22/11/2013 - 10:13

شفاعمرو عاصمة الثقافة العربية: هل يمكن؟ (1-2)../ زياد شليوط

سمعت أكثر من مرة رئيس بلدية شفاعمرو السابق ناهض خازم يردد أن شفاعمرو تحولت إلى عاصمة للثقافة في عهد رئاسته، كما استخدم هذا الشعار في دعايته الانتخابية، فإلى أي مدى كان ذلك القول صائبا ويقارب الحقيقة؟ عندما كنت أسمع تلك التصريحات من رئيس البلدية السابق كنت أستغرب، وأنظر حوالي وأتساءل أين هي عاصمة الثقافة؟ وهل تبني عمل ثقافي أو استضافة يوم دراسي يمكن أن يجعل شفاعمرو عاصمة للثقافة العربية؟ وهل إقامة فعالية أو أمسية يحول المدينة إلى عاصمة؟ إذا ماذا نقول عن الناصرة

شفاعمرو عاصمة الثقافة العربية: هل يمكن؟ (1-2)../ زياد شليوط

سمعت أكثر من مرة رئيس بلدية شفاعمرو السابق ناهض خازم يردد أن شفاعمرو تحولت إلى عاصمة للثقافة في عهد رئاسته، كما استخدم هذا الشعار في دعايته الانتخابية، فإلى أي مدى كان ذلك القول صائبا ويقارب الحقيقة؟ عندما كنت أسمع تلك التصريحات من رئيس البلدية السابق كنت أستغرب، وأنظر حوالي وأتساءل أين هي عاصمة الثقافة؟ وهل تبني عمل ثقافي أو استضافة يوم دراسي يمكن أن يجعل شفاعمرو عاصمة للثقافة العربية؟ وهل إقامة فعالية أو أمسية يحول المدينة إلى عاصمة؟ إذا ماذا نقول عن الناصرة؟ بل ماذا مع حيفا وهي المدينة المزدوجة وقد شهدت أعمالا ثقافية كبيرة ومنوعة، تؤهلها لأن تكون عاصمة للثقافة العربية مع أنها ليست مدينة "عربية"؟ (سكانيا- عــ48ـرب).

قبل أن نطلق الشعارات علينا أن نفكر ونمحص عن مدلولاتها ومعناها؟ فالعاصمة تعني المركز والبؤرة والعنوان، فهل شكلت شفاعمرو حالة كهذه في السنوات الخمس المنصرمة؟ لا يمكن لأي انسان عاقل أن يدعي ذلك وإلا يعتبر ذلك من باب المبالغة. لا أنكر أن رئيس البلدية السابق حاول العمل واجتهد وشجع، لكن هل كان التنفيذ بحجم النية وجاء بمستوى الرغبة؟ وهل كانت له رؤية واضحة للعمل الثقافي؟ من المؤسف أن الأعمال الثقافية التي نفذت من قبل البلدية لم ترتق إلى مستوى تحويلها لعاصمة ثقافية.

وأقدم في الجزء الأول من مقالي هذا نموذجين على أن أتبعهما بنماذج أخرى في الجزء الثاني.

المركز الثقافي: في النشرة الانتخابية الصادرة في أيلول 2013 عن رئيس البلدية السابق، وتحت عنوان "شفاعمرو عاصمة ثقافية" ورد ما يلي: "خلال السنوات الأربع تحولت دار الثقافة والفنون الى مقر حافل بالنشاطات الثقافية والتربوية المختلفة على مدار السنة". وعلى هذا الكلام تنطبق مقولة "من فمك أدينك"، فالرئيس وأعوانه أو من حرر له تلك النشرة يناقض نفسه، فهو يعتبر "شفاعمرو عاصمة ثقافية" من ناحية! ومن ناحية أخرى يفاخر بأن المركز الثقافي تحول الى "مقر" للنشاطات، فهل وجود مقر كهذا يحول شفاعمرو الى عاصمة ثقافية، أليس هذا استهبالا للمواطنين ولوعيهم الثقافي؟ أن يكون المركز الثقافي مقرا للنشاطات فهذا ليس مدعاة للتفاخر والتبجح، فأقل ما يتوجب على أي مركز ثقافي أن يكون "مقرا" للنشاطات وإلا فما حاجتنا إلى مركز ثقافي؟

