05/07/2011 - 16:07

نحو إنشاء إطار تنظيمي يمثل المحامين العرب في اسرائيل../ نبيل دكور

ليست هذه المقالة سوى محاولة متواضعة ربما تكون نافعة لطرح فكرة لإقامة إطار تنظيمي ( رابطة، اتحاد، نقابة) لتمثيل المحامين الفلسطينيين في الداخل

نحو إنشاء إطار تنظيمي يمثل المحامين العرب في اسرائيل../ نبيل دكور
- اجتهاد لتبيين فكره -
                                                                      
                                                                                                 
ليست هذه المقالة سوى محاولة متواضعة ربما تكون نافعة لطرح فكرة لإقامة إطار تنظيمي ( رابطة، اتحاد، نقابة) لتمثيل المحامين الفلسطينيين في الداخل.
 
ما يجدر ذكره هنا هو أن الفكرة أعلاه ليست وليدة الصدفة ولم تأت من فراغ لا بل إنها نتاج اندفاعات فكرية طبيعية مستمدة من التحديات المميزة والإشكاليات الخاصة التي تلازم الفاعلية الوظائفية للمحامين من أبناء المجتمع العربي الفلسطيني في البلاد، ومن المعضلات التي يواجهونها أثناء أداء نشاطهم المهني بالذات على ضوء الخصوصية القومية والسياسية والاجتماعية التي تطغى على هذه الجزء بالتحديد من الشعب الفلسطيني.
 
ربما لسنا السباقين في طرح فكرة المبادرة لتأسيس جسم تنظيمي يمثل المحامين العرب، ولكننا على يقين أن هذه الفكرة وإن طُرحت سابقا فلم يكن ذلك إلا بشكل عابر وسطحي، على هامش الأحداث وفي سياق طروحات موسمية دون أن تؤخذ على محمل الجد، إذ لم تحظ هذه الفكرة حتى الآن للقدر الكافي من الأهمية المستحقة أو لأي نوع من الدراسة الجدية أو البحث المعمق ولو على المستوى النظري.
 
 من المتعارف عليه قانونيا وفعليا أن أي إطار تنظيمي يُقام بهدف تأطير وتنظيم وتمثيل أي قطاع من أصحاب المهن، فمن الطبيعي أن يتبنى هذا الإطار الشكل النقابي في بنيته التنظيمية وأن يعتمد أسسا وأنظمة نقابية في مضمونه، وغالبا ما تحدد هذه الأنظمة عضوية ومبادئ وأهداف الإطار النقابي على المستوى المهني والخدماتي. في ذات الوقت باستطاعة هكذا أطار، نزولا عند رغبة مؤسسيه واستجابة لمطالب أعضائه أن يتبنى، بالإضافة للأمور النقابية الخدمية المجردة، مبادئ وأهداف وتوجهات وتطلعات خاصة.
 
في حالتنا، التي تعتبر من النوع الخاص، فالمحامون العرب في إسرائيل منظمون نقابيا وينتمون لإطار نقابي مهني وخدماتي رسمي ومُمأسس قانونيا هو نقابة المحامين، إلا أن أسس وأنظمة وأهداف هذه النقابة الإسرائيلية وطبيعة عملها وتطلعاتها، مثلها كمثل الغالبية المطلقة للأطر والمنظمات والمؤسسات الإسرائيلية الرسمية، النقابية منها وغير النقابية، فلا توفر أو لا يمكن أن توفر لأعضائها من المحامين أبناء الأقلية العربية، أجواء تنظيمية نقابية وطروحات وبرامج تحقق تطلعاتهم وتعكس ما يحملون من هموم أو ما يواجهون من تحديات وإشكاليات نابعة بالذات من خصوصية انتمائهم القومي والاجتماعي والسياسي.
 
لا يختلف اثنان على أن المحامين العرب شأنهم كشأن باقي أبناء الأقلية القومية التي ينتمون اليها وكشأن باقي أفراد المجتمع الذي يضمهم، فهم عانوا ويعانون من سياسة الإقصاء والتفريق المتجذرة والمتفشية في دولة اليهود، إن كان ذلك على المستوى الرسمي أو على المستوى المجتمعي. فرغم حقيقة تصنيف مهنة المحاماة كأحد أكثر المهن الأكاديمية طلبا وتسويقا إن كان ذلك في سلك القطاع العام أو في القطاع الخاص، الشيء الذي له تبعات اجتماعية واقتصادية واضحة وبارزة، إلا أن المحامين العرب، بسبب انتمائهم القومي، حُرموا كليا وما زالوا محرومين بشكل ملحوظ جدا من فرص العمل في القطاع العام ( مؤسسات وزارة العدل، نيابة الدولة، جهاز القضاء). كذلك هو الحال في القطاع الخاص، فالقوة الكبرى التي تتحكم فيه وتحركه هي بالطبع المحامون اليهود والجمهور اليهودي، لذا فلم يسجل المحامون العرب نجاحات ملحوظة تذكر.
 
