14/10/2013 - 13:48

مخيم اليرموك: تل الزعتر من جديد../ فارس شين*

أفتى خطيب الجمعة في مسجد فلسطين (المسجد الرئيسي في مخيّم اليرموك جنوب دمشق)، بجواز أكل لحم القطط والكلاب للمحاصرين ضمن المخيّم

مخيم اليرموك: تل الزعتر من جديد../ فارس شين*

تضامن اليرموك مع النقب في أيام الغضب

"يجوز للمحاصرين شرعًا أكل لحم القطط والكلاب بعد أن بلغوا مرحلة الاضطرار المفضي للهلاك"؛ ألا تذكّر هذه الفتوى الشرعيّة أي متابع للشأن الفلسطينيّ، بالفتوى الصادرة أثر حصار القوّات اللبنانيّة- بمساندة قوّات النظام السوري- طوال 52 يومًا لمخيّم تلّ الزعتر. لكن هذه فتوى أخرى شبيهة. فتوى تل الزعتر كانت تُبيح أكل لحم الشهداء أثناء الحصار، أما اليوم، في تشرين أوّل 2013، فقد أفتى خطيب الجمعة في مسجد فلسطين (المسجد الرئيسي في مخيّم اليرموك جنوب دمشق)، بجواز أكل لحم القطط والكلاب للمحاصرين ضمن المخيّم.

وتأتي هذه الفتوى بعد نحو 10 شهور على الكارثة التي حلّت بالمخيّم، وبعد 90 يومًا على إغلاق المعبر الوحيد للمخيّم، والذي كان قد أنشأته قوّات النظام السوري وقوّات الجبهة الشعبيّة- القيادة العامّة المناصرة للنظام. وكان الفلسطينيون قد أطلقوا على هذا المعبر اسم "رفح 2" لما عانوه من ذلٍ وإهانة ومضايقات.

50 ألف فلسطينيّ وسوريّ من سكّان مخيّم اليرموك لم يتلقّوا كسرة خبزٍ ولا وجبة تشبه، لا من قريب ولا من بعيد، أي وجبة يأكلها الإنسان الطبيعي في العالم. فمنذ بداية الحصار كان "رفح 2" يفتح لـ 6 ساعات يوميّا، يخرج منه الأهالي إلى منطقة تبعد عن المخيّم نحو 50 مترًا، ويشترون حاجيّات تكفيهم ليومٍ أو اثنين. تسمح القوّات المتمركزة على المعبر بربطتي خبز لا أكثر (عدا عن أن أفران المخيّم لا تعمل بسبب منع دخول الطحين والمحروقات)، وكذلك يسمحون بدخول كيلوغرام واحد من نوعيّ خضار فقط، ونصف كيلو من فاكهةٍ واحدة.

أي مخالفةٍ لهذه القوانين جزاؤها سيكون الرمي والدوس بالأقدام، وسيل من الشتائم واللكمات التي لا تسلم منها لا النساء ولا الأطفال الذي يقفون قرابة الساعتين للعودة إلى المخيّم في طابور لتفتيش مذل يُشرف عليه الأمن السوريّ وعناصر القيادة العامّة – معظمهم من أبناء المخيم.

بعد ثلاثة أيّام من إغلاق الحاجز لم يعد هناك أي خبزٍ طازجٍ في أيّ من المنازل، نفذ ما خُزّن وبدأ أبناء المخيّم يأكلون الخبز الناشف الذي كانوا قد خزّنوه بعد أن زاد على موائدهم، حيث توقعوا هذه "الأيّام السوداء". كان أسبوع واحد يكفي لتتحول كسرة خبزٍ ناشفة إلى كنزٍ ثمين.

بعد استمرار الحصار للمخيّم، بدأ الأهالي ببناء الـ"فرنيات" المصنوعة من طين، مستخدمين الحطب بدل المحروقات المحظورة من أجل خبز العجين المعد في البيوت، أيّام قليلة ونفذ الطحين أيضًا، ثم استبدل بمزيج العدس والبرغل، يُطحنان ويُعجنان ويخبزان، لكن هذا النوع من الخبز نفذ أيضًا، والحصار مستمر.

عشرة شهور ومخيّم اليرموك الذي قدّم أجمل شبابه قربانًا للثورة الفلسطينيّة في كل مراحلها، يقبع تحت القصف المستمر والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، ذلك إلى جانب التعتيم الإعلامي. عشرة شهور والصمت المخزي في الأوساط الفلسطيني، والقيادات والفصائل المهترئة، يقتلنا.

التعليقات