20/03/2014 - 16:30

ردا على مقال هدى عبد الناصر../ عطا الله أبو السبح*

اسمحي لي أن أبدي لك استعدادي الكامل بالسماح للجنة تحقيق من كبار رجال القانون (العرب) وبإشراف كامل من الجامعة العربية فيما ينسب إلينا

ردا على مقال هدى عبد الناصر../ عطا الله أبو السبح*

الأستاذة الدكتورة/ هدى جمال عبد الناصر
كل التحية والاحترام ،،،

الأستاذة الفاضلة... قرأتُ رسالتك باهتمام بالغ، واسمحي لي أن أعبِّر عن عظيم امتناني وشكري لك ولأسرتك ولروح والدك العظيم أحد عمالقة تاريخ الدنيا المعاصر، والذي سيظل رمزًا من رموز أمتنا التي تحدت الاستعمار والإمبريالية وحمل همَّنا منذ نعومة أظفاره، وقد كان لعقله الثائر في شبابه الأول ما جعلنا نؤمن بأن زعيمًا اسمه جمال عبد الناصر سيقود أمتنا إلى تحرير الإنسان العربي بل كل المضطهدين والمستعبدين في العالم أجمع، وذلك من خلال روايته ( في سبيل الحرية) تلك التي عكست إصرارًا وإيمانًا باندحار الظلم وانتصار الحق.

الأستاذة الكريمة: كم كانت ثورة 23 يوليو التي فجرها جمال بمبادئها الستة وخاصة بناء الجيش القوي الذي نظرنا إليه على أنه لا محالة سيحرر فلسطين ... وكان من أولى ثمراته أن أرسل عبد الناصر قادة عظامًا لإعداد أبناء شعبنا لتحرير بلاده، من أولئك الذين اكتووا بنيران الصهاينة، وحوصروا مع جمال في الفالوجا كما اكتووا بنيران القصر وعمالته، وحيدر باشا واستهتاره والأسلحة الفاسدة  التي زود بها جيش مصر العظيم سنة 1948 ولمع اسم جمال من بين المحاصرين، كما لمع اسم البيك طه (الضبع الأسود) الذي أذاق العصابات الصهيونية كؤوس المنون، ولا ننسى المقاتل الشهيد الباسل أحمد عبد العزيز، الذي استشهد في صور باهر على حدود قدس الأقداس، وقد كان قائدا لفرق الفدائيين المصريين، الذين أبلوا بلاءً حسنا في سبيل تحرير مقدسات الأمة، ولا ننسى الجرح الغائر في جبينك يا جمال، ليلمع عقل عبد الناصر (فكرًا) مرة أخرى من خلال كتابه الرائع (فلسفة الثورة).

الأستاذة الكريمة... لا ننسى قادة عظامًا من جيش مصر الذين تربينا عليهم؛ أمثال مصطفى حافظ، ويحيى الحرية إمام، محمود خليفة، سمير قطب، محمد يوسف العجرودي...أولئك الذين كانت تهتز لهم الأرض وهم يحرضون شعبنا على المضي في طريق التحرير...لا ننسى أبدًا أن عبد الناصر هو الذي عاملنا كالمصريين في مجانية التعليم وفتح لنا أبواب الجامعات، وأبواب المستشفيات... لا ننسى أن عبد الناصر هو الذي خاض ثلاثة حروب من أجل فلسطين 1948- 1956- 1967 وكان همه الأكبر أن يحرر أرضنا وإنساننا، وكم ساطته ألسنة المتساوقين في المشروع الصهيوني، لتحديه قوى العدوان، لا ننسى رسالته لجون كينيدي وعبارته الخالدة (لقد أعطى من لا يملك وعدًا لمن لا يستحق) مشيرًا إلى وعد بلفور المشؤوم، وعبارته الخالدة (ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة)... ولا ننسى مواقفه الشجاعة التي أوقف بها شلال الدم الفلسطيني في أيلول الأسود سنة 1970 ، يوم أن جرى السيف العربي في نحورنا في عمان ... مضى على إثرها أبو خالد إلى ربه ، بعد أن اطمأن إلى وقف النزيف يوم 28/9/1970 ...

