13/09/2014 - 16:39

الشراكة الوطنية هي الأساس../ مصطفى إبراهيم

من حق حركة حماس أن تكون شريكا أساسيا في النظام السياسي الفلسطيني، وأن يكون قرار الحرب والسلم واحدا وليس نابعا من رؤى ومحددات حزبية بل وفق خطة إستراتيجية وطنية، ومواجهة سياسات الاحتلال العدوانية وتهربه من الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، وسد الذرائع أمام العقبات الداخلية والإقليمية والدولية ومواجهة الاحتلال موحدين

الشراكة الوطنية هي الأساس../ مصطفى إبراهيم

تزامنت تصريحات عضو المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور موسى أبو مرزوق حول إمكانية قيام الحركة بالتفاوض مع اسرائيل الذي قال فيها "من الناحية الشرعية لا غبار على مفاوضة الاحتلال، كما تفاوضه بالسلاح تفاوضه بالكلام"، (إسرائيل لم ترد على تلك التصريحات)، مع مواصلة إسرائيل جهودها في تصوير حماس على أنها مماثلة لداعش، وتصعّب على الرئيس محمود عباس، الدفع بالعملية السياسية ومواصلة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو التذرع بتنظيم "الدولة الإسلامية"- داعش لمواصلة الهروب من حل الصراع "الإسرائيلي  الفلسطيني"، كما ذكرت صحيفة هآرتس.

تصريحات أبو مرزوق أثارت موجة من الردود والاتهامات القديمة الجديدة من حركة فتح والرئيس عباس الذي يردد تلك الاتهامات لحركة حماس في كل مناسبة، وازدادت بعد انتهاء العدوان. وقال فيها: "إن حماس منذ اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في العام 2006، وهم يتصلون بالإسرائيليين والأميركان والأوروبيين وغيرهم، ويقومون بفعل ذلك من وراء ظهورنا، حتى ونحن في مفاوضات القاهرة، نحن مجرد طربوش خيال، يقولون لبقية الوفد نحن الموجودون في الميدان، نحن الذين نقاتل. هذا يعني أن السلطة لا تشارك في قرار الحرب ولا قرار السلام".

كل هذا يعمق الانقسام المستمر منذ العام 2007، والذي كان قائما على السيطرة على الجغرافية والاختلاف في الرؤى السياسية، وما نسمعه و نشهده الآن هو الانتقال إلى معركة السيطرة والهيمنة على القرار ومن يمتلك قرار السلم والحرب.

تصريحات أبو مرزوق ليست الأولى من نوعها، فقد سبق أن قال خالد مشعل أثناء زيارته لغزة في نهاية العام 2012، إنهم تلقوا اتصالات من مسؤولين غربيين بشأن التفاوض مع إسرائيل، وكذلك ما نشر في محاضر الدوحة، وأكد صحتها الرئيس عباس وأبو مرزوق أيضا، وما نشر على لسان خالد مشعل وأن برنامج حماس أصبح هو برنامج الدولة الفلسطينية لعام 1967، وأنهم متفقون وموافقون على وثيقة عام 2006، وما ينقصها هو وضع آليات تحقيقها.

فالتدقيق في كل ذلك يشير إلى أن الاختلاف في الرؤى السياسية والمواقف بين حركتي حماس وفتح محدود، ومعركة التصريحات الأخيرة للرئيس عباس وما ذكره مشعل في محددات الشراكة، هذا هو تعبير عن تغيير في موقف حماس بعد العدوان الأخير على القطاع والتي حددها مشعل بمبدأ الحضور الكامل في الفترة أو المرحلة المقبلة.

وتتلخص محددات مشعل الذي قالها: إن "أي تحرك يجب أن يكون محدد المعالم، واطلاعنا على تفاصيله وطبيعته، وعلى كل جديد لنحدد موقفنا منه، وحماس لن تكون جزءاً من المشكلة بل جزءا من الحل، نحن ملتزمون بكل ما وقعنا عليه من ملفات المصالحة وحكومة الوفاق والبرنامج والأجندة الزمنية، ملتزمون بها ولكن نطبقها بكل ملفاتها وعلى أساس الشراكة، وهنا نريد الاتفاق على الآلية".

فمثلاً بالنسبة لغزة يجب أن تكون هناك لجنة مشتركة تقوم بمتابعة قضية المعابر، وكذلك لجنة للسياسات الأمنية ليس داخل غزة فقط، بل في الضفة أيضاً، وحل كل العقد والإشكاليات، الموظفين والاستلام والتسليم والتداخل وغيره، نجلس ونتفاهم، ثم تأتي الحكومة والأخ رامي الحمد الله، وتقوم بدورها في غزة، ويجب تنفيذ كل استحقاقات المصالحة والانتخابات ومنظمة التحرير الفلسطينية ودعوة المجلس التشريعي بعد أشهر. متفقون على دولة في حدود 67، ولكن توجد قيادة فلسطينية ونحن لسنا فيها، ما دام دخلنا المصالحة بدنا نطبقها بحذافيرها، الشعارات يجب أن تترجم إلى آليات عمل، عندما ندخل مع بعض بدنا شراكة، بحاجة أن ندخل معكم في التفاصيل.

إذا تتضح معالم المعركة والاتفاق أيضاً أكبر، وأن إمكانية الشراكة قائمة والفجوة في المواقف من الناحية الإستراتيجية والسياسية أصبحت محدودة وواضحة، وإذا كان الطرفان متفقين على القضايا الخلافية، لماذا لا تتحقق الشراكة مع الكل الفلسطيني، وأن يتم البدء بحوار لاستكمال ما تم الاتفاق عليه سابقاً؟

هناك اتفاق على الشراكة، وتشخيص للأزمة القائمة بين الطرفين، لماذا إذا هذه التصريحات من قبل أبو مرزوق والتوجه لتجربة جديدة من مفاوضات مجربة وفاشلة، ولم تقدم للفلسطينيين سوى سرقة الأراضي وضياع الحقوق؟ أعتقد أنه لا يعبر عن رأيه الشخصي، إنما هناك حراك ومراجعات في حركة حماس، وربما هي تصريحات للضغط على الرئيس عباس الرئيس، وهي معركة السيطرة على القرار، وأن حماس التي صمدت في العدوان، واكتسبت شعبية كبيرة ترى أن لها الحق في ليس فقط الشراكة في كل ما يتعلق بالنظام السياسي الفلسطيني، إنما في الهيمنة على القرار الفلسطيني. وهذا يدفعنا للقول إن الأساس في العلاقات الوطنية هي الشراكة، وضرورة المطالبة بتجسيد شراكة حقيقية والاتفاق على إستراتيجية وطنية من خلال إعادة بناء وهيكلة منظمة التحرير التي همشها الرئيس عباس ويستخدمها حسب رؤيته السياسية.

من حق حركة حماس أن تكون شريكا أساسيا في النظام السياسي الفلسطيني، وأن يكون قرار الحرب والسلم واحدا وليس نابعا من رؤى ومحددات حزبية بل وفق خطة إستراتيجية وطنية، ومواجهة سياسات الاحتلال العدوانية وتهربه من الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، وسد الذرائع أمام العقبات الداخلية والإقليمية والدولية ومواجهة الاحتلال موحدين.
 

التعليقات