25/05/2012 - 15:09

ضحّى بحذائه/ مصطفى طه

منذ سمعته في المناظرة إياها قبل اكثر من خمسة عشر سنه احببته، وتابعت أخباره على الدوام، واكتشفت في كل مرة كم هي أصيلة الروح الثورية الكامنة فيه، وأجمل ما فيها عمق إيمانه بحتمية انتصار الحق في النهاية، مهما طال الزمن، وها هو الحق ينتصر فعلا. ويا ليت يكون حمدين مفاجأة الانتخابات المصرية التي نرقبها بتلهف لما لاهمية ارتداداتها على الأمة.

ضحّى بحذائه/ مصطفى طه

بأحذيتهم رجموه حين جاء أحد رموز فلول النظام الفاسد، أحمد شفيق، ليدلي بصوته في انتخابات رئاسة الجمهورية في مصر العروبة التي عادت لحضن أمتها بعد طول غياب قسري، وما كان شفيق ليأخذ حق الصوت هذا لو لم تسقط الثوره السوط الذي جلّد به أبناء أمته ثلاث عقود من ألزمن بسادية أرغمت ملايين المصريين ألشرفاء أن يشتهوا رغيف ألخبز الحاف، وليصبح اقتناء الحذاء للملايين منهم أشبه بالحلم، وفي اتعس أحلامه لم يتخيل أحد من فلول النظام البائد ان أحذية البؤس هذه ستكتب فاتحة لعهد جديد بعد ان تطال رؤوسهم .

أخفقتم حين ظننتم ان الظلم قادر على الدوام الى اللانهاية بفعل القوة اللانهائية، وما كانت سهام جهلكم لترتد الى نحوركم لو لم يعميكم غرور الثروة والسلطة الذي عصّب اعينكم بالعمى فلم يمهلكم لقراءة كتب التاريخ الملآى بالعبر،وكم جنيتم على انفسكم بجهلكم حين غاب عن ذهنيتكم المهزومة أن الأجساد العارية فقرا، والأمعاء الخاوية جوعا، والكعاب الحافية عوزا ما كانت تنحني الّا لالتقاط المزيد من الكرامة وتسير نحو المقابر التي سكنها الملايين بفعل ظلمكم لتحفر قبوركم وانتم لا تعلمون... لانها حتمية التاريخ، وخاب ظنكم – يا لسعادتنا- حين توهم لكم أن القميص الذي حرم منه المصري البسيط قد عرّاه من كرامته ايضا، واذ من تحت جلده الاسمر يخفي كرامة كبريائه، كرامة الكبرياء هذه التي تجردتم منها رغم بدلات الجوخ الكثيره، وربطات العنق الانيقة التي التّفت حول اعناقم فتحولت الى حبل مشنقنة صنعتموها بانفسكم.

اعترف نعم، ان عيني تدمع عشرات المرات يوميا وأنا أتابع لحظة بلحظة أخبار المرشح الذي احبه منذ زمن، حمدين صباحي كقومي عروبي ديمقراطي ناصريّ حتى النخاع وبفطرة ابن الفلاح البسيط الذي تشبّع بكبرياء ثورة الضباط الاحرار في الثالث والعشرين من يوليو 1952، وبقي مؤمنا باهدافها التي حددتها الثورة حينها، والتي لا زالت صحيحة حتى اليوم، والتي لخصّها ذات مرة في مناظرة تلفزيونية مقابل واحد من اكثر الحاقدين،والمزيفين لتاريخ الثورة وحجم انجازاتها العظمى من حزب الوفد واسمه د.محمود دسوقي حين قال: "لو لم يكن للثورة من انجازات سوى طرد الاستعمار والقضاء على اعوانه، وتأميم القناة،وبناء السد العالي، والإصلاح الزراعي،وإتاحة فرص التعليم والعمل لابناء الفقراء مثلي، وبث روح الكبرياء فينا، لو لم يكن للثورة من إنجازات سوى تلك لكفاها شرفا...." وانهى حديثه بالقول: "بموت جمال عبد الناصر لم تمت إمكانية التحرير ولكن ماتت ارادة التحرير".

منذ سمعته في المناظرة إياها قبل اكثر من خمسة عشر سنه احببته، وتابعت أخباره على الدوام، واكتشفت في كل مرة كم هي أصيلة الروح الثورية الكامنة فيه، وأجمل ما فيها عمق إيمانه بحتمية انتصار الحق في النهاية، مهما طال الزمن، وها هو الحق ينتصر فعلا. ويا ليت يكون حمدين مفاجأة الانتخابات المصرية التي نرقبها بتلهف لما لاهمية ارتداداتها على الأمة.

"نأمل أن نلتقي وانت رئيسا للجمهورية أخي حمدين..وارفع رأسك يا أخي فقد ولّى عهد الخائنين"، هكذا انهيت محادثتي التلفونية معه يوم انتصار الثورة المصرية حين نقلنا كلمته المباشرة للجمهور الذي شارك في حفل انتصار الثورة الذي نظّمه التجمع الوطني الديمقراطي في الناصرة. لعل الدعاء يتحقق لعل. 

التعليقات