27/03/2015 - 21:32

كي لا تنشب حرب النجوم في "المشتركة" /وديع عواودة

بعد أيام تنطلق القائمة المشتركة في عملها البرلماني، لكن تحديات داخلية حساسة تنتظرها وعليها بمعالجتها وترتيب أوراق بيتها الداخلي قبل التحرك على الجبهة الخارجية.

 كي لا تنشب حرب النجوم في

بعد أيام تنطلق القائمة المشتركة في عملها البرلماني، لكن تحديات داخلية حساسة تنتظرها وعليها بمعالجتها وترتيب أوراق بيتها الداخلي قبل التحرك على الجبهة الخارجية.

الحكم العجول: بعد فوز اليمين فوزا واضحا يخشى أن يساء الحكم على "المشتركة"، فهي ما زالت مولودا غضا جدا وبعض نوابها المنتخبين جدد وينبغي منحهم  فرصتهم لبلورة رؤيتهم ومحاولة العمل بها. من حق "المشتركة" على المجتمع العربي  التمهل كي يتاح لها التبلور وتحقيق ذاتها. إذا كان القصد إسقاط حكم نتانياهو  ربما ينطبق على فوز المشتركة بـ 13  مقعدا القول "نجحت العملية والمريض مات" لكننا بعيدون عن ذلك. لم يكن هذا أهم أهداف المشتركة في البرلمان والميدان. حتى يكون التقييم سليما ينبغي أن يتم عبر نظارة تاريخية واسعة.

قوة المشتركة

 في حالتنا  ولدى أقليات قومية في العالم الطريق النضالية من أجل التغيير والحصول على الحقوق  رحلة جبلية طويلة، و"المشتركة" تيسّر وتنجع المسير فيها. لم يبدأ الصراع مع الصهيونية قبل عامين ولن ينتهي بعد عشر سنوات ولا مجال إلا لمراكمة المكاسب  بجهد جماعي يجمع الحق والحكمة بالقول والفعل حتى نصبح يوما ما نريد مدنيا وقوميا. بـ"المشتركة" ينقل المجتمع العربي نفسه من الهامش للمركز في وعيه ووعي الآخر بشكل غير مسبوق. كما تدفع نحو ستكمل تنظيم نفسه كجماعة قومية وبناء مؤسساتها الوطنية وتعزيز مناعتها في وجه تحديات  الجبهة الداخلية ولذا فهي  تستحق السهر والتحمل والتعاون. ربما  تكمن منفعة "المشتركة" الأهم بتأثيرها على وعينا ووعيهم وبكونها رافعة خطيرة لبداية تغيير حقيقي وتدريجي على الطابع اليهودي للدولة وهذا ما أثار جنون أوساط إسرائيلية كثيرة. "المشتركة" بداية ناجحة لبناء كينونة سياسية أكثر هيبة وجدوى في الكنيست وخارجه وفشل التجربة هذه سيصيب العمل السياسي العربي بجراح خطيرة.

انسجام داخلي

يتوقف  تثبيت تجربة "المشتركة" وتعزيزها على قدرة واستعداد القيادات لتغليب الوطن على الحزبية والنجومية الشخصية وتطوير آليات لإدارة الاختلافات. تحتاج المشتركة لترتيب أوراقها الداخلية  وبلورة خطة للعمل تستشرف ما ينتظرها من  خلافات، تحديات ومعيقات. اطلعت على تجربة الانتخابات عن قرب وشهدت إمكانيات العمل المشترك وتكامل الأدوار والتحلي بالمسؤولية  ويمكن ترسيخ ثقافة  العمل المشترك  بالحوار وببناء  الثقة وعلاقات واجتماعية تساعد في التفوق على الغيرة الشخصية وبإدارة الاختلاف. ويعتبر المنتخب الأول للمشتركة المحامي أيمن عودة واحدا من بين زملاء متساوين لكن صدارته للقائمة وتركيز الإعلام عليه بالذات يحمله مسؤولية أكبر منهم. بعض أوساط الجبهة ما زالت غير راضية حتى الآن من أيمن عودة بدوافع مختلفة قبل الانتخابات وبعدها وهذا بخلاف الماضي بات معلنا. كما يخطئ عودة إن لم يتنبه لخطورة الانبهار بالإعلام  والإفراط بتعاطيها ولمكائد الصحافة الإسرائيلية ولعبها على أوتار داخلية حساسة. مثلما عليه بالحذر من رهان مفرط على الشارع الإسرائيلي ومن اختلال الموازنة بين جمهوره العربي وبين الإسرائيليين فمارتن لوثر كينغ بلور السود من خلفه قبل حملته الشجاعة للتأثير على البيض. وداخل المشتركة  تشكو بعض الأوساط من قلة تنسيق وتغييب تضاف لتحديات خارجية، فيما يخشى بعضها الآخر من هبوط معين بنجوميته عقب سطوع نجم جديد، وبكل الأحوال ينبغي التفاهم على ذلك وعلى مهام مركباتها بهدوء ومسؤولية وأخوية وبمشاركة رؤساء الأحزاب ولجنة الوفاق.

رسائل للقيادات

المجتمع العربي بعث هذه المرة وفق مؤشرات كثيرة قبيل وخلال يوم الانتخابات عدة رسائل للفعاليات السياسية، أبرزها أنه يريد عملا سياسيا حقيقيا مجديا يخفف أعباء معيشته وتحسين رفاهيته، يتقن الموازنة بين الوطن والمواطنة بعيدا عن الصراخ والمسرحيات. المجتمع العربي سئم السياسة التقليدية، فاض به وملّ قيادات تعبد  ذواتها تتخاصم  على مذبح "الأنا". لم تعد تنطلي على المجتمع العربي الألعاب البهلوانية  بالكنيست و الإعلام مثلما يرفض تصريحات  تصب الزيت على النار تعود عليه كيدا مرتدا.

إن المحافظة على طريق المشتركة وتطويرها ينسجم مع التغيير السياسي المنشود فالشعب هذه المرة يعرف ما يريد وقد منح فرصة للمشتركة لطرح سياسة جديدة.

(يتبع)

التعليقات