04/01/2016 - 16:27

العمليات وعودة إلى "عهد الاستنكارات”/ سليمان أبو إرشيد

لماذا يجب أن نجدد “الولاء والبيعة” لإسرائيل كل ستة أشهر، ونجحنا، وها هو البعض يعود بنا القهقري إلى عهد اعتقدنا أنه مضى وانقضى.

العمليات وعودة إلى "عهد الاستنكارات”/ سليمان أبو إرشيد

لا يحتاج اليمين الإسرائيلي وعلى رأسه بنيامين نتنياهو إلى ذرائع على غرار ما أطلق عليها “عملية تل أبيب” لكي يحرض على العرب في إسرائيل، فقد سبق وحرض علينا أيضا عندما “هرعنا إلى صناديق الاقتراع” لممارسة 'مواطنتنا الإسرائيلية'، بعد أن تجاوزت الأحزاب العربية الحاجز الذي وضعه أمامها هذا اليمين سعيا إلى دفعها خارج اللعبة البرلمانية من خلال رفع نسبة الحسم.

اليمين لا يريد أن يرانا مشاركين متساوين في اللعبة السياسية الإسرائيلية، وهو يسعى جاهدا وبنجاح في سبيل ذلك إلى نزع الشرعية عن أصواتنا وأحزابنا المشاركة في الكنيست وتحييد تأثيرها على القرار السياسي، وفي هذا السياق نجح اليمين في تحويل ما كان يعرف بمعسكر السلام والذي كانت تنضوي تحته، بشكل أو بآخر الأحزاب العربية إلى 'المعسكر الصهيوني' الذي لم يتجرأ حتى مجرد التلويح بجسم برلماني مانع يشارك فيه العرب، وأعطى غطاء لحكومة المستوطنين التي يرأسها نتنياهو في مختلف القضايا التي تخصنا وتخص القضية الفلسطينية، وآخرها الإعدامات الميدانية للأطفال الفلسطينيين على الحواجز وفي الشوارع وإخراج الحركة الإسلامية عن القانون الإسرائيلي.

لم يكتف رئيس المعسكر الصهيوني يتسحاق هرتسوغ بمباركة قرار نتنياهو بإخراج الشق الشمالي للحركة الإسلامية عن القانون، بل أنحى عليه باللائمة لأنه لم يفعل ذلك منذ وقت طويل، كما أننا لم نسمع صرخة هذا المعسكر لدى إحراق عائلة الدوابشة من قبل المستوطنين وكذلك عندما تم إحراق الطفل محمد أبو خضير حيا. 

انهم يدفعوننا إلى خارج الملعب الإسرائيلي عبر نزع الشرعية ورفع نسبة الحسم وقمع حرية العمل السياسي وحرية التعبير عن الرأي، من خلال إخراج الحركة الإسلامية عن القانون والتلويح بإخراج التجمع واعتقال نشطاء بسبب كتابات على الفيسبوك، يفعلون ذلك ثم يستغربون إذا ما انتقلنا أو انتقل أحدنا الى الملعب الفلسطيني وحتى هناك يسارعون إلى محاسبتنا جميعا عندما تحدث عملية فردية في نطاق الانتفاضة التي يصفها المحللون والمعلقون الإسرائيليون أنفسهم بـأنها 'انتفاضة الفرادى'.

انتفاضة يجمع المحللون والمعلقون الاسرائيليون بأن العمليات التي تجري في نطاقها غير مخططة، ومنفذوها لا يتبعون لأي تنظيم فلسطيني، ويذهبون إلى وصفها بأنها انتفاضة يتيمة لا يسارع أي تنظيم فلسطيني بما فيها حماس بتبنيها، ومن جهتها لا تسارع إسرائيل، كما كانت تفعل دائما، على تحميل مسؤولية هذه العمليات للسلطة الفلسطينية أو حتى لحركة حماس ومحاسبتهما على ذلك، فلماذا يجب أن يتحمل أعضاء الكنيست العرب أو لجنة المتابعة مسؤولية إحدى عملياتها، إن صح التوصيف.

ولماذا يجب علينا الرضوخ لإنذار نتنياهو المكلل بالتحريض والتهديد والمسارعة بالاستنكار والاستغفار وكأننا متهمون جميعا ومطلوب منا، ليس فقط تبرئة ساحتنا بل تجديد الولاء بعد كل عملية فردية من هذا النوع، لماذا لا نضع مثل هذه العملية في سياقها الفردي، خاصة وأن الجميع يعرف أن منفذها قد حاول في السابق الانتقام لمقتل ابن عمه، الذي قتل بدم بارد برصاص الشرطة الإسرائيلية ثم تواطأ القضاء و'ماحاش' في تبرئة الشرطي الذي اتهم بالقتل، خصوصا وأن دوافع العملية ما زالت غير معروفة وحتى نتنياهو لم يصفها بالعملية 'التخريبية' كما يدرجون على وصف العمليات التي تجري على خلفية قومية ولم يصف منفذها بـ'المخرب' كما جرت العادة على وصف الفدائيين الفلسطينيين، في حين يحقق 'الشاباك' والشرطة الإسرائيلية في كل الاتجاهات، خاصة وأنه لم يتم إلقاء القبض بعد على منفذ العملية وربما يتبين لاحقا أن الموضوع كله قد يكون على خلفية شخصية او جنائية.

رئيس القائمة المشتركة، أيمن عودة، بتصريحه التلفزيوني، إلى بيان لجنة المتابعة برئاسة محمد بركة، هما من يقدما هدية لنتنياهو، وليس منفذ العملية، وذلك عبر التنصل باسمنا من ذنب لم نفعله واستنكار جرم لم نرتكبه لمجرد أن الأخير هدد وتوعد وحرض وهم يعودون بنا، مرة أخرى، إلى عهد بائد من المشاركات في العزاء والاستنكارات كنا قد اعتقدنا أننا تجاوزناه بالتماسك والثقة بالنفس وبالنهج السياسي لجماهيرنا الذي لا تهزه عملية فردية هنا او تحريض لمسؤول إسرائيلي هناك. 

على مدى سنوات نجحنا في مواجهة مطالب الاستنكار بالسؤال الاستنكاري، ولماذا يجب أن نستنكر؟ ولماذا نوضع جميعنا في قفص الاتهام بعد كل عملية من هذا القبيل؟ ولماذا يجب أن نجدد “الولاء والبيعة” لإسرائيل كل ستة أشهر، ونجحنا، وها هو البعض يعود بنا القهقري إلى عهد اعتقدنا أنه مضى وانقضى.   

التعليقات