28/09/2015 - 16:45

ملاحظات حول الإضراب والاتفاق.../ رائف زريق

ياب الشفافية قد يكون دفيئة للفساد، هناك الكثير من المدارس والأساتذة المتفانين في عملهم التربوي والأكاديمي، ومعظم المدارس تدار ماليًا بشكل سليم، حسب اعتقادي. لكن، فضيحة معاش مدير كلية الجليل المسيحية في عيلبون، وهي المدرسة التي تخرجت منها.

ملاحظات حول الإضراب والاتفاق.../ رائف زريق

أوّلا: بات واضحًا أنّ هناك ثلاثة لاعبين لهم مصالحهم الخاصة والمنفصلة: الوزارة من ناحية، الأهل والطلاب من ناحية أخرى، والمؤسسة الكنسيّة من ناحية ثالثة.

أحيانا، تلتقي مصالح الأهل والطلاب مع المؤسسة الكنسيّة في مواجهه الوزارة، وأحيانا أخرى تلتقي مصالح المؤسسة الكنسيّة مع الوزارة في مواجهة الأهالي والطلاب. للوزارة، كما للمؤسسة، مصلحة في عدم مشاركة الأهل الفعالة، وعدم دمقرطة المدرسة. لكليهما مصلحة بعدم الشفافية، لكليهما مصلحة بالحفاظ على صفة دينية بارزة توحي بالتفرّد المسيحي. وعليه، لن يأتي الأمر مفاجئًا إذا عارض كلاهما وجود تمثيل حقيقي ومركزي للأهالي في لجنة الفحص.

ثانيًا: غياب الشفافية قد يكون دفيئة للفساد، هناك الكثير من المدارس والأساتذة المتفانين في عملهم التربوي والأكاديمي، ومعظم المدارس تدار ماليًا بشكل سليم، حسب اعتقادي. لكن، فضيحة معاش مدير كلية الجليل المسيحية في عيلبون، وهي المدرسة التي تخرجت منها، الذي يتقاضى أكثر من سبعمائة وخمسين ألف شيكل سنويا، قد تكون مجرد حالة واحدة من بين حالات أخرى لم نسمع أخبارها.

المحزن في حالة مدير مدرسة عيلبون أنّ درجة اللامبالاة أو اليأس وخفض التوقعات، قد وصلت إلى نقطة لم يعد خبرٌ كهذا يثير الاستغراب أو يدعو للتحرك، أو حتى للخجل.

ثالثًا: إن نص الاتفاق الذي يقضي بتحويل المبلغ إلى 'الطائفة المسيحية' يحمل دلالات كثيرة. بالإضافة إلى أنه يكرّس لغة طائفية، فإن تحويل المبالغ للمؤسسة الكنسيّة أوّلا، ومنها للمدارس، أي عدم تحويلها مباشرة للمدارس، يعني أيضًا تقوية المؤسسة الكنسيّة في علاقتها بإدارات المدارس. بهذا المعنى، فإن المؤسسة الكنسيّة تلتقي مع الوزارة، أو فلنقل تستقوي بها في علاقتها بالمدارس. للتوضيح، يجب القول إنه يحق لهذه المدارس أن تُبقي على جانب روحي يميزها، لكن المدرسة ليست كنيسة.

رابعًا: لقد آن وقت الحديث بصوت عال، وبدون تأتأة وبصراحة، عن عامل الخوف لدى الكثير من الأهل. العديدون لا يجرؤون على التفوه بكلمة نقد خوفا من أن تقوم المدرسة 'بالانتقام' من أولادهم. هذا كلام يتردّد بين الأهل الذين يشعرون أن لا حول لهم ولا قوة. وحين يتجرأون على إبداء رأيهم أو معارضتهم، أو حتى التعبير عن شعورهم بالقلق حيال صعوبات تواجه أبناءهم، يتلقون الجواب جاهزًا لدى بعض الإدارات: 'مش عاجبك اترك' أو 'يمكن محلّ ابنك أو بنتك مش بالمدرسة عنا'. حالة تربوية كهذه لا يمكن أن تستمر، بالأساس لأنها غير تربوية. قد يكون مرد إجابات كهذه هو الموقف الذي تبثّه العديد من المدارس الأهلية للأهل (أشكر ربّك إنّه ابنك/بنتك موجود في مدرستنا). وهذا يفتح بابًا لنقاش موضوعي، متأمّل وصريح ومهمّ جدًا حول صورة هذه المدارس الخاصّة. بماذا تتفرّد، ولماذا هي خاصّة؟  يستطيع بعض الأشخاص في المدرسة أن يقطعوا الطّريق أمام الأهل أو أن يصدّوهم، لكنّ موقف موحّد من الأهل في هذا السياق كفيل بتجاوز هذا المزيج من الخوف واللامبالاة.

خامسًا: خلال الشهر الأخير اكتشف الأهل بعضهم واكتشفوا قوتهم ودورهم وقدراتهم. إلا أن ذلك كله مرشح للتّبخر والتّبعثر بسرعة فائقة إذا لم تجرِ، وبسرعة، مأسسة هذه الحالة. هذه المأسسة تحتاج إلى ثلاثة عوامل: الأول لجان أهل في كل مدرسة، والثاني لجنة قطريّة تمثّل أهل الطلاب في المدارس الأهليّة، وثالثًا تمثيل مركزيّ للجنة الأهل في اللّجنة التي جرى الإعلان عن أقامتها لبحث مستقبل هذه المدارس، بمشاركة الوزارة. لا قوام لكل ما سبق، بدون عريضة تجمع التواقيع بهدف إقامة لجان أهل مدرسية ولجنة تمثيليّة قطرية. عريضة كهذه هي حلقه الوصل بين مجرد التعبير عن الرأي، وبين بداية لعمل ذي هدف واضح ومحدد وقابل للإنجاز.

التعليقات