25/01/2016 - 11:50

في ذكرى يناير: هشّك بشّك وأفراح

تبدو السَّهوَكَةُ عنوان المرحلة في مصر، ولا أقصد هنا الرقص أمام اللجان الانتخابيّة أو تدنّي المستوى الأخلاقي في الإعلام المصري، الذي لا يمكن أخذه على محمل الجد، حتّى في أبهى عصور مصر الحديثة، ولا أقصد، أيضًا، تراجع الإنتاج الأدبي المصري.

في ذكرى يناير: هشّك بشّك وأفراح

تبدو السَّهوَكَةُ عنوان المرحلة في مصر، ولا أقصد هنا الرقص أمام اللجان الانتخابيّة أو تدنّي المستوى الأخلاقي في الإعلام المصري، الذي لا يمكن أخذه على محمل الجد، حتّى في أبهى عصور مصر الحديثة، ولا أقصد، أيضًا، تراجع الإنتاج الأدبي المصري ولهاث المثقفين، أو من كنا نحسبهم كذلك، إلى نيل رضا السلطة، حتّى لو أدى ذلك لاختراع مسوّغات، تخالف الأمة والأئمة، في الانبطاح أمام الأفكار الصهيونية حول القدس والترويج لها، بعد إطفاء الصبغة العربية عليها، على اعتبارها حقيقة يرفضها الغالب الأعم من 'المسلمين المغيّبين'، إنما أقصد المؤسسة الأهم في الدولة العربية الأهم: الجيش المصري.

أذكر، على صغر سنّي ووهن ذاكرتي، ما طالعتنا به إحدى الصحف الغربية، عن أن عقيدة الجيش المصري، رغم أكثر من عقدين على كامب دافيد، لا زالت هي هي 'إسرائيل هي العدو الفعلي لمصر والعرب'؛ ولأنّني كما أسلفت، كنت صغير السنّ، سَرَت في ضلوعي، مع موجة الغبطة التي اجتاحت العالم العربي من المحيط إلى الخليج مع سقوط نظام حسني مبارك، شحنات من الأمل بقلب كفّة الميزان في الشرق الأوسط، لصالح العرب، إذ اعتقدت أننا أمام جيش مجهّز بأفضل العتاد العسكري واللوجستي، والظهير الشعبي المساند له، بعقيدته التي لا زالت تكن العداء لإسرائيل، تحت ضمانة 'الشعب ساند الجيش في ثورة 52، والجيش ساند الشعب في ثورة 2011'.

ولن أتطرق أيضًا، للفترة الانتقالية التي سبقت تولي مرسي الحكم، ولو شكليًا، إنما سأتطرق لرئيس الاستخبارات العسكرية للجيش المصري، الرئيس لاحقًا، عبد الفتاح السيسي، فلا داعي لذكاء خارق للناظر للسيسي، كي يستنتج ضحالة تفكير السيسي، ومحدودية قدراته العقلية واللغوية، وفشله الذريع بإكمال حتى جملة واحدة، بالعربية طبعًا، فلا نتوقع منه، رغم أنه خريّج إحدى الكليات الأميركية، أن يقدّم نفسه بالإنجليزية؛ رغم حساسيّة منصبه، رئيسًا للاستخبارات في أهم جيش عربي.

ولا تقتصر حالة الهشّك بشّك على التعبير اللغوي، فالمطلوب من العسكريّ لا أن يكون بليغًا أو ضليعًا في اللغة، إنما أن يكون ضليعًا في التسليح ووضع الخطط العسكرية، وهذا أيضًا، ما لا يتوفّر في من نعرفهم من ضبّاط الجيش المصري، فلا زال شريط الفيديو الذي يظهر فيه مدير كلية الضباط في الجيش المصري، أحمد الهياتمي، يلقى سخرية كل من شاهده، حين قال إن الرياح الشمالية الغربية ستمنع أيّة صواريخ إسرائيلية من السقوط في مصر، وهو قول، لو تعلمون، خطير!

لو لم يكن لثورة يناير سوى أنها كشفت ضبّاط الهشّك بشّك وجشعهم في الجيش المصري لكفت، وليتهم، كفونا، دماء الشهداء التي سالت في الأزقة والشوارع، والفرحة التي عمّت قلوبنا بحلم استرداد مصر... ليتهم.

التعليقات