07/05/2014 - 11:34

السؤال الأهم بين نشاطات العودة: كيف نمنع نكبة ثانية؟../ ممدوح كامل إغبارية

من أجل إصلاح لجنة المتابعة على التيارات السياسية المختلفة التوافق حول إعادة بناء لجنة المتابعة، والعمل على إجراء انتخابات مباشرة وتوليد إرادة حزبية حقيقية عند الجميع بتطوير لجنة المتابعة، وربطها بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، إلى جانب العمل على تحسين أدائها وتعزيز تأثيرها ودورها في قيادة المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل

السؤال الأهم بين نشاطات العودة: كيف نمنع نكبة ثانية؟../ ممدوح كامل إغبارية

يحيي الفلسطينيون هذه الأيام في الوطن والشتات ذكرى النكبة الفلسطينية التي تشكل سقفًا سياسيًا جامعًا لطموح كل الفلسطينيين بوحدة المصير والتحرر والعودة. نحيي ذكرى النكبة مؤكدين أن الاعتراف بها وبإسقاطاتها على المجتمع الفلسطيني عموما شرط أساسي ومقدمة عادلة لأي تسوية مستقبلية بين دولة الاحتلال والعرب الفلسطينيين. نحيي ذكرى النكبة، الذكرى الأكثر إيلاماً بالنسبة للفلسطينيين، عندما قتلوا وطردوا من بيوتهم، وهجروا من وطنهم، واحتلت بلادهم، في العام 1948.

شارك الآلاف في مسيرة العودة السنوية في قرية لوبية، وتكلل النشاط بالنجاح نسبيا على مستوى الحشد الجماهيري. وقد يسأل المهتمون بمستقبل الجماهير العربية بعفوية وصدق عن جهوزية المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل لمنع نكبة ثانية إذا قررت إسرائيل فعلها. نسأل عن جهوزية المجتمع العربي وقدراته التكاملية بين القيادات السياسية والجماهير على منع نكبة ثانية في ظل حكومات إسرائيل المتعاقبة والتي ما زالت تلوح بنكبة ثانية للعرب. وقد كان مؤخرًا مطروحا على طاولة الحكومة نكبة 200 ألف عربي يسكنون في النقب، حيث نوت الدولة تهجير قرابة 46 قرية عربية غير معترف بها، ومصادرة 860 ألف دونم من الأراضي العربية وإن أجلت ذالك مرحليًا.

كما أن تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخير أنه سيبادر إلى سن قانون أساس جديد في الكنيست يعرف إسرائيل بأنها "دولة الشعب اليهودي" يبشر بأننا نواجه صهيونية جديدة غير مقنعة بغطاء "ديمقراطي" و"ليبرالي". عوامل كثيرة مثل انتصار اليمين في انتخابات الكنيست واقتراح تبادل الأراضي بين السلطة واسرائيل ومخططات عديدة لست في صدد ذكرها جميعا تؤكد أن قابلية إسرائيل لتنفيذ نكبة ثانية بالفلسطينيين عالية وفعليه.

للأسف هناك مؤشرات علينا علاجها كي نستطيع التأسيس لمشروع وقائي يحمي الفلسطينيين من نكبة ثانية، أهمها عاملان اثنان هما إصلاح لجنة المتابعة وتنظيم المجتمع جماهيريا.

يعتبر تنظيم المجتمع في هرم سياسي قيادي يكون في قمته لجنة المتابعة المهمة الأساسية للقيادة السياسية للفلسطينيين في إسرائيل، وفقط عندما تنتظم هذه الأقلية بشكل سياسي يمكننا الشعور بالاطمئنان ولو قليلا على مستقبلنا. فمن هناك يبدأ المسير والخطوة الأولى نحو حق تقرير المصير، والتقدم لوضع أقلية تعيش تحت الاحتلال لها مؤسساتها الوطنية التي تدافع عنها وتحميها من مخاطر نكبة ثانية.

من أجل إصلاح لجنة المتابعة على التيارات السياسية المختلفة التوافق حول إعادة بناء لجنة المتابعة، والعمل على إجراء انتخابات مباشرة وتوليد إرادة حزبية حقيقية عند الجميع بتطوير لجنة المتابعة، وربطها بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، إلى جانب العمل على تحسين أدائها وتعزيز تأثيرها ودورها في قيادة المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل. تطويرها مع الأخذ بعين الاعتبار أن الواقع الإسرائيلي لا يسمح بالانفصال، ولكنه لا يسمح بالاندماج أيضا مع التغلُب على الإرادات الضيقة الداخلية التي ترفض فكرة الانتخابات المباشرة، وأقصد هنا موقف الحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة.

للأسف وضع الهيئة القيادية العليا لعرب الداخل، مثل الرجل المريض حاليا، غياب التنسيق الحقيقي بين الأحزاب، وغياب لبرنامج مستقبلي وطني سياسي جماعي واضح للجماهير العربية، أنتج حالة من العطب في المبادرة والإدارة والتنسيق القيادي. إن التمزق الذي يعصف بلجنة المتابعة يستطيع رؤيته كل متابع للجنة، ولا أنسى الإشادة طبعا بدورها المعنوي التنسيقي الذي لعبته إلى اليوم. يبقى القول إن لجنة المتابعة مطالبة بإحداث التحول خاصتها، أي نفض التكلس عنها، وتجديد شبابها، وإضفاء الحيوية والديمقراطية والتداول في صفوفها، واستعادة أهليتها النضالية، وتعزيز المشاركة الشعبية في صوغ القرارات المصيرية، واستعادة الوحدة الوطنية الحقيقية في داخلها، لتخطو على الطريق الصحيح نحو إعادة هيكلتها وانتخابها.

أما العامل الثاني لإنجاح أي خطة وقائية من نكبة ثانية مقابل دولة الاحتلال والأغلبية اليهودية، فهو القدرة على إحداث التغييرات الجذرية في بنية المجتمع العربي الداخلية وتنظيم قواعده الشعبية ومؤسساته الجماهيرية والأهلية. الطريق إلى ذلك يبدأ عبر تشكيل نماذج طلائعية لتنظيم الناس حول قضايا مدنية وإنسانية وحياتية وقومية. يهدف تنظيم المجتمع داخليا إلى تغيير مجموعة من القيم مثل مكانة المرأة والثقافة والحكم المحلي ودمقرطة المجتمع وتعزيز قيم أخرى مثل التكافل الاجتماعي والتضامن العربي-العربي والوحدة الوطنية.

"كله على راسك يا إسرائيل"، دأبت جارتنا العجوز على القول في كل معضلة تواجهها ساخرة من العقلية العربية. وما أقوله هو أنه بالإضافة إلى دولة الأبرتهايد المسؤولة عن تردي أوضاعنا هنالك عوامل وأسباب داخلية في المجتمع الفلسطيني تعمل على إفشال التغيير والوصول إلى الإنجازات، وعلى الفلسطينيين في دولة الاحتلال الكف عن الادعاء بأن المؤسسة وحدها هي التي تفشل التغييرات، وعليهم النظر إلى داخلهم بشجاعة، لكي يستطيعوا معالجة العوامل التي تعيق تقدم مجتمعهم حتى يستطيعوا يوما منع نكبة ثانية بكفاءاتهم وقدراتهم الذاتية.

التعليقات