10/10/2015 - 19:50

عن اللجان الشعبية وأم الفحم بالذات/ ممدوح إغبارية

بدأت تجارب العمل الوحدوي الشعبي عن طريق اللجان الشعبية في أم الفحم منذ عقود ولست في صدد تأريخ التجربة الفحماوية.

عن اللجان الشعبية وأم الفحم بالذات/ ممدوح إغبارية

بدأت تجارب العمل الوحدوي الشعبي عن طريق اللجان الشعبية في أم الفحم منذ عقود ولست في صدد تأريخ التجربة الفحماوية.

لا يسعنا في هذا السياق إلا أن نشكر المؤسسين الأوائل للعمل الوطني الشعبي الوحدوي كافة وهم كثر ولا يتسع مقال رأي لإحصائهم.

هم الذين أثروا على مناحي الحياة في أم الفحم في القديم والحديث وجعلوها 'الاسم الحركي لفلسطين'، من الذين كانت لهم بصماتهم الطيبة في رفعة الوعي الوطني لبلدٍ قدمت 3 شهداء في هبة القدس والأقصى وساهمت وكانت في طليعة الحراك الوطني ضد الاحتلال والعنصرية، لتكون في مصاف المدن المتصالحة مع هويتها الفلسطينية العربية وعمقها الحضاري الإسلامي.

بعد أن شارك الآلاف في نشاط اللجنة الشعبية مؤخرا، خصوصا أمس الجمعة في مظاهرة نصرة القدس والاقصى، تستحق اللجنة الشعبية في أم الفحم التي تشكلت قبل عام تقريبا برئاسة السيد مريد فريد والتي ينضوي تحت سقفها كل الأحزاب السياسية ومؤسسة البلدية والقوى المحلية الوطنية، التوقف عندها وتعريفها ومناقشة دورها المطلوب والمتوقع سياسيا واجتماعيا وأهمية وجودها كجسم تمثيلي جامع. اللجنة الشعبية هي مؤسسة فلسطينية فحماوية، تعمل عبر إطار جامع للقوى الفاعلة لأجل مصلحة شعبنا الفحماوي والفلسطيني، يُذكر في هذا الصدد وبحسب اتفاق القوى المكونة للجنة الشعبية فأنهم يجمعون على أن أساس عمل اللجنة الشعبية يقوم على العمل الديمقراطي والشفافية المطلقة، بحيث يتم التكليف برئاسة اللجنة مناوبة بين أعضاء اللجنة الشعبية ويتسلم الرئاسة 'حزب' آخر كل سنة، وتقوم اللجنة بمهام عدة أبرزها ملف هدم البيوت، وإحياء المناسبات الوطنية، وملف توحيد الصفوف والكلمة، وملف الالتحام مع قضايا شعبنا المشتعلة. تتميز اللجنة الشعبية بأنها من المفروض أن تكون مختلطة الأدوار حيث تلعب دور اجتماعي ودور خدماتي ودور سياسي مما يعطيها مرونة في الحركة ويزيد من مسؤوليتها.

كما تتميز بأنها لم تؤسس بمبادرة سلطوية وتستمد شرعيتها من الجماهير والأحزاب التي تمثلها. هنا وجب الإشارة إلى مهام اللجنة الشعبية لضمان ديمومتها. على اللجنة الشعبية دائما تغيير وتطوير أدوارها المختلفة بما يحقق لها الاستمرارية.

كما عليها خلق قناة تواصل مفتوحة مع الجماهير (ممكن صفحة فيس بوك ومنتديات مشتركة) كشكل من أشكال المشاركة الشعبية.

كما عليها التأكيد دوما بأنها ليست بديل للسلطة المحلية لكنها رقيب على وشريك مع السلطة المحلية. إضافة إلى ذلك، عليها الحفاظ على القدرة على طرح وتنفيذ المبادرات الشعبية الصادرة من الناس وليس فقط من أعضاء اللجنة لتوظف مكمن قوتها الأساسي بسهولة الاتصال والتواصل بقطاعات عريضة من الجماهير صاحبة الشأن.

على اللجنة الشعبية أن تحرض على الالتصاق بالهم الفحماوي والتعبير عن النبض الشعبي بشكل دينامي تؤثر وتتأثر في ومن الناس. إن نجاح اللجنة الشعبية بتسويق نفسها كهيئة قيادية في مجتمعنا المحلي يعتمد على مبدأ القيادة الحكيمة والشجاعة والجماعية والمسؤولة للجنة والإعداد الجيد وتنظيمها على المستوى التنسيقي والإعلامي والجماهيري. إن قيادة اللجنة الشعبية مطالبة بالتماهي مع نقاط التقاطع العديدة التي تجمعنا كفلسطينيين عرب تهمنا مدينتنا أم الفحم. وعليها أي الأحزاب والقيادات السياسية في اللجنة اعتماد التلاقي والبحث عن المشترك والعمل على إبراز الهوية الوحدوية الجماعية للجنة لتعبر عن تطلعات أهلنا المتعطشون لأداء وحدوي مسؤول يعبر عن الجميع في أم الفحم.

