10/02/2014 - 15:40

المقاطعة واجب كل من له ضمير حي../ بروفيسور بسام دلة*

هل يعقل أن ننتقد سياسة إسرائيل الاستيطانية والممارسات القمعية الاحتلالية ضد شعبنا وبنفس الوقت ندعم اقتصاد هذه المستوطنات ونحتم بقاءها وتطورها

المقاطعة واجب كل من له ضمير حي../ بروفيسور بسام دلة*

حظيت الحملات الداعية لمقاطعة إسرائيل اقتصاديًا وأكاديميًا في الأشهر الأخيرة بزخم غير مسبوق. ويأتي ذلك في أعقاب التعنت الإسرائيلي وتصريحات كبار الوزراء والسياسيين الرافضة للخطوط العريضة المتوقعة للمخطط الذي يعمل على إعداده وزير الخارجة الأمريكي جون كيري. فقد تحولت إمكانية فرض عقوبات اقتصادية ومقاطعة إسرائيل من قضية هامشية تخص الأوساط اليسارية الردكالية، إلى قضية رأي عام تفتتح نشرات الأخبار وتشغل صفحات الصحف المركزية في إسرائيل، وفي الصحافة العالمية المعنية بشؤون الشرق الأوسط.

في هذا السياق عمم مركز أبحاث العولمة في كندا إحصائيات عن انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي في العام المنصرم 2013. وتشير الإحصائيات أن إسرائيل انتهكت حقوق الفلسطينيين في دولة فلسطين المحتلة أكثر من 20,000 مره خلال عام واحد. وتشير القائمة الواردة في هذه المقالة إلى أن عدد القتلى وصل إلى 56 شهيدًا، وعدد المصابين 1385، وعدد المرات التي أضرم المستوطنون فيها النار في ممتلكات الفلسطينيين تعدى 3,000، وعدد المعتقلين بلغ 4,533 معتقلا.

وتشير تقارير أخرى إلى أن الهجمات العنيفة التي ارتكبها المستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية ازدادت بأضعاف خلال هذه الفترة لتصل إلى 983 هجمة عنصرية موثقة.

ويذكر أن هذه الهجمات والمضايقات تتصاعد مع ازدياد عدد المستوطنين والوحدات الاستيطانية، فقد وصلت عدد الوحدات السكنية في المستوطنات، غير الشرعية دوليًا، والتي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية منذ بدء المفاوضات الأخيرة، في آخر شهر تموز/يوليو المنصرم، إلى 6,200 وحدة. هذه المعلومات والإحصائيات لن تفاجئ أي عربي فلسطيني، ولكنها تجسد بالأرقام مدى استفحال الاستيطان ومنهجية الاحتلال وسياسته القمعية ضد شعبنا الفلسطيني.

كما ازداد في الآونة الأخيرة عدد المؤسسات والجمعيات الفاعلة التي تنادي وتعمل لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وخاصة القادمة من المستوطنات ومن الجولان المحتل. ففي الولايات المتحدة دعت جمعيه الأكادميين الأمريكيين، "أ س أ"، لمقاطعة مؤسسات التعليم العالي في إسرائيل، وقد حظيت هذه الخطوة بتغطيه إعلامية كبيرة. كما  اعتذر العالم الفيزيائي الشهير ستييف هوكنج عن حضور عيد ميلاد شمعون بيريس رئيس الدولة لاتخاذه موقفا من الحكومة الإسرائيلية وانتهاكها لحقوق الفلسطينيين. مؤخرًا أرغمت الممثلة الامريكيه الشهيرة سكارليت يوهانسن على الاستقالة من منصبها كسفيرة الجمعية العالمية الخيرية "أوكسفام" لاشتراكها بتسويق "صوداستريم" الإسرائيلية عن طريق دعاية تلفزيونية. أما صناديق التقاعد الدنماركية فقد باعت كل الأسهم التي تملكها للشركات الإسرائيلية.

في أستراليا تقوم الجمعيات الداعمة لفلسطين بحملة منظمة لتشجيع المقاطعة بالتنسيق مع اللجنة الوطنية الفلسطينية، "بي ن سي"، والتي بادرت بالدعوة للمقاطعة قبل أكثر من خمس سنوات. ويتظاهر الأستراليون أعضاء جمعية "أصدقاء فلسطين الأستراليين" في مدينة ادلايد مقابل حانوت لبيع أملاح البحر الميت "سيكريت" للأسبوع الـ173 على التوالي، حيث وزعوا خلالها أكثر من 35,000 منشور يدعوا لمقاطعة البضائع الإسرائيلية.

أما على نطاق المؤسسات التعليمية فقد رفعت مؤسسة إسرائيلية تدعى "شورات هادين"، بمساعدة محام إسرائيلي – استرالي في سدني، دعوى ضد البروفسور جيك لينتش لدعوته إلى مقاطعة المعاهد الإسرائيلية، ورفضه استقبال أكاديمي من الجامعة العبرية في القدس كزائر لجامعة سيدني. هذه المحكمة كان لها أصداء واسعة في أستراليا، وانضم إلى دعم البروفيسور لينتش أكثر من 4,000 إنسان أعلنوا أنهم أيضا يدعون إلى المقاطعة، وعلى المحكمة أن تحاكمهم هم أيضا.

إن المقاطعة بشكل عام كان لها تأثير كبير على جنوب إفريقيا وهزم نظام الأبارتهايد العنصري. والمقاطعة التي تنادي لها الحكومة الإسرائيلية ضد إيران كان لها تأثير على سياسة إيران الخارجية، وأدت لإيجاد حلول سلمية لتجنب المنطقة حرب قد تكون مدمرة لإيران و إسرائيل  على حد سواء.

أما هذه المقاطعة هنا في البلاد فهي معدومة والبعض حتى يحاربها رغم أنها سلمية، وتعتبر جزءا من حريه التعبير.

علينا جميعا أن نعتبر من الملايين في العالم الذين أخذوا زمام الأمور، أحيانا بعكس سياسة حكومتهم كما في أستراليا و في كندا، ودعموا المقاطعة. فنحن نستطيع الاستغناء عن المنتجات التي تصنع في المستوطنات، وأن لا نشتري النبيذ من حقول الجولان المحتل، وأن لا نرسل أولادنا إلى جامعة مستوطنة "أريئيل" ( المقاطعة من جميع المعاهد في العالم) للدراسة.

هل يعقل أن ننتقد سياسة إسرائيل الاستيطانية والممارسات القمعية الاحتلالية ضد شعبنا وبنفس الوقت ندعم اقتصاد هذه المستوطنات ونحتم بقاءها وتطورها.

حان الوقت لأن نفعل بما نؤمن، ونقاطع المستوطنين، منتجاتهم وخدماتهم.
 

 

التعليقات