كما أرجو ألا تنسوا أن شعبنا قد رفض مشروع التوطين في سيناء، وعندما ذهب عبد الناصر كان في كل بيت في فلسطين مأتم، وعلى الطريقة الفلسطينية شقت أمهاتنا جيوب أثوابهن... لأن الزعيم قد ذهب... ولا نزال نذكر لعبد الناصر مؤامرات الصهاينة ضده (بن غوريون– موشيه شاريت–لافون– ديان) ولا نزال نذكر وقفة عبد الناصر في الأمم المتحدة سنة 1960 وقد تركز خطابه على إجرام إسرائيل بحقنا... ولا نزال نذكر دعوة عبد الناصر لأول مؤتمر قمة عربي (13-14) يناير سنة 1964م من أجل فلسطين.

الأستاذة الفاضلة... لا نزال نذكر أولئك الجنود العظام الذين علمونا فيالمرحلة الثانوية؛ محمود نعيم الشنتوري، عبد الرؤوف عطية، ثم فوزي عبد المتجلي الذي فجر الصهاينة رأسه برصاصهم الغادر صبيحة 5 يونيه1967 عند أول دخولهم غزة عند الساعة 10:15 من صبيحة ذلك اليوم الأسود من تاريخنا.

لا نزال نذكر حرب الاستنزاف وحائط صواريخ سام 7،5 الذي بناه عبد الناصر، وكنا على يقين أن ذلك كان من أجل فلسطين.

الأستاذة الكريمة... إن تاريخ عبد الناصر يجعلنا نقف (انتباه) أمام ذكراه، ومن ورائه هذا الشعب الكريم المعطاء الذي وقف معنا حتى في أشد ساعات تاريخنا حلكة، وأقسم بالله أننا نكن كل الود والاحترام لهذا الجيش الباسل، الذي دفع أكثر من 30 ألفًا من جنوده فداءً لفلسطين... ومن هنا أقول وبكل مسؤولية تاريخية: إننا لسنا كما تظنين فينا.. أبدًا، وأقول: لست مسؤولًا عن كلامي أمامك ولا أمام أحد من البشر، بل أمام الله الذي لا تخفى عليه خافية... نحن نتمزق مرات ومرات ونحن نسمع ما يلصق بنا صباح مساء... وللأسف الشديد فإننا أصبحنا على يقين بأن أمرًا يدبر لنا... نحن لسنا منظمة إرهابية ، بل حركة مقاومة، وعلى رأي عبد الناصر: نسالم من يسالمنا إلا الصهاينة، ونحارب من يحاربنا ونعني الصهاينة.

غايتنا أن نسترد حقنا في بلادنا... ولا نتدخل بحال فيما يجري على أي أرض عربية، استبشرنا بالربيع العربي، ولم نتدخل، ثم امتلأنا حزنًا على ما يجري على الأرض العربية في سوريا وليبيا ومصر... وأيضًا لم نتدخل ... وأنا مسؤول عن ذلك أمام الله.

وقع في أيدينا عملاء للصهاينة، كانت أكبر مهماتهم إفساد العلاقة فيما بيننا وبين مصر العزيزة... وصلت إلى حد تهريب سلاح مختوم بشعار القسام (المزيف) ووضعه في أماكن في أرض سيناء، حتى إذا ما وقعت في أيدي الأمن المصري، تصبح دليلًا على تورط حماس في الشأن المصري، وفي قتل أبناء مصر... وهذا افتراء وظلم نحن أبرياء منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب، فلم ولن تتوجه حرابنا إلا إلى صدور الصهاينة...

الأستاذة العزيزة: لسنا أغبياء في مواقفنا السياسية... نحن ندفع ثمن فاتورة اسمها (لن نعترف بإسرائيل) ومن هنا قامت قوى الاستكبار بتجييش كل خبثها ودهائها ضدنا؛ فمكرت ودبرت وتآمرت...

تعلمين وأنت أستاذة كبيرة؛ أن القوة الخشنة لم تجد معنا نفعًا، فقد شن الصهاينة علينا حربين مهلكتين سنة 2008، وسنة 2012 قتلت الآلاف، ودمرت وجرفت ولكنها عادت خائبة، والآن جاء دور القوة الناعمة؛ من حصار وعزل وتشويه وإدانتنا بالإرهاب، لتسقط ورقتنا عن شجرة الحرية التي غرسها الأحرار عبر التاريخ، ومنهم الراحل جمال بعد أن تصاب بالذبول والاصفرار.