المطلوب الآن لجنة شعبية تتشابك فيها الإمكانيات والقدرات من خلال استيعاب التميز الفردي لكل حزب وفرد وصهر كافة الأعمال في بوتقة العمل الجماعي الذي يقود في النهاية إلى تطوير المجتمعات وبنائها بناءً سليماً من الناحيتين الاجتماعية والسياسية واللجنة الشعبية مدخل مركزي لهذه الطريق. مطالبة اللجنة الشعبية في أم الفحم بالحفاظ على الإرث الفلسطيني المقرون بإقامة اللجان الشعبية لما تحمله التسمية من دلالات ثقافية وسياسية مرتبطة بالتاريخ السياسي والنضالي. فإن تعبير اللجان الشعبية يشير إلى توجه الشعب إلى الحكم الذاتي كردة فعل وطنية لدولة الاحتلال وأجهزتها الإدارية والشرطية. كذلك حمل المفهوم دلالات مرتبطة بالنضال المباشر ضد الاحتلال من خلال تنظيم المظاهرات والاعتصامات وتنفيذ قرارات القيادة السياسية الموحدة مثل لجنة المتابعة أو منظمة التحرير.ن

اللجنة الشعبية مطالبة في ظل غياب المأسسة والتمويل الدائم إقامة جسم أصدقاء للجنة الشعبية مكون من رجال أعمال من المدينة يقوم على تمويلها دون التدخل في قرارتها السياسية. كما أنها مطالبة في ظل عدم وجود قانون ينظم عملها وافتقادها للشرعية القانونية واعتمادها على الشرعية الشعبية المستمدة من حجم تأييدها الشعبي والتفاف الناس حولها ودعم حركتها إقرار دستور توافقي ينظم العمل فيها ويحدد رؤيتها. كما على اللجنة الشعبية أن تطرح في اعتقادي عن رؤية سياسية مستقبلية محددة وصياغتها من خلال عقد لقاءات ومنتديات حوارية مع جميع الهيئات والقطاعات المختلفة في أم الفحم للخروج برؤية مستقبلية للجنة وتطلعاتها تعبر عن أغلب المواطنين في أم الفحم لترغم المتغاضين عن دورها وموقعها الاعتراف بها، كما أن وجود رؤية واضحة من شأنه تعزيز الالتفاف الجماهيري، لأن الناس تلتف وتتجند حول المطالب الواضحة والرؤية الثاقبة المبسطة.

يقع ضمن مسؤولية اللجنة الشعبية أيضا صناعة الوعي المتصالح مع فلسطينيته والانتماء العروبي والإسلامي والإنساني. وهذا الوعي بحاجة لإعلام شعبي وخطاب سياسي واجتماعي طلائعي تقدمي يراعي عمقنا العربي والإسلامي، لأن اللغة والمصطلحات المنتقاة تصنع الواقع وتوثق التاريخ وتحدد المستقبل. المواجهة على الوعي اليوم لا تحتاج مهادنات ومراوغات ومجاملات ، بل هي معركة تحتاج جرأة ومواجهة ومسؤولية رافضة لكل محاولات التقسيم والتمويه والتدليس وصناعة القيادات البديلة المتواطئة، مواجهة لكل محاولات الشرذمة والتقسيم، مواجهة لكل محاولات قلب المفاهيم وتمييع الهوية، عبر خطاب سياسي واجتماعي تغذيه اللجنة الشعبية بما يكرس حالة الوحدة النضالية والعزة القومية بأدوات عصرية قادرة على المواجهة وتبيان الحقيقة لصناعة الوعي الحقيقي غير المزيف.

تتراجع المكانة القيادية لأم الفحم في لجنة المتابعة ولجنة رؤساء السلطات المحلية بسبب ممارسات القيادة المحلية، وهذه حقيقة لا يتناطح عليها عنزان، وعلى سبيل المثال وليس الحصر متى كانت آخر مرة استضافت فيها أم الفحم فعالية قطرية بيوم الأرض أو النكبة أو ذكرى هبة القدس والأقصى أو تضامنا مع قضايا ملحة والإجابة منذ زمن لم يحصل ذلك.

عدا عن الصدام المخجل الذي قاده بعض أعضاء البلدية ضد الحراك الشبابي في مظاهرة التضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام في العام الماضي عندما اتهموهم بالمسؤولية عن التصعيد وافساد النظام. من هنا أقول دأبت جارتنا العجوز على القول اذا 'شتت عبلاد بشروا بلاد'.

وإقامة لجنة شعبية في أم الفحم يجب أن ينعكس على كل بلدان المثلث على الأقل بإقامة لجان شعبية وطنية شبيهة بأم الفحم وعلى اللجنة الشعبية في أم الفحم وأعضائها ورئيسها أن يكون لهم دور في ذلك مما شأنه تشكيل استعادة للدور الريادي والطلائعي لمدينة أم الفحم، نحو حلم كبير لم تتضح ملامحه بعد يقع في صلبه مؤتمر اللجان الشعبية الفلسطينية في الداخل. أخيرا: أخوتي في اللجنة الشعبية وكوادر القوى الفاعلة المشكلة للجنة الشعبية في أم الفحم.

هناك مراحل في حياة الشعوب أكثر ما تطلبه هو التوافق ووحدة الصف. ولعل الآن في هذه اللحظات في ظل تعاظم الظلم الإسرائيلي هي لحظات من هذا النوع. إن الأحزاب الفلسطينية المختلفة مطالبة بشكل أساسي الآن بتغليب الأولويات، وليس ثمة أولوية الآن أكثر من مواجهة العنصرية والأبرتهايد والمعيقات الداخلية بصف موحد. *عضو اللجنة الشعبية – أم الفحم.

التعليقات