل غيره من المجتمعات الحية، فيه تعددية سياسية ووجهات نظر مختلفة، وعلى الجميع أن يتقبل حق الآخر بالتمايز والاختلاف. ويكفي أن ننظر من حولنا لنرى بأن أي تجمع بشري مهما قل تعداده، ومهما كانت ظروفه يحتوي على العديد من الرؤى والآراء المختلفة ابتداء من خيارات زراعة الحقل أو طرق إقامة الأفراح أو حتى تعيين الناطور... فما بالك والأمر يتعلق بأحداث مفصلية يتوقف عليها مستقبل وطننا ومصير أبناء شعبنا!.. فمن المستحيل أن نكون متماثلين على قلب رجل واحد، بل من الغلط وغير الصحي أن نكون نسخة واحدة مكررة. وكما لم يطالب أحد بمنع حق التعبير وحق التظاهر لأولئك الذين يساندون النظام، فلا يحق لأي كان أن يمنع المعارضين له عن التعبير عن مواقفهم وقناعاتهم. فلنعمل على تمتين وحدتنا الوطنية التي لا غنى لنا عنها ما دمنا نعيش تحت نير الاحتلال، ومن أجل أن تكون وحدتنا قوية وقابلة للاستمرار، فلا بد من السماح بالتنوع والحق في الاختلاف.

التعليقات