15/01/2012 - 21:38

النساء الغزيات في العالم الافتراضي../ مصطفى إبراهيم

لم تستطع النساء الفلسطينيات خاصة في قطاع غزة تسجيل حضور لافت لهن في الشبكة العنكبوتية بمساحتها الواسعة والحرة للتعبير عن قضاياهن وآرائهن. ويصاب الإنسان بالإحباط والصدمة من عدم قدرة النساء على استغلال تلك المساحة المجانية للتعبير عن قضاياهن وهمومهن بحرية، بعيدا عن الإعلام التقليدي الذي يتعامل بتحفظ مع الكثير من القضايا الكبيرة التي تتعلق بحقوق المرأة

النساء الغزيات في العالم الافتراضي../ مصطفى إبراهيم
لم تستطع النساء الفلسطينيات خاصة في قطاع غزة تسجيل حضور لافت لهن في الشبكة العنكبوتية بمساحتها الواسعة والحرة للتعبير عن قضاياهن وآرائهن. ويصاب الإنسان بالإحباط والصدمة من عدم قدرة النساء على استغلال تلك المساحة المجانية للتعبير عن قضاياهن وهمومهن بحرية، بعيدا عن الإعلام التقليدي الذي يتعامل بتحفظ مع الكثير من القضايا الكبيرة التي تتعلق بحقوق المرأة.
 
فقضايا النساء لها خصوصياتها وحساسياتها في مجتمع تغلب عليه الصفة الذكورية وسيطرتها على مناحي الحياة، وهي تخضع للرقابة ذاتها التي تخضع لها القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية وغيرها من التابوهات الممنوعة من التداول، إلا أن الشبكة العنكبوتية وفرت مساحة للكتابة والنقاش بحرية من دون خوف من رقيب حكومي وحتى ذاتي.
 
مع الانترنت هناك فرق بين الصحافة التقليدية، التي تفرض رقابة على الغوص في القضايا الكبيرة وفي مقدمتها قضايا المرأة، وفي الانترنت لا شي يحدد مشاركة المرأة، لا قوانين ولا كوتا ولا تعسف ولا ظلم، فالفضاء الألكتروني ساوى بين الرجل والمرأة في المشاركة والتعبير بحرية، ووجد متنفسا للنساء للتعبير بحرية وتحقيق ذواتهن.
 
وهنا لا بد لي ان أسجل الغياب الكبير للنساء الغزيات وافتقارهن للجرأة في طرح قضاياهن حتى البسيطة، التي من الممكن أن تلقى تأييد وتعاطف قطاعات مختلفة من المجتمع. وعلى الرغم من المشاركات التي تقوم بها النساء الغزيات في العالم الافتراضي على صفحات التواصل الاجتماعي، إلا أنها مشاركات قاصرة، عدد كبير منها عبارة عن وضع عبارات "قص ولصق" لكاتبات وروائيات عربيات مثل أحلام مستغانمي، بعضهن لم يقرأن سطرا واحدا من رواياتها، ولا تتناول الشأن النسائي بخصوصية وجرأة، فهي مشاركات للتسلية وإهدار الوقت.
 
حتى النساء اللواتي استطعن أن يسجلن حضورا، ويساهمن بإبداعاتهن وتميزهن في النشاط الألكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، وحصلن على جوائز من خلال المدونات والمشاركات على الفايسبوك وتويتر فعددهن قليل ولم يتناولن قضايا المرأة وحقوقها، وبعضهن يتناولن مواضيع لا علاقة لها بواقع المرأة أو حتى بالشأن الفلسطيني خاصة الغزي، والواقع الصعب المعاش من العدوان الإسرائيلي المستمر والحصار وارتفاع نسب الفقر والبطالة وتأثير ذلك على النساء الأكثر فقرا و تهميشاً.
 
وفي ظل ذلك، ومع حالة التخلف والتراجع الاجتماعي والثقافي للمجتمع عامة وللمرأة بصفة خاصة وعدم وعيها بقضاياها، لم نسجل حضورا كبيرا لنساء غزيات سواء كانت صحافية أو ناشطة نسوية أو سياسية أو حتى مهتمة بالشأن العام "باستثناء عدد قليل" من تسجيل حضورها في الفضاء الألكتروني، وتتناول قضايا المرأة بجرأة وبصراحة، كما أن هناك فقر في حضور الصحافيات في الإعلام التقليدي، ومع العدد القليل لهن لكنهن لم يستطعن ان يسجلن لهن أسماء، ويشكلن عناوين مهمة معروفة يخدمن قضايا النساء، أو القضايا المجتمعية بصفة عامة.
 
في قطاع غزة التربة خصبة لتناول مواضيع كثيرة، فبالإضافة إلى وجود المحطات الإذاعية المحلية المنتشرة والتي يخلو بعضها من وجود امرأة واحدة فيها، وإن وجدت فهي لقراءة نشرة الأخبار أو تناول مواضيع لها علاقة بالمرأة أو مواضيع فنية، أو لجذب المستمعين، وخصصت مساحة لعمل النساء حسب مواصفات معينة منها عذوبة صوت المذيعة، والتوجه السياسي أو الاقتصادي للجهة القائمة على الإذاعة.
 
وعليه لم تستطع النساء أو لم يبادرن إلى استغلال الفضاء الرقمي بإقامة مواقع متخصصة بقضايا النساء أو تشغيل محطات إذاعية على الشبكة العنكبوتية وتتناول قضايا مثل سوء معاملة المرأة في المجتمع الفلسطيني، على أن تكون العاملات فيها من النساء مثلاً.
 
النساء في دول الربيع العربي شاركن بقوة وكان لهن حضور كبير في الفضاء الألكتروني، وساهمن في تحريض النساء والنضال من أجل الحريات، وكان من بينهن أسماء لمعت وأصبحت مشهورة.
 
وفي حالنا الفلسطيني عموما والغزي بشكل خاص لم تستطع النساء القيام بالدور الذي يجب أن تقوم به، وهن يقمن بالدور الذي يطلب منهن أن يقمن به، من دون أن يكون هناك مبادرات صادرة عنهن يعبرن عن ذواتهن وخصوصيتهن، فالنساء يتم تغيبهن وتهميشهن في مجتمعنا، كما غيبن أنفسهن من استغلال هذا الفضاء الرقمي الواسع، وبمقدورهن أن يقمن بدور أكبر من أجل الحصول على حقوقهن والوصول للمساواة الحقيقية وتحقيق العدالة الاجتماعية.

التعليقات