18/04/2014 - 14:39

أسئلة مشروعة على أعتاب المؤتمر العام السابع لحركة فتح../ يونس العموري

وهل فتح اليوم هي بأيد أمينة أم تتنازعها الكثير من الاصطفافات التي لا علاقة لها بالحركة ومنطلقاتها ومسارها التحرري الثوري المعتمد على منطق وقانون الثورة؟

أسئلة مشروعة على أعتاب المؤتمر العام السابع لحركة فتح../ يونس العموري

في ظل السجال الدائر الآن حول الواقع الفلسطيني والسبل الممكنة للخروج من عنق الزجاجة، وانسداد الأفق السياسي وفي ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، وفي ظل تراجع اولويات المسألة الفلسطينية من أجندات الاهتمامات العربية والأممية، وفي ظل خربشة معادلة المنطقة واختلاط قوانينها، وفي ظل حالة الشلل وعدم المقدرة على خلق أطروحة سياسية إبداعية تستطيع إنهاء حالة الانقسام الحاد بالساحة الفلسطينية، وعدم القدرة على اختراق الفعل الإبداعي الذي من شأنه قلب طاولة قوانين الفعل التسووي وعبثية المسار السياسي الذي أفلس.. في ظل كل هذا تتجه الأنظار إلى الساحة الفتحاوية، وما يدور فيها من سجال داخلي، عشية انعقاد مؤتمرها العام السابع.

ولا نجافي الحقيقة إذا ما قلنا إن المؤتمر العام السابع لحركة فتح من الممكن أن يشكل الرافعة الفعلية للواقع الفلسطيني، إذا ما جاءت نتائجه وفقا لطموحات الكادر الفتحاوي، وللحركة الوطنية عموما حيث أن الكل ينتظر وبقلق انعقاد هذا المؤتمر حيث أن محطة المؤتمر العام ستضع الحركة أمام مفترق طرق ليس بالسهل أو اليسير، بل إن نتائج المؤتمر وما سينبثق عنه سيغير الكثير من المعالم التي تشهدها فتح بالظرف الراهن، وبصرف النظر عن هكذا نتائج. بمعنى أن فتح ما بعد مؤتمرها العام ستختلف حتما عن فتح ما قبل مؤتمرها العام، وستشهد الكثير من الانقلابات على الأقل في الصف القيادي التنفيذي الأول لها، وبالتالي ستتغير هنا الكثير من منطلقات ومفاهيم الفعل الفتحاوي على ضوء التغيرات في الشخوص القيادية التي ستأتي إلى قمة الهرم الفتحاوي بما تمثل، وإن كان ثمة صياغة جديدة للبرامج والرؤى السياسية لفتح ستتم نقاشها في أروقة المؤتمر العام، إلا أن التغيير الأساسي والفعلي سيكون في الإطار القيادي وشخوصه، وهو ما سيحمل معه التغير الفعلي سلبا كان أم ايجابا.

وعلى هذا الأساس نجد أن ثمة ترقبا وتعليقا للأمال على الحالة الفتحاوية المستجدة وتداعياتها على الشأن الفلسطيني عموما وعلى مسار وقائع القضية الفلسطينية بشكل أو بآخر. والسؤال الذي يفرض نفسه ما هي حقيقة وطبيعة فتح بالظرف الراهن؟ وهل فتح أمام استحقاقات التغيير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ وهل بالإمكان فعلا تحقيق هكذا تغييرات في ظل وقائع فتح الراهنة؟

وهل فتح اليوم هي بأيد أمينة أم تتنازعها الكثير من الاصطفافات التي لا علاقة لها بالحركة ومنطلقاتها ومسارها التحرري الثوري المعتمد على منطق وقانون الثورة؟

هل حقا تم اختطاف هذه الحركة التاريخية المناضلة التي قدمت آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى والأسرى والمعتقلين على مدار أربعة عقود ونيف على يد من انقلب بالفعل على منطلقات ومفاهيم فتح؟ وباتت الطفيليات تعبث بها من خلال محاولة سرقتها وامتطاء صهوتها؟ والذي تبلور في إطار تيار بات يعبر عن ذاته وعن نفسه من خلال التناقض والكثير وأساسيات الفكرة الفتحاوية ورؤيتها. هذا التيار الذي لا يملك حتى اللحظة أطروحة سياسية متوافقة وجوهر حركة فتح والذي استطاع إفراغها من مضامينها ومن محتوياتها، بل إنه قد تآمر عليها من الداخل، واستغل "فتح" للحصول على المكاسب والغنائم، مما أدى إلى ضياع الحركة (التي أصبحت غابة ينهش فيها الجميع بعضه البعض) بين أنياب المنتفعين والمتسلقين، حتى أضحت "فتح" مشروعا استثماريا لدى البعض ..