ضف عل ذلك، الانتماء القومي والخصوصية الاجتماعية والاقتصادية للجمهورالذي يمثله ويرافع عنه المحامون العرب، نوعية وخلفية القضايا والملفات التي يعالجونها هؤلاء المحامون والمعاملة القضائية التي يتلقاها جمهورهم بالذات.
 
إن الغالبية العظمى من جمهور زبائن المحامين العرب هم بذاتهم ضحايا سياسات تمييز وإقصاء وغبن. القسط الأكبر من قضايا هذا الجمهور المتداولة أمام المحاكم ليس إلا نتيجة ظلم قد لَحِقَهم من سلطات ومؤسسات الدوله أو تعد على أملاكهم وأراضيهم أو انتهاك لحقوقهم وحرياتهم الأساسية. كل ذلك في طبيعة الحال في ظل معاملة مؤسساتية مشددة وأحكام قضائية صارمة بحق هذا الجمهور. 
 
بتقديرنا، هناك حاجة ماسة وضرورة ملحة لإنشاء إطار نقابي- لتنظيم المحامين العرب في إسرائيل- يعتمد أنظمة وأهدافا تعكس خصوصيتهم الانتمائية وتضمن مطالبهم وتطلعاتهم القومية والسياسية بالذات في ظل التحديات والمعضلات الوظائفية التي يواجهها هؤلاء المحامون من أبناء الأقلية العربية كما ذكرنا سابقا. كما ونعتقد أن الحاجة للقيام بتأسيس هكذا إطار تنظيمي قد تكبر ويغدو الأمر ضروريا وملحا أكثر وأكثر نظرا لما قد يقوم به هذا الإطار من أنشطة ومهام متوخاة منه كمنظمة حقوقية أو كمركز قانوني في سبيل الدفاع عن الحقوق القومية واالمدنية للشعب الفلسطيني على شقي الخط الأخضر، خاصة في ظل الظروف الاحتلالية العصيبة التي يمر بها أبناء هذا الشعب خلال العقد الأخير (إبان الانتفاضة الثانية وبعد تعثر ما يسمى بـ"العملية السلمية") وما يتعرضون له من سياسات قمعية وحملات سلطوية عنصرية شرسة على الصعيدين التشريعي والتنفيذي.
 
في هذا السياق لا بد ان نُعرج وبشدة على ما يتعرض له المحامون العرب ذاتهم في الآونة الأخيرة من هجمة سلطوية عنصرية بحقهم ومحاولة سن قوانين وأنظمة لمنعهم من مقابلة أو زيارة المعتقلين والأسرى الفلسطينيين السياسيين أو محاولة توجيه الاتهامات لهم، والتحقيق معهم بشبهة إعطاء خدمات محظورة وغير قانونية لهؤلاء الأسرى. الغاية من وراء كل ذلك طبعا هو الحد بما يقوم به المحامون العرب من نشاط قانوني في الدفاع عن حقوق المعتقلين والأسرى من أبناء شعبهم.   
       
في الختام، إذا توفر لدينا القناعة والإرادة لإنشاء منظمة نقابية وحقوقية (رابطة، اتحاد أو نقابة) تخص المحامين العرب وتذود عن حقوقهم وحرياتهم المهنية وعن حقوق وحريات أبناء شعبهم، بالذات في ظل غياب منظمة نقابية أخرى تضمن لهم ذلك، فلن يكون الخروج بالفكرة إلى حيز التنفيذ بالأمر العصيب. إذ يمكن الشروع مباشرة بمهمة التأسيس الفعلي عن طريق تسجيل المنظمة قانونيا كجمعية تعتمد دستورا يشمل أنظمة ومبادئ نقابية ويضمن أهداف وتطلعات المحامين العرب، ومن بعدها لا بد من عقد مؤتمرعام تُنتخب فيه هيئات إدارية وتنفيذية كفيلة بمباشرة القيام بالنشاط النقابي والحقوقي المنشود.

التعليقات