إن مساحة قطاع غزة ... كل قطاع غزة لا تساوي 1/10 من مساحة القاهرة، كما أن عدد سكانه أقل من 1/10 من عدد سكان القاهرة... كيف ...كيف؟ وهل يُقدم مجنون - فضلًا عن عاقل- على ما تتهميننا به؟ لا والله، هذا إن وزنت الأمور بميزان القوة والضعف، لكننا نزن الأمور بميزان وحدة الهدف والمصير، وبميزان آخر هو وحدة الدم والأخوة... تلك الركائز التي تجمعنا وتجعلنا ( نصون ولا نبدد) على رأي أبي خالد رحمه الله.

لا أقول ذلك تزلفًا ولا نفاقًا، والله عليم بما في الصدور، ولكنها الحقيقة التي سنحاسب عليها أمام من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

أستاذتنا العزيزة... كنت قد قرأت ما كتب السادات عن عبد الناصر وثورة يوليو وهو يسرد وقائعها، ونشره سنة 1954، وكتابه الآخر (يا ولدي هذا عمك جمال) سنة 1957... فشكل وجداننا ... نعم، نحن إخوان مسلمون، ونعم إننا حركة حماس، لكن لنا خصوصيتنا، ونعرف حدودنا، ونعرف أهدافنا ومنطلقاتنا، نعرف عقيدة الجيش المصري تجاه فلسطين .. لقد استمعت بقلبي للواء مصطفى البحيري وهو يتحدث عن زميله الذي احترق مع دبابته في حرب العبور  سنة 1973م... وكنت أقول: هو ذا الجندي الذي علمه جمال في كلية أركان الحرب..

سيدتي العزيزة... لك أن تصدقي أو لا تصدقي، فهذا شأنك. ولكننا نحن وأنتم سنلقى الله غدًا فحاولي ( عذرًا )  أن تدققي كعهدنا بك؛ باحثة .. فاحصة .. مستبصرة .. تزن الأمور بميزان الذهب ، بميزان العقل والدليل والبرهان...

نحن لسنا كذلك أبدًا .. وأؤكد أننا فلسطينيون حتى النخاع .. وهذه جريمة في نظر الصهاينة نستحق عليها الإبادة، وخاصة أننا لم نتساوق مع أوسلو ولا مع المفرطين الذين اعترفوا بإسرائيل دولة، وبجرة قلم شطبوا 78% من بلادنا، وتنازلوا عنها لإسرائيل، وهي المساحة التي اغتصبها الصهاينة  سنة 1948م ، وها هم يتنازلون عما احتلت إسرائيل بعد 5/6/1967م من أرضنا، وبنت عليها مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس، ولعلك قد استمعت إلى أقوالهم يوم أمس؛ أن القدس ليست لشعبين وإنما لشعب واحد، هو الشعب اليهودي، ولعلكِ تتابعين مسيرة المفاوضات التي مضى من عمرها النكد 22 سنة أي منذ سنة 1992م (مدريد)وإلى اليوم، وما زادتنا إلا رهقًا وخسارة، ولعلك تتابعين مطلبهم الاستراتيجي بالإقرار بيهودية الدولة، ليطردوا مليونًا ونصف المليون فلسطيني، هم الذين بقوا في أرضنا ولم يتركوها سنة 1948م.

أستاذتنا العزيزة... اسمحي لي أن أبدي لك استعدادي الكامل بالسماح للجنة تحقيق من كبار رجال القانون (العرب) وبإشراف كامل من الجامعة العربية فيما ينسب إلينا.. وعندئذ ستنجلي الحقيقة، ونحن واثقون من براءتنا.

سيدتي العزيزة... إننا نقدر للشعب المصري العظيم رفضه الأبي للتطبيع مع هذا الكيان المجرم – راجيًا - أن تتابعي التلاسن بين محمد دحلان وأبطال المشروع الصهيوني (التنسيق الأمني) لتري – مشكورة – أننا نقف على حد السيف الذي نراه في يد صهيوني غدار، وعلى رأس خنجرٍ في يد خائن!

وفي الختام أقول:
رحم الله شهداء مصر العظيمة على مدى التاريخ، ورحم الله أبا خالد وغفر له، ورحم الله قادتنا العظام؛ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي وصحبهم.
راجيًا أن يطيل الله في عمرك حتى تري بأم عينك صدق ما أقول، ونفوض أمرنا إلى الله، إن الله بصير بالعباد.
وأخيرًا: أرجو أن تقبلي دعوة الشعب الفلسطيني لزيارة غزة، التي ستشرف بمقدمك لها، ولسيادتك الرأي في الختام... ودمت بعز.

"الرأي"
 

التعليقات