مما لا شك فيه أن حركة فتح في الظرف الراهن وهي تستعد لمؤتمرها السابع والذي أعتقد أنه تاريخي ومفصلي بتاريخها بل وبتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية عموما لها ما لها وعليها ما عليها... فقد استطاعت فتح الثبات بوجه الضغوط السياسة وبمدارسها ومناهجها المختلفة للتأثير على قمة الهرم فيها لإنجاز تسوية سياسية للصراع العربي الإسرائيلي بأبخس الأثمان الممكنة، وبالتالي استطاعت فتح ومن خلال قائدها التاريخي ياسر عرفات أن تقول لا، بل إنه قد قال لا بوجه من قالوا نعم عربا وعجما وفلسطينيين، وتصدى لكل المحاولات التي هدفت لتصفية القضية الفلسطينية من خلال الفتات السياسي المقدم آنذاك.

ومما لا شك فيه أن مسارات التسوية السياسية التي سارت فيه، ومن خلالها حركة فتح، قد دفعت بالكثيرين ممن لم يكن لهم تاريخ نضالي عسكري أو سياسي إلى القفز على السطح للانقضاض على كعكة "فتح"، وتبوؤوا لأنفسهم أمكنة ما كانوا ليحلموا بها يوما ...

إن الاستحقاق التي تقف على أعتابه حركة فتح اليوم، وكما أسلفنا، تاريخي ومفصلي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وقد تواجه إمكانية أن تتلاشى حركة فتح، وتذوب في بحر تناقضاتها، وتصبح مجرد حركة هلامية بلا شكل ولا تعبر إلا عن حفنة من الشخوص الذين امتهنوا وما زالوا يمتهنون ابتزاز فتح عن طريق الفهلوة ولعبة المصالح والتجيييش للعصبيات الشللية، من خلال فعل الإستزلام وربط الكثير من الكوادر بلعبة التوزانات من خلال الاستقطابات لصالح زعماء القبائل الفتحاوية المتصارعين على هرمها القيادي ....

وحتى لا تضيع هوية فتح النضالية فلا بد من إعادة الاعتبار إلى المؤسسات الفتحاوية من خلال إعادة بنائها وفقا للمعايير الحركية المنسجمة والمفاهيم الأساسية للفهم النضالي ولدور فتح التاريخي، وهذا يتطلب أولا تعرية كل المتآمرين على فتح من داخلها، وتطهيرها من الطحالب التي علقت بمسيرتها، ونبذ التائهين والضائعين بين العجز والانحراف، الذين باتوا يحللون ويفلسفون التيه بل ويضعون له القواعد والمرتكزات من خلال مصالحهم الذاتية التي ترتبط وتتقاطع بالضرورة بمصلحة الطرف الآخر من معادلة الصراع الأساسية التي ترسم خارطة المنطقة إجمالا، وهو ما بات وللأسف أن فتح في موقع غير موقعها بهكذا معادلة... إذ صار يُنظر اليها وكأنها الحركة الليبرالية وعرابة ما يسمى بالتيار الاعتدالي على الساحة العربية...

من هنا لابد من أن يواجه الكادر الفتحاوي ذاته الآن وقبل أي وقت مضى ليأخذ مكانه الطبيعي والريادي في معركة إعادة بناء وصياغة فتح من جديد، وإعادتها إلى جذورها. والأهم المحافظة على أدبياتها التي أرى أنها باتت مهددة ومعرضة للتزوير والتغيير بمعالمها وتشويه تلك الأدبيات والتأثير بالرؤية الإستراتيجية التي اعتمدت عليها فتح .... السؤال الكبير هل سيتخذ المؤتمر العام قرارات من شأنها تشويه تلك الأدبيات بما يتوافق والمطلوب أمريكيا وحتى إقليميا باللحظة الراهنة الفارقة؟
 

التعليقات