21/10/2013 - 18:23

تحت شًرفة ناجي ومحمود وليس تحت سقف خيام روتشيلد / نضال محمد وتد

رحل محمود درويش عن شرفته، والأدق أنه تركها مناوبة لصالح رمز أخر من رموز الشعب الفلسطيني، رمز يليق به أن يكون المشهد الثقافي ليافا، ويليق بيافا ان تمنحه حق "العودة" والاستقرار في شرفة محمود...

تحت شًرفة ناجي ومحمود وليس تحت سقف خيام روتشيلد  / نضال محمد وتد

 

"في يافا، وفي وسط حي العجمي الذي تسعى إسرائيلية لتحويله إلى حي يعيد إلى الأذهان حي هارلم الأسود في نيويورك، حي العنف والقتل الجريمة والمخدرات، رسم شباب فلسطينيون صورة محمود درويش على بيت عربي قديم وهو يقول: هو الآن يرحل عنا ويسكن يافا ويعرفها  حجرا حجرا  ولا شيء يشبهه والأغاني تقلده".

" شرفة درويش هذه تؤنس أهل يافا وترد نيابة عنهم على محاولات تشويه يافا بعد اغتصابها، يافا تقول الشرفة، مدينة عربية وليست مدينة مختلطة. تقع شرفة درويش في يافا بطبيعة الحال في الطابق الثاني في شارع الحلوة فوق بقالة أنطون، ودرويش يمد البصر عله يصل بحر يافا".

 

هذا جزء من نص كتبته ونشرته قبل ثلاث سنوات تقريبا، أو في العاشر من نيسان 2010 على وجه الدقة، أثناء إعداد تقرير (لموقع إيلاف الألكتروني) عن مؤتمر التحدي والصمود في يافا...

لم تكن زيارتي ليافا يومها أول زيارة، ولا كانت آخر زيارة...تغيرت أمور كثيرة في غضون ذلك، وتغير المشهد في يافا أيضا. زاد عدد المستوطنين المجلوبين من مستوطنات الضفة الغربية، وكشفت العنصرية عن أنيابها...

رحل محمود درويش عن شرفته، والأدق أنه تركها مناوبة لصالح رمز أخر من رموز الشعب الفلسطيني، رمز يليق به أن يكون المشهد الثقافي ليافا، ويليق بيافا ان تمنحه حق "العودة" والاستقرار في شرفة محمود...

ناجي العلي الفلسطيني يسكن اليوم شرفة محمود درويش في شارع الحلوة ... وكما سكنها درويش بشعره عن يافا، يسكنها ناجي العلي بكاريكاتيره الأشهر: إنت مسلم ولا مسيحي...سني ولا شيعي..درزي أو علوي؟ أورثوذوكس ولا كاثوليك..إلى أن يرد عليه حنظلة:  أنا عربي يا جحش...

يليق بناجي العلي ان يتناوب ومحمود درويش شرفة في شارع الحلوة في يافا، شرفة يطل منها على أهل يافا، ويطالعه أهل يافا. كانت يافا (واسألوا مؤرخنا البروفيسور مصطفى كبها، رائد البحث عن تاريخ يافا الثقافي ، أو رفيقنا المتبحر في تاريخ يافا،سامي أبو شحادة) كانت أول مدينة فلسطينية ظهرت فيها وتجلت الوحدة الإسىلامية-  المسيحية  عبر الجمعيات الإسلامية المسيحية، في عشرينيات القرن الماضي، إطارا جامعا لمحاربة الصهيونية ومواجهة مخططاتها...

قبل ثلاثة أعوام كان أهل يافا العرب متفقين ومتحدين في قائمة يافا، وكان مندوب القائمة في البلدية يومها ، والمتحدث باسمها في مؤتمر التحدي والصمود المذكور، عمر سكسك، يومها أكد سكسك في كلمته أمام الحضور :" أن يافا تواجه في السنوات الأخيرة هجمة لم يسبق لها مثيل للاستيلاء على ما تبقى من الأرض العربية لإسكان آلاف المستوطنين اليهود فيها، فقد جرفت سلطات البلدية منطقة السوق القديم بعد إغلاقه لينمو في المكان بناء بعشرات الشقق السكنية المعدة لليهود".