وبالنسبة لتحويل اسم المركز الثقافي إلى "دار"، لم نفهم من أقر ذلك التعديل، وكيف تم ذلك دون العودة إلى المجلس البلدي والحصول على موافقته؟ ألا يعتبر ذلك استهتارا بالهيئة الأولى المسؤولة عن البلد واتخاذ القرارات بشأنه؟ وماذا كان الهدف من ذلك؟ وماذا يعني؟ أسئلة كنت قد طرحتها في حينه ولم أتلق إجابات عنها، وهكذا فإن من يتجاهل ال’خرين لا عجب أن يتجاهله الآخرون.

إن المركز الثقافي لم يأت بالجديد، ولم يحدث طفرة في العمل الثقافي، وجل ما قام به يقوم به أي مركز ثقافي عادي، بل مركز ثقافي لحي معين وليس لمدينة كاملة شاملة واسعة. فهل استطاع المركز الثقافي تغطية جميع أحياء المدينة بنشاطاته؟ وهل وصل لمعظم سكان المدينة؟ وهل حوّل شفاعمرو إلى عاصمة ثقافية كما تهيأ لهم؟ إن المركز الثقافي والذي دعي "دار الثقافة" وكأن الدار ستسعف الفشل وتحميه! لم يقدم سوى الدورات والورشات، وعدد من الندوات الثقافية الهزيلة، أما مهرجان الزيت والزيتون فاسمه والترويج له كانا أكبر بكثير من حجمه وفعالياته.

منتدى أدباء شفاعمرو: الذي عمل تحت راية المركز الثقافي تلقى هو الآخر ضربة قاصمة جعلته يخفق فيما كان يؤمل منه، لأن ما ولد بالخطأ سيولد الخطأ. ومن أجل فهم ما أرمي إليه لنعد قليلا إلى الوراء كي نتعلم ونعرف لماذا نتج الاخفاق أيضا في عمل المنتدى.

لقد أسّس منتدى أدباء شفاعمرو لأول مرة من قبل مجموعة من أدباء شفاعمرو في سنوات التسعينيات من القرن العشرين، وعمل بشكل مستقل وتحت اسم المنتدى، رغم الدعم المعنوي الذي حاز عليه آنذاك من إدارة البلدية، وكانت له طموحات لم تتحقق.

في عام 2010 أعلن رئيس البلدية السابق ناهض خازم عن إعادة تفعيل منتدى أدباء شفاعمرو، أثناء توزيعه دروع التكريم على أدباء شفاعمرو. ولم يهتم رئيس البلدية في حينه إلا الإعلان عن إعادة منتدى الأدباء، وأن يكون مقربا منه ويعمل تحت مظلة المركز الثقافي، وهكذا ولد المنتدى هجينا. وبدل أن يشكل المركز الثقافي خيمة ومظلة للمنتدى رأيناه يتحول إلى وصي عليه، فلم تصدر أي دعوة عن المنتدى إلا واسم المركز يتوج الدعوة، ولا بد طبعا من إقحام المركز في كل فعالية للمنتدى! وبات المنتدى بالواقع فعالية من فعاليات المركز الثقافي بدل أن يكون إطارا مستقلا ثقافيا بعيدا عن السياسة المحلية، ولم أفهم كيف يسمح من يعتبر نفسه أديبا أو مثقفا أن يكون تابعا وملحقا بالمركز الثقافي، وهكذا فقد منتدى الأدباء دوره الريادي المفترض به أن يلعبه، ونأى عنه عدد من أدباء شفاعمرو المركزيين، وجاءت فعالياته باهتة ولتخدم بعض المتزعمين له، وليصب في خدمة سياسة رئيس البلدية والترويج له ولمركزه الثقافي شبه المشلول.

إن من يبغي الحديث عن عاصمة ثقافية أحدثها المركز الثقافي، عليه أن يثبت حقيقة مزاعمه وإلا تحول كلامه إلى خدعة، مؤكدا أن المركز الثقافي لم يكن إلا مركز فشل.
 

التعليقات