لكنني عندما عدت ليافا هذا العام، وقبل أسبوعين تحديدا، قطعت سيرا على الأقدام  شارع الحلوة (يافت) كله من أوله ولغاية مقر قائمة يافا في شارع الحلوة 172...وفي طريقي إلى لقاء الصديق سامي أبو شحادة، طالعتني صورة لملصق دعائي عنوانه أو "ترويسته" بالعبرية ومضمونه بالعربية، يتصدره السيد عمر سكسك وإلى جانبه صورة للمرشح الرابع في لائحة "عير لكولانو"..لم تصدمني الصورة ولا الترويسة العبرية بقدر ما صدمني القول المنسوب في الملصق لعمر سكسك والجبهة أن هؤلاء "قادة مظاهرات الاحتجاج الاجتماعي" خير من يمثل أهل يافا ويقودهم نحو التغيير الاجتماعي المنشود"...

صدمني هذا الاقتباس لعلمي ان يافا، وبحسب السيد سكسك نفسه تعاني من حرب عنصرية ضد أهلها..فكيف نواجه خطر الهجمة للاستيلاء على ما تبقى من الأرض العربية في يافا بالتغيير الاجتماعي..هل تحولت قضية يافا من قضية بقاء وتحدي وصمود إلى قضية تغيير اجتماعي..هل يمكن بجرة قلم أو بقرار من فرع الحزب الشيوعي الإسرائيلي في تل أبيب، القضاء على التحالف الوطني لأهل يافا والانضمام لقائمة يقودها اليوم رجل يعلن أنه عضو مركز الليكود...ويفاخر بأنه تمكن ودوف حنين من إقرار قانون يشرعن اغتصاب بيوت سلمة الفلسطينية وتسجيل عقارات اللاجئين من أبنائها لصالح من استوطنوها بعد ترحيل أهلها؟

هل حقا يعتقد السيد سكسك والجبهة أن أهرون موديئيل رئيس قائمة عير لكولانو الليكودي حتى النخاع سيضمن لأهل يافا "العدل الاجتماعي" أم أنه يقصد "العدل الاجتماعي الصهيوني" الذي يريد تقاسم وتوزيع أملاك الغائبين واللاجئين بين كافة شرائح المجتمع اليهودي دون تمييز بين اشكنازي وشرقي..

يافا مدينة فلسطين الأولى وعروس بحرها، وأهلها أحق بشرفة يتناوبها ناجي العلي ومحمود درويش، وصاحب ارض البرتقال الحزين، لا أن تتناوب الأحزاب الصهيونية ، ونشطاء التغيير الاجتماعي تحت سقف خيام روتشيلد الهجوم على تاريخها وقضيتها وتشويه قضية  شعب ووطن لتمرير سرقة أصوات أهل يافا وضرب قائمتها الأهلية الوحيدة، قائمة يافا، ومنعها من اجتياز نسبة الحسم، بعد محاولات دب اليأس في نفوس أبنائها وأهلها وشعبها...

حتى لو غير بعض أهل يافا جلدتهم ومواقفهم، وحتى لو أعادوا انتاج نظريات المقاومة والتصدي، وحولوا معركة البقاء إلى معركة روتشيليدية ، فستحفظ  يافا وأهلها الأصيلين عهد الوفاء لتاريخ مجدها، وقضية شعبها وناسها...وستبقى يافا خط الدفاع الأول عن روايتنا.

سيبقى أهل يافا يستظلون بشرفة يتناوب السكن فيها، محمود درويش وناجي العلي، وقد يتبعهما غسان كنفاني، وهشام شرابي، وأبو إياد وإبراهيم أبو اللغد...ولن يستبدلوا شرفتهم هذه بخيام روتشيلد ووعود مغتصبي بيوت سلمة...فليافا صوت... خلوا صوتها عالي.. وخلوا مآذنها تصدح بالآذان، ولتقرع كنائسها أجراس الوحدة ...

يافا تنادي أهلها، وأهلها أهل فلسطين، من المثلث والجليل والنقب..فلنلبي نداء يافا ولنخرج لنصوت لـ يافا لنرفع صوتها عاليا...

التعليقات